تأخير الانتخابات البرلمانية السورية بين التحديات اللوجستية والانتقالية - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

دمشق- في سياق المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، أصبحت عملية انتخاب مجلس الشعب الجديد محور نقاشات سياسية واسعة.

وتمثل هذه الانتخابات، التي كانت مقررة بين 15 و20 سبتمبر/أيلول الجاري، خطوة حاسمة نحو بناء مؤسسات انتقالية تمثل الشعب السوري المتنوع. بيد أنها شهدت تأخيرا لبضعة أيام، مما أثار تساؤلات حول أسباب ذلك وتأثيراته. في حين أوضحت اللجنة العليا للانتخابات أنه يعود لأسباب لوجستية بحتة، مع التأكيد على استكمال الاستحقاق قبل نهاية الشهر الحالي.

بدأت العملية مع إصدار الرئيس أحمد الشرع، يوم 13 يونيو/حزيران الماضي، المرسوم رقم (66) الذي شكل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب برئاسة محمد طه الأحمد. ونص على تشكيل المجلس الجديد خلال 60 إلى 90 يوما، باعتماد نظام انتخابي مؤقت وغير مباشر.

" title="مرسوم">

إقبال كبير

ويتكون المجلس من 210 أعضاء، يُعين ثلثهم مباشرة من الرئيس، بينما يُنتخب الباقون عبر هيئات ناخبة تشكلها اللجان الفرعية. وهذا النظام جاء ردا على التحديات اللوجستية، مثل نقص السجلات المدنية الموثوقة بسبب التهجير والتدمير، مما يجعل الانتخابات المباشرة غير ممكنة حاليا.

وفقا للمرسوم رقم (143) لعام 2025، يُشترط في المرشحين أن يكونوا سوريين قبل مايو/أيار 2011، ويفسّر البعض هذا الشرط بهدف استبعاد الأفراد الذين قد يكونون حصلوا على الجنسية السورية لاحقا، لا سيما في سياق التحولات السياسية والنزاعات التي بدأت في البلاد عام 2011.

كما يشترط المرسوم ألا يكونوا مرتبطين بالنظام السابق أو بـ"التنظيمات الإرهابية"، مع تحديد سن 25 عاما كحد أدنى.

وأعلنت اللجنة في التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري الجدول الزمني التفصيلي لهذا السباق كالتالي:

انتهاء استقبال طلبات الترشح في 11 سبتمبر/أيلول الحالي. إرسال القوائم المبدئية في 12 من الشهر نفسه. فتح باب الطعون من 14 إلى 16 من الشهر ذاته. إعلان القوائم النهائية في 18 سبتمبر/أيلول الجاري.

إعلان

ووصف الإقبال على الترشح لعضوية الهيئات الناخبة بالكبير، مما أدى إلى "زيادة العبء" على اللجان الفرعية في دراسة الطلبات والتحقق من الشروط، مما أدى إلى الحاجة لوقت إضافي لضمان الدقة والشفافية، وفق لجنة الانتخابات.

في هذا السياق، توضح اللجنة أنه لا يوجد تأجيل حقيقي بل تأخير لوجستي محدود. وقال المتحدث باسم اللجنة نوار نجمة -للجزيرة نت- "لا يوجد أي تغيير في المواعيد المقررة، فقد وضعنا مواعيد تقريبية لإصدار أسماء الهيئات الناخبة، وبمجرد صدورها بشكل رسمي سيتم وضع جدول زمني كامل للانتخابات".

وأضاف "حددنا أن يتم إصدار الأسماء خلال هذا الأسبوع، ونحن الآن بانتظار إعداد القوائم النهائية. بعد ذلك سيُعلن الجدول الزمني المتعلق بموعد فتح باب الترشح، وانطلاق الحملات الانتخابية، ومواعيد الاقتراع. العملية الانتخابية ستتم قبل نهاية الشهر الحالي ولا يوجد أي تأجيل، إنما هناك تأخير لبضعة أيام فقط نتيجة أمور لوجستية".

تأخير طبيعي

ويرى خبراء أن هذا التأخير ليس استثنائيا في سياق انتقالي معقّد. وقال وائل علوان الباحث في "مركز جسور للدراسات" -للجزيرة نت- إن الحديث عن تأخير انتخابات مجلس الشعب في سوريا ليس دقيقا، موضحا أن الموعد الذي جرى الإعلان عنه سابقا كان مبدئيا أو متوقعا، ولم يكن نهائيا.

