"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان والمعاناة في غزة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

شهد العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزة تصاعداً كبيراً خلال الساعات الماضية، وازدادت حدة المجازر والجرائم الإسرائيلية، بينما يستمر تقدم قوات الاحتلال باتجاه خاصرتَي غزة "جنوب وشمال المدينة".
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان على مدينة غزة، منها مشهد يكشف تقدم قوات الاحتلال تجاه عمق المدينة من ثلاثة محاور مختلفة، ومشهد آخر يوثق حال النازحين الذين يغادرون مدينة غزة مشياً على الأقدام، ويقطعون مسافات طويلة، ومشهد ثالث تحت عنوان "المجازر بهدف التهجير".

 

التقدم من ثلاثة محاور

شهدت العمليات الإسرائيلية في مدينة غزة تطوراً كبيراً خلال اليومين الماضيين، مع تعميق التوغل البري في المدينة، ولجوء الاحتلال إلى استخدام سياسة الأرض المحروقة.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن جيش الاحتلال يتقدم باتجاه عمق مدينة غزة من ثلاثة محاور رئيسية، الأول حي الشيخ رضوان شمال المدينة، حيث تتعرض منطقة "الجسر، والعيون" لقصف مدفعي وجوي، وتفجير "روبوتات" مفخخة، توطئة لوصول الدبابات إلى تلك المناطق.
والمحور الثاني هو محور "السودانية" شمال غربي المحافظة، حيث بدأت الدبابات بالتحرك والضغط باتجاه مناطق "الكرامة، والمخابرات، حتى المقوسي والشاطئ"، أما المحور الثالث وانطلق من جنوب مدينة غزة، وتحديداً باتجاه حي تل الهوا، حيث تتقدم الدبابات والجرافات ببطء باتجاه "دوار الخور ومفترق الدحدوح".
ويهيئ الاحتلال المناطق التي يتقدم ناحيتها، عبر عملية تدمير كاملة للمنازل، والبنية التحتية، مستخدماً في ذلك قصفاً مدفعياً وجوياً عنيفاً ومتواصلاً، وتفجير "روبوتات" مفخخة بشكل متتابع، كما يحدث في حي تل الهوا جنوب مدينة غزة، حتى تصل الدبابات إلى مناطق محروقة ومدمرة، ولا تتعرض لمقاومة. فيما تستمر عمليات القصف الجوي والمدفعي والتحليق المكثف لطائرات الأباتشي المروحية مع إطلاق نار مستمر على جميع مناطق مدينة غزة.
وأمام اشتداد القصف اضطر سكان مناطق شمال غربي غزة (الكرامة، المخابرات، الأمن العام) للإخلاء حتى محيط بهلول والمقوسي شرقاً، والشاطئ الشمالي جنوباً، حيث يتواجد الأهالي حتى الآن، بينما نزح جزء من سكان حي تل الهوا جنوباً باتجاه مواصي خان يونس ومحافظة وسط القطاع، وآخرون انتقلوا إلى غرب مدينة غزة.
ورغم نزوح عدد كبير من السكان، إلا أن مدينة غزة ما زالت تغص بمئات آلاف المواطنين في جميع أحيائها المتبقية من شارع صلاح الدين شرقاً، مروراً بمدخل أحياء الشجاعية، والزيتون، والصبرة، والدرج، وجزء من غرب حي التفاح، وتزداد نسبة الاكتظاظ في الشاطئ، وأحياء النصر والرمال وتل الهوا والشيخ عجلين.
وأعلن جيش الاحتلال أن الفرقتين 162 و98 النظاميتين تقودان العملية في غرب مدينة غزة، في حين أكد مواطنون مشاهدة حشود كبيرة من الدبابات والآليات حول مدينة غزة، وفي أحيائها الشمالية والجنوبية.

 

