"لا تتحدثوا العبرية".. كيف تحول الإسرائيليون إلى منبوذين في أوروبا؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في 22 يوليو/تموز الماضي، كانت سفينة "كراون إيريس" السياحية التابعة لشركة "مانو ماريتايم" السياحية الإسرائيلية تسعد للرسو في جزيرة سيروس اليونانية، حاملة على متنها 1600 إسرائيلي.

قبل رسو السفينة التي تتحرّك باستمرار بين حيفا (في الأراضي المحتلة) وقبرص واليونان، بدا المشهد غير مُبشِّر لقبطانها وركابها على حد سواء، حيث اجتمع عشرات اليونانيين حاملين لافتة كبيرة كتب عليها "أوقفوا الإبادة في غزة"، وهتفوا: "فلسطين حرة"، ما اضطر السفينة إلى تغيير مسارها.

اقرأ أيضا

list of 2 items list 1 of 2شابه أباه فظلم.. من أين جاء سموتريتش وماذا يريد؟ list 2 of 2قاتل المصلّين مثله الأعلى.. من أين جاء بن غفير بكل هذا القبح؟ end of list

تكرَّر المشهد يوم 28 يوليو/تموز مع السفينة ذاتها وهي ترسو في جزيرة رودس اليونانية، وهذه المرة تمكن 600 راكب من الهبوط في الجزيرة تحت حراسة أمنية مشددة، ووسط مواجهات بين المحتجين والأمن، بينما عبّر بعض السياح عن ثقتهم في الحكومة اليونانية لحمايتهم وتوفير الأمان لهم من كارهيهم.

Protestors hold a banner reading
متظاهرون في مدينة روما الإيطالية يحملون لافتة كُتب عليها "فلسطين حرة" في 7 يونيو/حزيران 2025. (الفرنسية)

في الصيف نفسه، كان مصير السياح الإسرائيليين في بعض دول غرب أوروبا شبيها بمواطنيهم في اليونان، فقد انتشرت بعض مقاطع الفيديو لعدد من أصحاب المطاعم وهُم يطردون إسرائيليين، مثلما حدث في إيطاليا مع سيدة ثبتت براءتها قضائيا من تهمة "معاداة السامية" بعد ذلك.

وفي إسبانيا، سجَّل صاحب مطعم بنفسه مقطعا وهو يطرد مجموعة سياح إسرائيليين، حيث أخذ يصرخ في وجههم: "اذهبوا لغزة وابحثوا عن الطعام، في غزة".

وجود غير مرغوب

بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان الأمر يتطلَّب الكثير من الشجاعة من أجل حمل علم فلسطيني في أوروبا. صحيح أن سهام الهجوم كانت موجهة إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكانت هناك رغبة سياسية وإعلامية في الفصل بين الفلسطينيين والمقاومة الإسلامية التي تصِمها دول غربية بالإرهاب، لكن مجرد التعاطف مع فلسطين أو غزة وقتها كان ليعرض صاحبه لتبعات كبيرة.

إعلان

لكن الأمر تغيّر كثيرا بعد مرور عامين تقريبا على حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، حيث انقلبت الآية وبات الإسرائيليون في مرمى نيران الغضب الشعبي الأوروبي، وصاروا يهمسون في حديثهم لبعضهم في شوارع أوروبا، ويتخوّفون من ردود فعل الناس بسبب الإجرام الذي تقوم به دولتهم في غزة، حيث القتل والتنكيل والتجويع.

لم تعُد أعلام إسرائيل تُشهَر الآن إلا خلسة، ولم تعد إسرائيل في عيون الأوروبيين مجرد ضحية. لقد تحوّلت مواقف الكثير من الأوروبيين وتسجل إسرائيل الآن معدلات تأييد منخفضة بصورة قياسية في القارة العجوز.

" frameborder="0">

في بريطانيا مثلا، يقر نصف البالغين أن إسرائيل تعامل الفلسطينيين كما عامل النازيون اليهود أثناء المحرقة، بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال. وتسجل دول أخرى مثل إسبانيا وإيرلندا وإيطاليا وسلوفينيا وحتى فرنسا تحولات مماثلة.

لذا، بات السفر إلى أوروبا خطيرا للإسرائيليين إلى درجة جعلت الحكومة الإسرائيلية تصنف بعض الدول الأوروبية -مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان وفرنسا- في الدرجة الثانية من الخطورة من أصل 4 درجات.

