تصعيد إسرائيلي جديد.. هل تخضع بيروت لشروط تل أبيب؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

في لحظة إقليمية شديدة التعقيد، فتحت إسرائيل جبهة ضغط جديدة على لبنان عبر موجة هجمات على مواقع تابعة لحزب الله في الجنوب، متجاهلة خطة لبنانية ربطت نزع سلاح الحزب بانسحابها من الأراضي المحتلة.

وعكست الخطوة رفضا إسرائيليا واضحا لمعادلة "السلاح مقابل الانسحاب"، ورسالة بأن جدول الحل ستفرضه تل أبيب وحدها لا بيروت.

الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى رأى في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" أن التصعيد يندرج في إطار إستراتيجية استنزاف طويلة المدى، تستهدف بنية حزب الله العسكرية دون كلفة سياسية أو دولية تذكر.

فإسرائيل -وفق تقييمه- وجدت في الغموض اللبناني فرصة لتكريس نفسها طرفا منتصرا، يفرض إيقاعه على الحكومة وعلى الحزب معا، متحررة من أي ضغوط زمنية أو تفاوضية.

هذا الرفض الإسرائيلي لتعديل خطة نزع السلاح قرأه الكاتب والمحلل بشارة شربل كترجمة لرغبة تل أبيب في استثمار قرار لبناني ملتبس صدر مطلع الشهر.

" frameborder="0">

ذريعة لإسرائيل

فالحكومة، بتأجيلها الجدول الزمني للحسم، منحت إسرائيل ذريعة لتوسيع عملياتها العسكرية والنتيجة، حسب شربل، أن تل أبيب تريد تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية على طريقتها، حيث تنفذ بيروت التزاماتها وحدها، بينما تحتفظ إسرائيل بحرية التصعيد والضغط.

في المقابل، يعتبر الأكاديمي حبيب فياض أن حزب الله ينظر إلى هذا التصعيد ضمن رؤية أشمل للصراع، فإسرائيل -برأيه- تريد القول إن انخراطها في غزة لا يعني التخلي عن الجبهة اللبنانية.

الحزب يرى أن تل أبيب تخوض "مرحلة انتقالية" بين القصف اليومي والمواجهة الكبرى، وتبحث عن أهداف لتعويض إخفاقها في كشف بنك مواقع الحزب بعد إعادة تموضعه الأخير.

هذا التباين في القراءات لا يحجب حقيقة أن الحكومة اللبنانية وجدت نفسها في مأزق، فهي عاجزة عن فرض نزع سلاح الحزب دون تهديد مباشر باستقرارها الداخلي، وفي الوقت ذاته محرومة من الغطاء الدولي والعربي اللازم لإعادة الإعمار، أو إنعاش الاقتصاد ما لم تلتزم بمسار واضح نحو حصر السلاح.

إعلان

هنا يصف شربل المشهد بأنه حلقة مفرغة من "الإنكار السياسي"، حيث تبدو السلطة غير قادرة على انتهاج مسار يحفظ السيادة ويستعيد ثقة المجتمع الدولي.

أما حزب الله، فيواصل التمسك بأن الأولوية لوقف العدوان قبل أي بحث في السلاح، مقدما ذلك كفرصة لتوحيد اللبنانيين، لكنه بذلك يعكس اختلافا جوهريا مع الحكومة التي ترى أن الطريق يبدأ من تسليم سلاحه للدولة.

" frameborder="0">

صبر تكتيكي

ويؤكد فياض أن الحزب يمارس حاليا "صبرا تكتيكيا"، يتيح للدولة هامشا للتحرك الدبلوماسي، على أن يظل الحوار بشأن الإستراتيجية الدفاعية خيارا مطروحا لاحقا.

من الجانب الإسرائيلي، تبدو المقاربة أكثر ثباتا، فحسب مصطفى، هنالك إجماع داخل المؤسسة العسكرية على أن الاستنزاف هو الخيار الأمثل: قضم قدرات الحزب تدريجيا دون الانجرار إلى حرب شاملة مكلفة، مع إبقاء الجيش متمركزا في نقاط إستراتيجية داخل لبنان كورقة ضغط.

وهي سياسة تمنح تل أبيب شعورا بالانتصار وتضع الحكومة اللبنانية أمام استحقاق نزع السلاح كشرط لأي انسحاب محتمل.

المعادلة الراهنة إذن تقوم على رفض إسرائيلي صريح لأي انسحاب مشروط، مقابل مأزق لبناني داخلي يضعف قدرة الدولة على فرض خطتها، وتمسك حزب الله بخيار المقاومة المفتوحة، وبين هذه الزوايا الثلاث، يتبلور صراع طويل الأمد يدار بالنَفَس البارد، حيث لا استعجال في الحسم ولا بوادر لتسوية وشيكة.

ومع استمرار الغارات، يزداد المشهد تعقيدا بفعل السياق الإقليمي الأوسع، فالتصعيد في الجنوب يتزامن مع تطورات على حدود الأردن ومع هجمات مرتبطة بالحوثيين في البحر الأحمر، ما يعكس شبكة صراعات متداخلة ترى إسرائيل أنها تستوجب فرض قواعد جديدة بالقوة.

السيناريو الأكثر ترجيحا -كما اتفق المحللون- هو بقاء الأمور في دائرة الاستنزاف المفتوح، تصعيد هنا وتهدئة مؤقتة هناك، لكن دون حل جذري، حيث تراهن إسرائيل على الوقت لإضعاف حزب الله، والحزب يراهن على أن عامل الزمن يخدمه في إعادة بناء قوته.

0 تعليق