النزوح مشياً على الأقدام

دفع شح مركبات النقل، وارتفاع أجرة المواصلات على نحو غير مسبوق، مئات العائلات من سكان مدينة غزة إلى النزوح مشياً على الأقدام باتجاه وسط وجنوب القطاع، قاطعين مسافة تتراوح بين 15 و30 كيلومتراً، وهم يحملون الفراش والأمتعة.
وشوهد نازحون يصلون حديثاً إلى مناطق جنوب قطاع غزة، وعلامات التعب الشديد بادية عليهم، حيث جلسوا على شاطئ البحر، وفي الشوارع، باحثين عن أي مأوى لهم ولعائلاتهم.
وذكرت المواطنة آمنة سليمان، وهي أرملة وأم لأربعة أطفال، فقدت زوجها بداية الحرب الحالية، أنها كانت تعيش في خيمة قرب مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، ولم تستطع احتمال القصف الشديد والمجازر المستمرة، حيث شعر أطفالها بالخوف الشديد، لدرجة أن أحدهم كان يصاب بنوبات هلع هستيرية، وهذا دفعها مُكرهة إلى النزوح من المدينة، ولم تجد أي وسيلة مواصلات، وفي حال وجدت فإن أجرتها مرتفعة وهي لا تمتلك المال، فقررت النزوح مشياً على الأقدام.
وأشارت إلى أنها أعطت خيمتها وجزءاً من حاجياتها لجيرانها، وأوصتهم في حال نزحوا جنوباً بوساطة شاحنة أن يجلبوها معهم، وأخذت معها القليل من الأغطية والملابس التي تستطيع حملها.
وبينت أنها غادرت مخيم الشاطئ في ساعة مبكرة من الصباح، وسارت على شاطئ البحر مسافات طويلة، وكلما شعرت بالتعب هي وأطفالها جلست لتستريح، وكانت تأخذ من نازحين يقيمون على الشاطئ الماء والطعام، ثم تواصل رحلتها، حيث وصلت إلى مواصي خان يونس قبيل أذان المغرب بقليل، وتنوي قضاء ليلتها على شاطئ البحر، حيث لا مأوى لها.
ويواصل جيش الاحتلال إصدار بيانات متتالية، يطالب المواطنين خلالها بإخلاء مدينة غزة، محذراً السكان من خطورة البقاء في مناطق الصراع، ودعا المدنيين إلى الانتقال فوراً للمناطق الجنوبية من وادي غزة عبر شارع الرشيد، سواء بالسير على الأقدام أو باستخدام المركبات.
ولم تكن سليمان الوحيدة التي وصلت من مدينة غزة سيراً على الأقدام، فيومياً تصل عشرات العائلات بذات الطريقة، وتجلس في الشوارع وعلى شاطئ البحر، في مشهد مأساوي صعب يدل على ما وصل إليه حال المواطنين في ظل استمرار العدوان على مدينة غزة.

 

المجازر بهدف التهجير

دخلت العمليات العسكرية في مدينة غزة منعطفاً جديداً وخطيراً منذ ليل الأحد الماضي، حيث كثفت طائرات الاحتلال غاراتها وهجماتها الجوية على كافة أحياء المدينة، بينما واصلت الدبابات التقدم باتجاه عمق المدينة.
ولجأ الاحتلال إلى استخدام المجازر الكبيرة كوسيلة ضغط إضافية على المواطنين، الذين يرفضون حتى الآن النزوح، ويواصلون البقاء في مدينة غزة.
وبدأ جيش الاحتلال أكبر وأوسع عملية قصف تشهدها المحافظة منذ بداية العدوان، حيث جرى تنفيذ عشرات الغارات، إضافة إلى أحزمة نارية عنيفة تركزت على الأحياء المأهولة في المدينة.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي: إن الغارات ستشتد تباعاً، وذلك ضمن عملية جيش الاحتلال الوشيكة في مدينة غزة، والتي يهدف من خلالها إلى احتلالها.
وخلال الساعات الماضية شهدت مدينة غزة أكثر من مجزرة، أكبرها قصف مربعين سكنيَّين كبيرَين في حيَّي الشيخ رضوان والدرج، شمال وشرق المدينة، ما تسبب بسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، إضافة إلى أكثر من 60 مفقوداً تحت الركام.
ووفق مواطنين ما زالوا يقيمون في مدينة غزة، فإن جيش الاحتلال انتقل من مرحلة المجازر الصغيرة باستهداف بيوت وخيام إلى مرحلة المجازر الكبيرة والواسعة، عبر استهداف مربعات سكنية مليئة بالمنازل، ما يتسبب بسقوط عدد كبير من الشهداء، وتدمير عشرات المنازل دفعة واحدة.
وأوضح المواطن محمود عبد العال، وله أقارب يُقيمون في مدينة غزة، أنه تحدث إليهم عبر الهاتف، وأخبروه بما يحدث هناك من مجازر كبيرة تستهدف المدنيين، مشيراً إلى أن ما يحدث مشابه تماماً لما حدث في العام 1948، إذ يستخدم الاحتلال المجازر كوسيلة لنشر الرعب والخوف في صفوف المواطنين ودفعهم للنزوح، وهذه المرة الأمر يحدث على مرأى ومسمع العالم، بفضل التطور التكنولوجي، وسرعة نقل الأخبار، "لكن هذا أيضاً لم يحرك ساكناً، ولم نرَ تحركات فعلية لوقف العدوان".
وأكد عبد العال أن جيش الاحتلال وقيادته السياسية منزعجون للغاية لرفض الناس النزوح، وإصرارهم على البقاء في المدينة، لأن هذا يهدد العملية بالفشل، "لذلك نرى ردود فعل هستيرية ومجازر دموية كبيرة".
وتوقع عبد العال أن تشهد مدينة غزة مجازر أعنف وأكثر دموية ضد مَن بقي من سكانها خلال الفترة المقبلة، "فالاحتلال المجرم، يضع الناس في غزة بين خيارين، إما الموت أو النزوح، لكنه في النهاية لن يستطيع قتل مئات الآلاف من المواطنين، ما يعني أن بقاء الناس في غزة قد يؤدي إلى فشل العملية، والمجازر ربما تؤدي إلى تزايد الضغوط الدولية لوقف حرب الإبادة".

 

0 تعليق