وهو ما يظهر في تصريح إعلامي للناطق باسم السفارة الإسرائيلية في فرنسا، هِن فيدر، الذي قال إن الوضع تغيّر بعد 7 أكتوبر، حيث تُوجّه إرشادات للسياح الإسرائيليين بعدم إظهار شعارات تُبرز هويتهم، وعدم حضور أحداث ذات جماهيرية، والابتعاد عن المظاهرات الداعمة لفلسطين، التي باتت العواصم تعج بها.

قبل عام تقريبا، كانت باريس تحتفل بالألعاب الأولمبية، ولم تتوقف حينها المظاهرات من جانب الفرنسيين للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، حيث تجمّع عشرات المؤيدين لفلسطين في باريس في أكثر من مناسبة للمطالبة بوقف الحرب المستمرة والدعوة إلى مقاطعة إسرائيل في الألعاب الأولمبية. وفي تلك المظاهرات حمل المحتجون لافتات تطالب بـ"فرض عقوبات على مجرمي الحرب الإسرائيليين وإيقاف الإبادة".

كما عبّر المتظاهرون أيضا عن غضبهم لرؤية علم إسرائيل في الألعاب الأولمبية، حيث قال نشطاء إن الرياضيين الإسرائيليين يجب أن يشاركوا تحت رمز محايد مثل رياضيي روسيا وبيلاروسيا بعد غزو أوكرانيا. أخذت المظاهرات تشتعل في لندن وبرشلونة وغيرهما من المدن، مُعلنة أن الإسرائيليين غير مرغوب فيهم.

" frameborder="0">

أفول التعاطف مع تل أبيب

في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2014، أي قبل 9 سنوات من طوفان الأقصى، نشرت جريدة "تايمز أوف إسرائيل" مقالا بعنوان "لماذا تتعامل الدول الإسكندنافية ببرودة مع إسرائيل؟". وتزامن المقال مع إعلان السويد نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، مما تَسبّب في أزمة غير معلنة بين الحكومتين السويدية والإسرائيلية.

خلال العام نفسه دعا وزير الخارجية الدنماركي مارتن ليدغارد اتخذ تدابير تخص العلاقة مع دولة الاحتلال، بما فيها تعديل العلاقة التجارية احتجاجا على الاعتداء الإسرائيلي على غزة في عام 2014.

على المنوال نفسه، كان وزير الخارجية الفنلندي حينها، إركي تيوميويا، قد دعا إلى استعمال "العصا" مع إسرائيل تجاريا إن لم تُقدّم أي أدلة على رغبة حقيقية في خيار السلام.

سيعود بعدها رئيس الوزراء السويدي الجديد آنذاك، ستيفان لوفن، ليصرح أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يُحَل إلا عبر حل تفاوضي لدولتين تضمنان مطالب الفلسطينيين والإسرائيليين، فضلا عن الاعتراف المتبادل، وأكد أن السويد ستعترف بدولة فلسطين، وهو ما تم بالفعل بعد أيام قليلة.

إعلان

بالنظر إلى أن الإسرائيليين لا يعترفون أبدا بأي حلول لا تعطيهم السيادة المطلقة على فلسطين التاريخية، خرج داني أيالون، مساعد وزير الخارجية الإسرائيلي حينها، واصفا القرار السويدي بأنه غير عادل وغير قانوني وخطأ سياسي. أما نتنياهو، رجل دولة الاحتلال الأول حينها، فقد زعم أن هذه التحركات الأحادية لا تعزز السلام، بل تُشكل عقبة أمامه.

لم تكن إسرائيل ترى في جرائمها بحق الفلسطينيين سببا كافيا لجعل الدول الغربية تتخذ موقفا منها ومن تصرفاتها، ففي العدوان على غزة عام 2014 مثلا، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرا شاملا عن الخسائر البشرية والمادية بالتعاون مع وكالة الصحافة الفلسطينية. وقال إن عدد الشهداء بلغ 1742 شهيدا، 81% منهم مدنيون، وبينهم 530 طفلا و302 امرأة و64 لم يتم التعرّف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه.

رغم كل هذه الأرقام والفظائع، جاء تقرير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية محاولا تفسير الغضب الإسكندنافي تجاه تل أبيب بأنه نتيجة الأصول المُسلمة لبعض الوزراء، أو كره بعضهم الآخر لإسرائيل. وبعد سنوات طوال، ستتغيّر أشياء كثيرة، سوى طريقة اقتراف إسرائيل لجرائمها، مع نوع من التطوير عبر القتل بالجوع أيضا، ومن ثمّ ساءت سمعة دولة الاحتلال في الأوساط الشعبية الإسكندنافية أكثر وأكثر.

