عاجل

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


مازال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة يتصاعد ويتوسع، خاصة في مدينة غزة، بينما تتواصل المعاناة الناجمة عن النزوح، إذ يلاحق الموت النازحين في كل مكان.
"الأيام" واصلت رصد مشاهد جديدة ومتنوعة من قلب الحرب والمعاناة في القطاع، منها مشهد يكشف تصاعد العدوان على مدينة غزة بشكل غير مسبوق، ومشهد آخر تحت عنوان: "الفرار من الموت إلى الموت"، ومشهد ثالث يوثق نجاح فرق الإنقاذ بانتشال الطفلة ميرا مسعود من تحت أنقاض منزلها المدمّر، بعد مرور 40 ساعة على احتجازها تحت الركام.

 

تصعيد غير مسبوق
منذ بداية الأسبوع الجاري، تشهد مدينة غزة وضواحيها تصعيداً دموياً غير مسبوق، إذ صعّد الاحتلال عدوانه بشكل مكثف على كافة أنحاء المدينة، مستخدماً في ذلك جميع الوسائل والأدوات المتاحة. فإضافة إلى القصف الجوي والمدفعي وإطلاق النار، صعّد الاحتلال من تفجير "الروبوتات" المفخخة، خاصة في أحياء شمال وجنوب المدينة، ما تسبب بنشر الدمار على نطاق واسع.
وشهد اليومان الماضيان تعميق العدوان البري على محافظة غزة، فوفق شهود عيان فقد تقدمت الدبابات أكثر باتجاه بركة الشيخ رضوان وفي محيط مدرسة عباد الرحمن، شمال المدينة، وتواصل تقدمها في نهاية شارع الجلاء من الناحية الشمالية.
وارتكبت قوات الاحتلال سلسلة مجازر في مدينة غزة خلال الساعات الـ48 الماضية، بينها مجزرة بحق النازحين أمام بوابة مستشفى الشفاء، ما أدى إلى استشهاد 15 مواطناً على الأقل، ومجازر في حيي الدرج والشيخ رضوان.
ويواصل الاحتلال استهداف الخدمات الأساسية في المحافظة، خاصة خدمة الاتصالات والإنترنت، التي شهدت انقطاعاً كاملاً عن مدينة غزة، بعد استهداف الاحتلال مسارات الخطوط، وكذلك أبراج التقوية، وغيرها من الشبكات.
وأشار مواطنون من سكان مدينة غزة، إلى أن العدوان تصاعد بشكل كبير وخطير، وأن جيش الاحتلال يضيّق الخناق على مناطق وسط وغرب المدينة، من خلال التقدم البري من جهتي الشمال والجنوب، ما يوقع النازحين المقيمين غرب المدينة بين فكي كماشة.
وأوضح مواطنون أن الاحتلال كثف المجازر بشكل غير مسبوق، وأن هناك استهدافاً متعمداً للمنازل المكتظة والخيام، وأية أماكن يمكن أن يؤدي استهدافها إلى وقوع عدد كبير من الضحايا.
وقال المواطن إبراهيم العطار من سكان مدينة غزة، إن الاحتلال فشل حتى الآن في إخلاء المدينة من غالبية سكانها، وهذا دفع الجيش إلى تصعيد المجازر والقصف، بهدف الضغط على المواطنين.
وبيّن أنه وبعد بعد فشل أسلوب قصف الأبراج، و"الروبوتات" المفخخة في تحقيق الهدف من تهجير السكان، لجأ الاحتلال إلى زيادة الضغط، من خلال المجازر، وقطع الخدمات، ومنع وصول المساعدات، موضحاً أن ما يحدث يعتبر جرائم حرب واضحة وصريحة، يجب أن يتدخل العالم بأسره من أجل وقفها، وحماية المدنيين في مدينة غزة، فلا يمكن لأي قوة في العالم إجبار الناس على ترك بيوتهم وأملاكهم وأحيائهم.

 