وأشار علوان إلى أن العملية الانتخابية تمر بسلسلة من الإجراءات التي تحتاج وقتها الطبيعي، بدءا من دراسة طلبات الترشح والتحقق من استيفاء الشروط المعيارية للمرشحين، مرورا بتشكيل اللجان القانونية والبت في الطعون، ووصولا إلى عمل اللجنة العليا واللجان الفرعية التي استغرقت وقتا في تشكيلها ومباشرة مهامها.

وبرأيه، من الطبيعي أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تمديد الموعد المتوقع للانتخابات حتى نهاية الشهر الحالي، وربما إلى بداية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وأن ذلك لا يعد تأجيلا أو تأخيرا بالمعنى القانوني أو السياسي، وإنما هو نتيجة طبيعية لمسار العملية الانتخابية، يُضاف إلى ذلك أن اللجنة سبق أن أعلنت تأجيلا جزئيا في أغسطس/آب الماضي للانتخابات في الرقة والحسكة والسويداء بسبب الظروف الأمنية.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على أجزاء كبيرة من الرقة والحسكة وسط مفاوضات غير مكتملة مع الحكومة السورية، بينما شهدت السويداء اضطرابات أمنية تدخلت فيها إسرائيل. وأكد نوار نجمة أن هذا التأجيل لا يؤثر على الحصص الانتخابية لهذه المحافظات، التي ستُحفظ حتى تتوفر الظروف الآمنة.

تحديات

ومن وجهة نظر مرشحين، يعكس التأخير مزيجا من الإيجابيات والتحديات. وقالت أحلام العلي المرشحة لعضوية الهيئة الناخبة في إدلب للجزيرة نت "أقدّر الشفافية التي تصر عليها اللجنة في دراسة الطلبات، لكن عدم وجود جدول زمني واضح حتى الآن يعوق التخطيط للحملات الانتخابية. فهي حددت موعدا أوليا بين 15 و20 سبتمبر/أيلول الجاري، غير أن الأمر امتد إلى نهاية الشهر بسبب الإجراءات اللوجستية".

وأضافت "نطالب بإعلان الجدول الدقيق قريبا لنتمكن من التواصل مع الناخبين، فالانتظار يُولد قلقا بين السوريين الذين يأملون في مجلس يعكس تطلعاتهم الانتقالية. هذا التأخير، رغم كونه محدودا، يُذكرنا بتعقيدات المرحلة، لكنه لا يُشكل عائقا إذا أُكملت العملية بشفافية كاملة قبل نهاية الشهر الجاري".

إعلان

وفقا للإعلان الدستوري، سيكون مجلس الشعب الجديد، الذي ستستمر ولايته لـ30 شهرا قابلة للتمديد، السلطة التشريعية حتى اعتماد دستور دائم وانتخابات جديدة. وسيوزع على المحافظات بناء على إحصاء 2011.

ويُعد الإقبال الكبير على الترشح، الذي ذكرته مصادر رسمية، مؤشرا إيجابيا على الرغبة في المشاركة، لكنه يتطلب موارد إضافية لسد تكلفة ذلك، خاصة مع استبعاد الداعمين للنظام السابق.

كما أن الانتخابات غير المباشرة، رغم انتقادها لعدم تمثيليتها الكاملة، تُعد حلا انتقاليا يتجنب الفوضى الناتجة عن نقص البيانات السكانية. ومع ذلك، يحذر مراقبون من أن أي تمديد إضافي قد يُثير شكوكا حول مصداقية العملية.

وخلال الاستعدادات لهذا السباق، شهدت محافظات مثل اللاذقية اجتماعات تدريبية للجان الفرعية لضمان سير العملية بمعايير عالية. ويُعتبر التأخير اللوجستي "خطوة طبيعية في مسار انتقالي مليء بالتحديات الأمنية والإدارية"، كما أكدت التصريحات الرسمية والتحليلات، مع التزام اللجنة العليا بإكمال الانتخابات قبل نهاية سبتمبر/أيلول الجاري.

0 تعليق