ففي بداية يوليو/تموز الماضي، نشر موقع "ذا دانيش دريم" نتائج استطلاع رأي جديد أجرته شركة الأبحاث "إبينيون" (Epinion) نيابة عن هيئة الإذاعة الدنماركية حول آراء الشعب الدانماركي بخصوص غزة.

وأشار الاستطلاع إلى أن 57% من المشاركين اعتبروا رد إسرائيل على هجمات حماس مبالغا فيه، وهي نسبة أعلى من تلك التي سجلها الاستطلاع نفسه قبل 9 أشهر، حين كانت النسبة 45%.

ويقول الموقع الدنماركي إن حملة انتقاد إسرائيل انتقلت من القاعات الدبلوماسية إلى الفعاليات الثقافية، فقد شهد مهرجان روسكيلد للموسيقى -أحد أهم المهرجانات الموسيقية في أوروبا- استضافة عدد من المغنين والناشطين المتضامنين دون مواربة مع فلسطين، والذين عبّروا عن إدانتهم لجرائم إسرائيل.

غير بعيد عن الدنمارك، تشير التقارير في النرويج إلى أن الدم الذي أسالته إسرائيل في غزة جعل العداء تجاهها يرتفع في المجتمع النرويجي. وتظهر استطلاعات الرأي (في بدايات عام 2024) أن 47% من النرويجيين يؤيدون مقاطعة الدولة اليهودية في مقابل 27% فقط يعارضون هذه المقاطعة.

" frameborder="0">

وأشار تقرير لصحيفة "فِردِنس غانغ" النرويجية أن 31% من المستطلعين يعتبرون أن حكومة بلادهم لا تقوم بما يلزم لدعم الفلسطينيين، في الوقت الذي يؤيد 37% منهم موقف الحكومة الحالي القائم على الإدانة الصريحة لإسرائيل، بينما يرى 6% فقط أن على الحكومة أن تكون أكثر نشاطا في دعم دولة الاحتلال.

عزلة متزايدة

نعود من حيث بدأنا، إلى اليونان، البلد غير البعيد عن فلسطين المحتلة، والذي شهد فرارا كثيفا للمستوطنين الإسرائيليين من صواريخ المقاومة عبر اليخوت والبوارج.

" frameborder="0">

وفي يوم 25 أغسطس/آب الماضي نشر موقع "ميديا بارت" الفرنسي تقريرا يتحدث عن الصعوبات الكبيرة التي يعيشها السياح الإسرائيليون في اليونان، مشيرا إلى الاحتجاجات على السفينة الإسرائيلية التي وصلت البلاد يوم 22 يوليو/تموز الماضي.

ونقل الموقع الفرنسي عن أحد منسقي حملة "مسيرة اليونان الى غزة"، قوله إن عدد التحركات الاحتجاجية يتزايد في جميع أنحاء اليونان، حيث تمكنت تنسيقيتهم من جمع عشرات الآلاف في 120 جزيرة، ضمن أحد أكبر التجمعات المؤيدة للقضية الفلسطينية في تاريخ البلاد. مضيفا أن الهدف من هذه التجمعات هو تسليط الضوء على ما أسماه "تواطؤ الحكومة اليونانية" مع ما يحدث، والرغبة في منع البلاد من أن تصبح مكانا للاستجمام لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي.

إعلان

يعتبر هذا التحوّل مُهمًّا في بلد مثل اليونان، الذي كان حليفا للعرب أثناء الحرب الباردة، لكنه انقلب في العقد الأخير إلى أحد أقرب حلفاء إسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي، وصار وجهة الإسرائيليين الأبرز للسياحة. وقد جمعت بين أثينا وتل أبيب مشاريع ومصالح نتيجة التوتر في العلاقات مع تركيا في شرق المتوسط.

ينقل "ميديا بارت" عن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "بيلوبونيز"، سوتيريس روسوس، أن السلطات اليونانية حاولت توثيق صلاتها مع الإسرائيليين لأنها كانت طامعة في دعمهم حال حدوث "اعتداء تركي"، ومن أجل التوسط لدى الأميركيين لصالحها. ولكن الآن، تجد الحكومة اليونانية نفسها أمام ضغط من شريحة كبيرة من الشعب لم تعد تجد غضاضة في إبداء معارضتها لأي وجود إسرائيلي على أرضها.

