برزت سلسلة من التصريحات للرئيس السوري عبر أمام القمة العربية والإسلامية الطارئة المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة هذه التصريحات لا تكتفي بربط جبهة غزة بالاعتداءات المستمرة على سوريا، بل تحمل رسالة دعم لافتة لدولة قطر، وتحذيراً من سابقة استهداف المفاوضين، ودعوة صريحة لجمع الشمل العربي لمواجهة التحديات.
دعم لقطر: وفاء يكسر جليد الخصومة
تُعد الإشارة الصادرة عن دمشق بالوقوف "إلى جانب الأشقاء في دولة قطر وفاءً لها ولعدالة موقفها" هي النقطة الأكثر أهمية استراتيجياً.
يأتي هذا الموقف ليمثل تحولاً كبيراً في مسار العلاقات السورية-القطرية، التي شهدت قطيعة وخصومة عميقة منذ عام 2011. ويمكن قراءة هذه الرسالة من عدة زوايا:
تقدير دور الوساطة: يأتي هذا الدعم في وقت تلعب فيه الدوحة دوراً محورياً وحساساً في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وهو دور يواجه ضغوطاً هائلة.
متغيرات إقليمية: ينسجم هذا الموقف مع موجة المصالحات الإقليمية الأوسع، ورغبة سوريا في إعادة تموضعها كلاعب فاعل في محيطها العربي بعد سنوات من العزلة.
رسالة وفاء: استخدام كلمة "وفاءً" قد يشير إلى مواقف تاريخية أو أدوار إيجابية سابقة لعبتها قطر، وتسعى دمشق لتثمينها في هذا الظرف الدقيق.
وحدة الجبهات وتحذير من الفُرقة
التصريح بأن "العدوان الإسرائيلي على غزة مستمر، ويمارس اعتداءاته على سوريا منذ 9 أشهر" يؤكد على الرؤية السورية القائمة على وحدة الساحات وترابط المصير في مواجهة الخطر المشترك.
وتتعزز هذه الرؤية بالدعوة لجمع الشمل، فالتأكيد على أن "ما اجتمعت أمة ولمّت شملها إلا وقد تعاظمت قوتها"، هو دعوة مباشرة للدول العربية لتجاوز خلافاتها وتوحيد موقفها، وتحذير من أن الفرقة هي السبب المباشر للضعف الذي تعاني منه الأمة.
"يُقتل المفاوض": تحذير من انهيار الدبلوماسية
يحمل تصريح "لمن نوادر التاريخ أن يُقتل المفاوض، ومن سابقة الأفعال أن يُستهدف الوسيط" أبعاداً عميقة، خاصة عند صدوره من شخصية يُحتمل أنها ذات خبرة دبلوماسية طويلة مثل فاروق الشرع. هذا التحذير لا يقتصر على السلامة الجسدية للوسطاء، بل يمتد إلى:
الاغتيال السياسي: استهداف دور الوسيط عبر التشكيك فيه أو رفض جهوده هو بمثابة "قتل" لعملية التفاوض برمتها.
سابقة خطيرة: إن التطبيع مع فكرة استهداف الجهود الدبلوماسية المحايدة يهدد بجعل لغة القوة هي اللغة الوحيدة لحل النزاعات، وهي سابقة كارثية على استقرار المنطقة والعالم.
خلاصة: تمثل هذه التصريحات، إن صحت نسبتها وتوقيتها، خريطة طريق للموقف السوري في المرحلة المقبلة: دعم صريح لجهود الوساطة القطرية، تأكيد على ترابط الأمن القومي السوري بالقضية الفلسطينية، ودعوة ملحة للوحدة العربية كأساس للقوة، مع تحذير شديد اللهجة من أن انهيار مسارات التفاوض سيفتح الباب على المجهول.
0 تعليق