قمة الدوحة.. لماذا استبعد خيار تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

الدوحة– أثارت تصريحات الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي بأن الظروف الآن غير مواتية لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية؛ لإشارته إلى أن الدول العربية ليس لديها "تعريف لعدو مشترك يتم تفعيل هذه الاتفاقية ضده" حسب تصريح المسؤول العربي.

فاتفاقية الدفاع العربي المشترك، التي وقعت قبل عقود لتكون مظلة أمنية جماعية، لم تفعل في محطات مفصلية سابقة، ولا تبدو الظروف الراهنة أكثر مواءمة لإحيائها، وفقا للأمين العام المساعد للجامعة العربية.

تزامنت تصريحات زكي مع مشاركته في القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، التي تعقد اليوم الاثنين لبحث الرد المناسب على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مقرات سكنية لعدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطر يوم التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري.

تحديات كبيرة

وفي تصريح للجزيرة نت، قال الصحفي المصري عزت إبراهيم، رئيس تحرير الأهرام ويكلي، إن التجارب السابقة أثبتت أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك، رغم قيمتها الرمزية والتاريخية، واجهت تحديات كبيرة حالت دون تطبيقها الفعلي، بسبب تباين أولويات الدول العربية وتعقيدات المشهد الإقليمي والدولي.

واعتبر إبراهيم أن اللحظة الراهنة تعيد طرح الحاجة إلى تطوير منظومة العمل العربي المشترك بما يتناسب مع طبيعة التهديدات الجديدة، وبما يرسخ فكرة الأمن الجماعي على أسس واقعية قابلة للتنفيذ، مع الحفاظ على قنوات التنسيق الدبلوماسي المفتوحة لضمان وحدة الموقف وتماسكه.

**داخلية** عزت إبراهيم: تحديات كبيرة أمام تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك
عزت إبراهيم: تحديات كبيرة أمام تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك (الجزيرة)

وحدة الصف

ويعتقد إبراهيم أن مسودة البيان خطوة مهمة على طريق الحفاظ على وحدة الصف، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن نجاح هذه المواقف يتطلب الانتقال من مستوى البيانات السياسية إلى خطوات عملية مدروسة، سواء عبر استخدام أوراق الضغط الاقتصادية والتجارية أو عبر تفعيل قنوات التأثير داخل المؤسسات الدولية.

إعلان

ويشير إلى أن القمة العربية الإسلامية بالدوحة توجه رسالة قوية بترسيخ مركزية القضية الفلسطينية، ورفض جميع محاولات فرض الأمر الواقع عبر الضم أو التهجير، مشيدا في الوقت ذاته بالموقف القطري المتزن الذي تعامل مع الأزمة وفق قواعد القانون الدولي، وبمسؤولية دبلوماسية عالية في ظل دعم عربي كبير.

ماجد الجبارة: الواقع الإقليمي والدولي يجعل الظروف الحالية غير مواتية لتفعيل الاتفاقية
ماجد الجبارة: الواقع الإقليمي والدولي يجعل الظروف الحالية غير مواتية لتفعيل الاتفاقية (الجزيرة)

الواقع غير موات

بدوره، قال مدير تحرير جريدة "الراية" القطرية ماجد الجبارة للجزيرة نت إن اتفاقية الدفاع العربي المشترك من الناحية النظرية تمثل أحد أهم ركائز منظومة الأمن القومي العربي، حيث تنص بوضوح على مبدأ الدفاع الجماعي ضد أي اعتداء خارجي، غير أن الواقع الإقليمي والدولي يجعل الظروف الحالية غير مواتية لتفعيل هذه الاتفاقية بالشكل العملي الذي نصت عليه.

وأول هذه العوائق، وفق الجبارة، هو حالة عدم التوافق السياسي بين الدول العربية، حيث تتباين المواقف تجاه ملفات إقليمية كبرى، مما يضعف فكرة القرار الجماعي الموحد.