وقد ظهر النفور الشعبي اليوناني من إسرائيل في يوليو/تموز الماضي حينما اعترض محتجون سفينة تحمل معدات عسكرية لإسرائيل، وحذرت حينها وزارة شؤون الشتات ومحاربة معاداة السامية الإسرائيلية من "تزايد الشعور المعادي لإسرائيل في اليونان"، واحتمالية أن تتحول المظاهرات إلى صدامات أو أعمال عنف، لكن لحدّ الآن لم تُسجّل أي أحداث عنيفة.

من اليونان ننتقل إلى فرنسا، الدولة التي كان رئيسها أول رئيس يدعو إلى تشكيل تحالف دولي للإطاحة بحركة حماس، على غرار ما جرى مع تنظيم الدولة الإسلامية، قبل أن يحول موقفه نسبيا ويعلن قرار بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول.

نشر موقع "بيبليك سينا"، التابع لقناة أنشأها مجلس الشيوخ الفرنسي، تقريرا عن استطلاع رأي عن فرض عقوبات على إسرائيل، جاء فيه أن 74% من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون فرض عقوبات على إسرائيل في حال استمرار هجومها على غزة، كما أن 63% من المستطلعين يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطين، وهي معدلات مهمة في بلد ينشط فيه لوبي صهيوني قوي يقوده "الكريف" (CRIF) أو "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا".

وحسب الاستطلاع، فإن الدعم لمسألة فرض عقوبات على دولة الاحتلال يرتفع في صفوف مؤيدي حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي ومناضلي الحزب الاشتراكي إلى 95%، ويصل إلى 82% بين مؤيدي الحركة الخضراء وحزب النهضة (حزب ماكرون الذي يمكن اعتباره حزبا ذا توجهات يمينية)، في حين يقل التأييد إلى 59% عند مؤيدي التجمع الوطني، وهو حزب مارين لوبان الواقع في أقصى اليمين.

وقد ذكر التقرير مجموعة أرقام أخرى مهمة، منها أن 75% من المستجوبين يؤيدون وقف تسليم الأسلحة لإسرائيل، و62% يرون ضرورة تعليق اتفاقية الشراكة التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، في حين يرى 58% أن فرض حظر على المنتجات الإسرائيلية حل مناسب، ويدعم 48% استبعاد إسرائيل من المسابقات الرياضية والفنية الدولية، مثل يوروفيجن والتصفيات الأوروبية لكرة القدم.

ويقول المصدر نفسه إن قرار ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الجاري، يحظى بدعم 63% من المستطلعين اليساريين، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 41% في صفوف اليمين واليمين المتطرف، وهي نسبة -على كل حال- تظل مرتفعة، إذ ليست بعيدة عن النصف.

غضب أوسع من أوروبا

يعتبر مركز "بيو" للأبحاث أحد أهم مراكز الدراسات واستطلاعات الرأي في العالم ومقره في واشنطن بالولايات المتحدة، لهذا فإن استطلاعاته لها دلالات قوية.

" frameborder="0">

فما هو رأس الناس في إسرائيل حسب "بيو"؟ يقول الاستطلاع إن في 20 من أصل 24 دولة، يملك نحو نصف البالغين أو أكثر رأيا سلبيا تجاه دولة الاحتلال، ويبلغ هذا الرأي السلبي حوالي ثلاثة أرباع البالغين أو أكثر في كل من أستراليا واليونان وإندونيسيا واليابان وهولندا وإسبانيا والسويد وتركيا.

أما في الهند -صديقة إسرائيل المقربة- فالآراء منقسمة نوعا ما، إذ لدى 34% من البالغين رأي إيجابي، مقابل 29% يخالفونهم الرأي، بينما في كينيا ونيجيريا لدى نحو نصف البالغين أو أكثر رأي إيجابي تجاه إسرائيل.

لم يكن هذا الاستطلاع هو الأول الذي يجريه المركز حول دولة الاحتلال، فقد أجريت استطلاعات سابقة في بعض الدول، بما فيها الولايات المتحدة، حيث ارتفعت نسبة البالغين الذين لديهم رأي سلبي تجاه إسرائيل بمقدار 11% في الفترة بين مارس/آذار 2022 ومارس/آذار 2025. هذا التدهور في سمعة إسرائيل عرفته دول أخرى مثل بريطانيا التي ارتفعت نسبة منتقدي تل أبيب فيها من 44% عام 2013 إلى 61%.

