أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون أن المستهدف الحقيقي في "العدوان على الدوحة" هو مفهوم الوساطة ومبدأ الحلول القائمة على الحوار، مشدداً على أن الاعتداء على أي بلد شقيق هو بمثابة اعتداء على لبنان.
وقال الرئيس عون أمام القمة العربية والإسلامية الطارئة المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة: أنا هنا لأقول إن الصورة بعد عدوان الدوحة باتت واضحة، والتحدي المطلوب يجب أن يكون بالوضوح نفسه.
ودعا عون إلى ضرورة بلورة موقف موحد قبيل التوجه إلى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف: لنذهب إلى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بموقف موحد، لنقول للعالم إننا جاهزون للسلام وفقاً لمبادرة السلام العربية التي لاقت تأييداً دولياً واسعاً.
وتاليا نص كلمة الرئيس اللبناني في مؤتمر القمة العربية الإسلامية في قطر:
"أخي سموّ الأمير تميم بن حمد آل ثاني، رئيس دولة قطر الشقيقة،
إخوتي أصحابَ الفخامة والسموِّ والسيادة، رؤساءَ الوفودِ المشاركة في هذه القمة الاستثنائية،
إسمحوا لي أن أخاطبَكم بكلامٍ مباشرٍ ومقتضب. لأنّ الظرفَ والمأساةَ لا يحتملان غيرَ ذلك.
فنحن لم نأتِ إلى هنا لنتضامنَ مع دولةٍ شقيقة.
نحن هنا، باسمِ لبنان، كلِ لبنان، لنتضامنَ فعلاً وعمقاً، مع أنفسِنا
أولاً، لأننا تعلّمنا بالألمِ والدم، أنّ الاعتداءَ على أيِ شقيق، هو اعتداءٌ علينا بالذات.
ثانياً، لأنّ الشقيقَ المعنيَ بالاعتداءِ اليوم، هو قطر. وهي ليست بلداً شقيقاً. ولا بلداً آخر. هي في قلبِ القلب، مكاناً ومكانةً، ودوراً ورسالةً.
أما ثالثاً، فلأنه كما يؤكدُ علمُ مكافحةِ الإرهابِ والجريمةِ المنظمة، ففي أيِ اعتداءٍ إرهابي، لا تكونُ الضحيةُ المباشرة هي الهدف فعلاً. بل مجردَ وسيلة. فيما الهدفُ الحقيقي هو من يكون شاهداً على الاعتداء أو ناجياً منه.
لأنّ الغايةَ المُبيّتة لأيِ عملٍ إرهابي، ليست تصفيةَ الضحية. بل ترهيبُ من يبقى حياً. وتخويفُه وتعطيلُ إرادتِه، ودفعُه إلى ما لا يريدُ فِعلَه.
المستهدف الحقيقي في العداون الأخير على الدوحةِ الحبيبة، لم يكنْ مجموعةَ أشخاص. بل مفهومُ الوساطةِ ومبدأُ الحلولِ بالحوار.
لم يكنْ هدفُ الاعتداء، محاولةَ اغتيالِ مفاوضين. بل تصفيةُ فكرةِ التفاوضِ نفسِها.
ولذلك اختاروا دولةَ قَطَر الشقيقة موقعاً للاعتداء.
لأنها ليست مجرّدَ قُطرٍ. بل قاطرةُ حوارٍ ولقاءٍ وسلام .
وهذه هي القيمُ التي قصدَ العدوانُ اغتيالَها وتصفيتَها.
نعرفُ جميعاً أنّ نُذُراً من ذلك السلوك، نعيشُها كلَ يوم.
بضربِ الأطفالِ الجياعِ في غزة. وقصفِ المدنيين العُزّل في سوريا. واستهدافِ الأبرياءِ في لبنان.
لكنّ الرسالةَ عبرَ الاعتداءِ على قَطر، كانت أكثرَ وضوحاً وسُفوراً.
بناءً عليه، أعتذرُ منك، أخي سمو الأمير تميم، ومنكم إخوتي رؤساءِ الوفود، عن عدمِ تكرارِ مفرداتِ الإدانة ولازماتِ التنديدِ والشجب.
فهذه قد ملأت تاريخَنا وحاضرَنا. حتى باتت تثيرُ السأَمَ في نفوسِ شعوبِنا، أو أكثرَ من السأم.
أنا هنا لأقول، استناداً إلى ما سبق، بأنّ الصورةَ بعد عدوانِ الدوحة، باتت واضحةً جلية.
وأنّ التحدي المطلوبَ رداً عليها، يجب أن يكونَ بالوضوحِ نفسِه.
فنحن بعد أيامٍ على موعدٍ مع الجمعيةِ العمومية للأممِ المتحدة في نيويورك. حيثُ يلتئمُ كلُ العالمِ الساعي إلى السلام.
فلنذهبْ إلى هناك بموقفٍ موحّد، يجسّدُه سؤالٌ واحد:
هل تريد حكومة إسرائيل، أي سلام دائم عادل في منطقتنا؟
إذا كان الجواب نعم، فنحن جاهزون وفقاً لمبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية الشقيقة في قمة بيروت عام 2002 وتبنّتها جامعتنا العربية بالإجماع، وهي تلقى تأييداً دولياً واسعاً بدأ يترجم من خلال اعتراف دول عديدة بدولة فلسطين، وخير دليل على ذلك الإعلان الذي صدر منذ أيام عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة تحت مسمى "إعلان نيويورك" وذلك نتيجة جهد دؤوب من المملكة العربية السعودية الشقيقة، وفرنسا الصديقة، الذي يحدد "خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها" نحو حل الدولتين. ولنجلس فوراً برعاية المنظمة الأممية وكل الساعين إلى السلام، للبحث في مقتضيات تلك الإجابة.
وإذا كان الجوابُ لا، أو نصفَ جوابٍ أو لا جواب، فنحن أيضاً راضون. فندركَ عندها حقيقةَ الأمرِ الواقع. ونبني عليه المقتضى.
علّنا نوقفُ على الأقلّ سلسلةَ الخيبات، حيالَ شعوبِنا وأمامَ التاريخ.
أقولُ هذا، مقروناً بأصدقِ الدعاء، لبلدانِنا وشعوبِنا بكلِ الخيرِ والسلام."
0 تعليق