وثانيا -حسب المتحدث نفسه- هناك تفاوت كبير في القدرات العسكرية والاقتصادية للدول العربية، وهو ما يجعل بعض الأطراف تتحفظ على الدخول في التزامات قد تفوق إمكاناتها، أو تجرها إلى صراعات ليست جزءا من أولوياتها.

ولا يمكن تجاهل حجم الارتباطات الإستراتيجية -وفق تصريح الجبارة- التي تربط كثيرا من العواصم العربية بالقوى الدولية الكبرى، سواء في مجالات السلاح أو الطاقة أو الاقتصاد، وهذه العلاقات المعقدة تجعل من الصعب التحرك ضمن إطار عربي مستقل بعيدا عن حسابات الحلفاء الدوليين، خصوصا في ظل حساسية الموقف مع الولايات المتحدة وأوروبا.

وأوضح أن مسودة البيان تشدد على أن العدوان الإسرائيلي على قطر لا ينظر إليه كحادثة معزولة، بل كاختبار مباشر لقدرة الأمة على حماية أعضائها والدفاع عن وحدة صفها، وهذا تأكيد أن قطر ليست وحدها، وأن أمنها جزء لا يتجزأ من الأمن العربي والإسلامي.

وأشار مدير تحرير جريدة "الراية" إلى أن هذه القمة وضعت الجميع أمام اختبار واضح، إما أن يكون البيان بداية مرحلة جديدة من الفعل العربي والإسلامي المشترك، أو أن ينضم إلى أرشيف طويل من البيانات التي لم تغير شيئا في الواقع، حيث أثبت العدوان على قطر أن التضامن لم يعد خيارا، بل أصبح ضرورة وجودية.

أسامة السعيد: تفعيل الاتفاقية قضية تتقاطع فيها السياسة الداخلية العربية مع التحولات الكبرى (الجزيرة)
أسامة السعيد: تفعيل الاتفاقية قضية تتقاطع فيها السياسة الداخلية العربية مع التحولات الكبرى (الجزيرة)

تحولات كبرى

من جهة ثانية، قال رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم" المصرية أسامة السعيد إن تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك اليوم ليس مسألة تقنية أو بروتوكولية فحسب، بل قضية تتقاطع فيها السياسة الداخلية العربية مع التحولات الكبرى في النظام الدولي.

وأضاف أن الاتفاقية وقعت في زمن كانت فيه الوحدة الجماعية والأمن القومي العربي في قلب أولويات الدول، أما اليوم فالكثير من العواصم العربية مرتبطة باتفاقيات أمنية وشراكات إستراتيجية مع قوى دولية وإقليمية، مما يجعل أي تحرك جماعي محكوما بحسابات خارجية.

إعلان

ورغم ذلك، يرى السعيد أن هذا لا يقلل من أهمية الاتفاقية من الناحية الرمزية والسياسية، فهي تظل مظلة تشير إلى وحدة المبدأ، لكنها تواجه صعوبة في التحول إلى أداة تنفيذية فعلية.

وفي هذا السياق، يشير السعيد إلى أن التركيز على التضامن السياسي والدبلوماسي، كما جاء في مسودة البيان الختامي للقمة، يصبح الخيار الأكثر واقعية في الوقت الراهن، فالتحدي اليوم يكمن في قدرة الدول العربية على الموازنة بين التزاماتها الدولية وحاجتها للرد الجماعي، وإعادة النظر في دور الاتفاقية بما يجعلها أكثر من مجرد شعار، ويحولها إلى عنصر فاعل في حماية الأمن العربي المشترك.

وشدد المتحدث نفسه على أن مسودة البيان الختامي عكست إدراكا لهذه الحقائق، إذ ركزت على التضامن السياسي والدبلوماسي، دون التطرق إلى خطوات عسكرية ملزمة، بما يؤكد أن اتفاقية الدفاع المشترك ستظل حاضرة في الخطاب السياسي، لكنها مؤجلة عمليا إلى حين توافر ظروف أكثر ملاءمة.

0 تعليق