إعلان

تناول استطلاع مركز "بيو" شخصية نتنياهو، وأشار إلى أن الثقة في رئيس الوزراء الإسرائيلي منخفضة، خاصة في أستراليا وفرنسا وألمانيا واليونان وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وهولندا وإسبانيا والسويد وتركيا، حيث يقل مستوى الثقة أو يكاد ينعدم لدى ثلاثة أرباع البالغين أو أكثر. كما يشير الاستطلاع إلى أن انعدام الثقة في نتنياهو ينتشر أكثر لدى الشباب، بينما يزيد مستوى الثقة في صفوف المتحمسين للأيديولوجيا اليمينية، ويقل كلما كان المستجوب أقرب إلى اليسار.

Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu reacts at a joint press conference with U.S. Secretary of State Marco Rubio (not pictured) at the Prime Minister's Office, during Rubio's visit, in Jerusalem, September 15, 2025. REUTERS/Nathan Howard/Pool
تناول استطلاع مركز "بيو" شخصية نتنياهو، وأشار إلى أن الثقة في رئيس الوزراء الإسرائيلي منخفضة، خاصة في أستراليا وفرنسا وألمانيا واليونان وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وهولندا وإسبانيا والسويد وتركيا (رويترز)

كما يشير المركز إلى نقطة مهمة، وهي شعور الإسرائيليين بمدى تناقص احترام بلدهم دوليا، إذ يقول المزيد من الإسرائيليين إن بلادهم "غير محترمة إلى حد كبير أو غير محترمة على الإطلاق" حول العالم، وتبلغ نسبة هؤلاء 58%. ويرى 49% من اليمينيين في إسرائيل أن بلادهم محترمة دوليا، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 24% لدى اليسار.

ولا تشكل هذه الاستطلاعات مجرد أرقام جافة، بل يُمكن استشعارها في الشوارع والساحات الأوروبية، وفي التجمعات الكبرى التي باتت تحشد عشرات الآلاف دعما لفلسطين من الولايات المتحدة وحتى أستراليا.

تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن صور معاناة غزة، وأطفالها الهزيلين، ومستشفياتها المدمرة، وعائلاتها المفجوعة، أثارت النقاش العام طيلة الفترة الماضية، قبل أن تأتي رصاصة الرحمة في مشاهد طوابير الطعام التي كانت تقدم للفلسطينيين تذاكر الموت بدل أرغفة الخبز.

لقد استفزت هذه الصور الشعوب الدول الغربية، وفتحت أعينها على واقع تظهر إسرائيل فيه بصورتها الحقيقية، بعيدا عن صورة الدولة المسكينة التي تعاني من جيرانها وتريد العيش في سلام. لم تعد هذه السردية قابلة للتصديق، فمن يرغب في السلام لا يبيد الأطفال، ومن يرغب في السلام لا يقتل بالجوع ولا يستهدف الباحثين عن الطحين.

البحث عن رواية حقيقية

جاءت فكرة هذا التقرير من سيدة فرنسية أربعينية كانت تجلس في القطار المتجه من بوردو نحو باريس، وبعد حديث ودردشة قالت السيدة لكاتب هذا المقال إنها منذ مدة لا ترتدي سوى أقراط على شكل "بطيخ" دعما لفلسطين.

وبعد حديث عن الوضع في فرنسا، والأوضاع في غزة، وصور الأطفال والأبرياء الذين يُنكّل بهم في القطاع، أبدت السيدة رغبة كبيرة وتعطّشا معرفيا من أجل فهم الحكاية من البداية، لا من أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، بل منذ النكبة وما قبلها.

لقد بدأ مواطنو الدول الغربية في الاهتمام بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وصاروا يُشككون فيما قيل لهم على مدار عقود بأن الإسرائيليين حلفاء طيبون، وأن الفلسطينيين هم سبب المشكلة، وأن من يحاولون المقاومة منهم ليسوا سوى أشرار إرهابيين.

لذا، ورغم كل الانتصارات التي تتشدق بها إسرائيل، فإن الحقيقة هي أن مقابل "الانتصار المتمثل في تدمير غزة وإبادة شعبها"، تبيد إسرائيل كل رصيدها لدى أقرب حلفائها، على الأقل على مستوى الشارع والمجتمعات، وهو تأثير لن يستغرق وقتا طويلا حتى يجد صداه في السلطات، المأزومة بالفعل بسبب مشكلات اجتماعية وسياسية غير مسبوقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

0 تعليق