الفرار من الموت للموت
لم تكن المواطنة نجوى أحمد طنبورة من سكان بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، تعلم أنها ستفر من الموت شمال القطاع، ليلاقيها في منطقة حمد شمال مدينة خان يونس، جنوب القطاع.
طنبورة فرت وعائلتها من شمال القطاع باتجاه مدينة غزة، حيث لاحقهم الموت، ما اضطرهم للنزوح مجدداً باتجاه الجنوب، وهناك لم يجدوا موطئ قدم يقيمون فيه، ما أجبرهم في نهاية المطاف على اللجوء للإقامة في منطقة حمد شمال مدينة خان يونس، رغم خطورة المنطقة.
وذكر ذوو طنبورة أن الرصاص والقذائف ظلت تلاحقهم، في موقع نزوحهم الجديد، حيث يسقط يومياً شهداء وجرحى جراء اعتداءات الاحتلال على منطقة حمد، التي باتت تغص بالنازحين، ومعظمهم فروا من مدينة غزة وشمال القطاع، وكان آخرهم نجوى.
بينما يسقط شهداء وجرحى يومياً في صفوف النازحين المقيمين في "منطقة الإقليمي وبئر 22"، جنوب مواصي خان يونس.
وأكد المواطن يحيى عبد الهادي أنه فر من الموت في حي الشيخ رضوان، ولجأ الى المواصي التي ادعى الاحتلال أنها مناطق إنسانية، وأقام خيمته في منطقة الإقليمي، لكنه يتعرض وعائلته وباقي النازحين في المنطقة إلى إطلاق نار من قبل جنود الاحتلال.
وأوضح عبد الهامي أنه يشعر بأنه فر من الموت إلى الموت، ولم يجد الأمان الذي توقعه في منطقة المواصي، ولا أي نوع من الخدمات الجيدة، لدرجة أنه بات يفكّر بشكل جدّي في العودة إلى مدينة غزة، فطالما أن الموت في كل مكان، فالموت في مدينته أفضل.
ولم يكتفِ الاحتلال باستهداف النازحين في خان يونس، اذ واصلت طائراته ملاحقة النازحين خلال رحلات نزوحهم من الشمال، كما حدث قبل عدة أيام، حين جرى استهداف مجموعة من النازحين قرب مجمع الشفاء الطبي، ما تسبب باستشهاد 15 نازحاً، وعشرات الجرحى.
كما جرى استهداف نازحين في طرقات وشوارع المدينة، فبعد أن طلب الاحتلال منهم النزوح، جرى قصفهم واستهدافهم بشكل مباشر، ما تسبب بارتكاب مجازر كبيرة، ولا تزال العديد من الجثامين في شوارع شمال المدينة، لم يستطع أحد انتشالها.
ولفت مواطنون من مدينة غزة مازالوا يرفضون مغادرتها، إلى أن أهم أسباب رفضهم النزوح هو عدم وجود منطقة آمنة في القطاع، فالموت الذي يفرون منه في غزة سيلاحقهم في خان يونس، ووسط القطاع، وباقي مناطق القطاع.

 

إنقاذ الطفلة ميرا
مازالت الطفلة ميرا مسعود تخضع للعلاج الطبي في أحد مستشفيات محافظة غزة، بعد أن كُتب لها عمر جديد، بفضل جهود وإصرار عناصر الدفاع المدني، الذين رفضوا تركها تحت الأنقاض، وعملوا لساعات طويلة حتى تم إنقاذها.
فقد تعرض المنزل الذي تقيم فيه الطفلة في حي الدرج بمدينة غزة لغارة إسرائيلية، انهار على إثرها، وبينما ينقل أفراد الدفاع المدني الضحايا من محيط المنزل، وصلوا إلى الطفلة وهي قابعة تحت أطنان من الركام، وكانت عملية إخراجها معقدة، وشبه مستحيلة، خاصة في ظل خطورة المنطقة الواقعة في حي الدرج، وتوالي سقوط القذائف والصواريخ عليها.
وبيّن جهاز الدفاع المدني في غزة، أنه وبعد 40 ساعة من العمل، تمكن الطاقم من إنقاذ الطفلة ميرا مسعود من تحت أنقاض منزلها الذي دمرته طائرات الاحتلال في حي الدرج وسط مدينة غزة.
وكادت الطفلة تنهار جراء قلة الطعام لساعات طويلة، إذ توجهت مركبة تابعة للدفاع المدني إلى المستشفى العربي الأهلي "المعمداني"، وجرى استدعاء طبيب إلى موقع وجود الفتاة، وبالكاد استطاعوا الوصول إلى يدها، وعمل الطبيب على تركيب محلول مغذ للطفلة، لتبقى على قيد الحياة، إلى حين يتم انتشالها.
ووفق مصادر مطلعة، فقد ساعد المحلول الطفلة على البقاء حية، ومنحها بعض الطاقة، إذ انقسم أفراد الدفاع المدني الى قسمين، الأول بقي إلى جوار الطفلة، لتهدئتها وطمأنتها، وحمايتها من أية انهيارات قد تحدث، بينما انهمك باقي أعضاء الفريق بتكسير وتحطيم كتل الخرسانة، وإزالة الركام من حولها، وتخفيف الضغط على جسدها، كي تتنفس بشكل طبيعي، وجرى إيصال أنبوب تنفس أكثر من مرة للطفلة.
وبعد عمل مستمر، وصلوا إلى الطفلة، وجرى تحريرها من تحت الركام، وانتشالها، وكانت تعاني من إصابات وجروح في عدة أماكن من جسدها، وجرى نقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج.
ولم تكن الطفلة مسعود الوحيدة التي تمكن عناصر الدفاع المدني من انتشالها حية من تحت الركام خلال الأسبوعين الماضيين، إذ تمكنوا من إخراج العديد من الأحياء الذين كانوا عالقين تحت أنقاض منازل قصفت، رغم نقص المعدات، حيث كانوا يعملون بأدوات بسيطة، مثل الإزميل والمطرقة.

 

0 تعليق