لعبة الزمن القاتلة: كيف يسبب التوقيت الصيفي أزمات قلبية وحوادث سير.. ودراسة جديدة تحسم الجدل - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
هل يسبب التوقيت الصيفي أزمات قلبية

في كل ربيع وخريف، يمارس مئات الملايين حول العالم طقساً زمنياً مربكاً: تقديم الساعة أو تأخيرها.

هذه الممارسة، التي بدأت قبل قرن بهدف توفير الطاقة، أصبحت اليوم في قفص الاتهام العلمي.

فخلف الإزعاج المؤقت والشعور بالنعاس، تتراكم الأدلة الموثقة على أن "لعبة الزمن" هذه ليست بريئة على الإطلاق، بل هي مسبب مباشر لمخاطر صحية جسيمة، من النوبات القلبية وحوادث السير إلى الاكتئاب.


والآن، جاءت دراسة حديثة من جامعة ستانفورد لتقدم الدليل الأكثر شمولاً حتى الآن: إن نظام تغيير التوقيت هو "الأسوأ بلا منازع" لصحتنا.

دراسة "ستانفورد" الجديدة: نظام التبديل هو "الأسوأ"

في خطوة هي الأولى من نوعها، قدمت دراسة نُشرت في دورية "الأكاديمية الوطنية للعلوم"، بيانات علمية واسعة النطاق تقارن التأثيرات الصحية طويلة المدى للخيارات الثلاثة: التوقيت القياسي الدائم، التوقيت الصيفي الدائم، والنظام الحالي القائم على التبديل.

وكانت النتائج حاسمة:

نظام التبديل الحالي هو الأسوأ صحياً، حيث يسبب اضطراباً مزمناً في الساعة البيولوجية للجسم.

التوقيت القياسي الدائم هو الأفضل، حيث يتوافق بشكل أكبر مع ضوء الصباح الطبيعي الذي يضبط إيقاعنا اليومي.

وتوقعت الدراسة أن التحول إليه في الولايات المتحدة وحدها يمكن أن يؤدي إلى تجنب 2.6 مليون حالة سمنة و300 ألف حالة سكتة دماغية سنوياً.

التوقيت الصيفي الدائم، رغم أنه أفضل من التبديل المستمر، إلا أنه يظل أقل فائدة من التوقيت القياسي، حيث يقلل من المخاطر الصحية بنحو الثلثين فقط مقارنة بالخيار الأفضل.

"الفوضى البيولوجية": كيف يعبث تغيير التوقيت بساعتنا الداخلية؟

يكمن جوهر المشكلة في "الساعة البيولوجية" أو ما يعرف بـ "الإيقاع اليومي"، وهو نظام داخلي دقيق يضبط دورات النوم والاستيقاظ، الهرمونات، وعمليات الأيض. هذه الساعة تحتاج إلى ضوء الصباح لتعيد ضبط نفسها يومياً.

وعندما "نسرق" ساعة من النوم في الربيع (الانتقال للتوقيت الصيفي)، فإننا نجبر أجسامنا على الاستيقاظ في الظلام، ونزيد من تعرضنا للضوء في المساء، مما يؤدي إلى حالة من "الفوضى البيولوجية" وعدم التوافق بين ساعتنا الداخلية وساعتنا الاجتماعية.

هذا الخلل المزمن تم ربطه علمياً بزيادة مخاطر الأمراض.

بالأدلة الموثقة: من النوبات القلبية إلى حوادث السير

وتدعم عشرات الدراسات حول العالم خطورة هذا التبديل الزمني:

النوبات القلبية: أظهرت دراسة أمريكية ارتفاعاً بنسبة 24% في معدلات الإصابة بالأزمات القلبية يوم الإثنين الذي يلي تقديم الساعة. وأكدت دراسة سويدية هذه النتيجة.

حوادث السير: تقدر هيئة السلامة المرورية الأمريكية أن عدد الحوادث المميتة يرتفع بنسبة 6% في الأسبوع الذي يلي تقديم الساعة.

الصحة النفسية: وجدت دراسة أسترالية ارتفاعاً في معدلات الانتحار بين الرجال، بينما كشفت دراسة دنماركية عن زيادة بنسبة 11% في حالات الدخول للمستشفى بسبب الاكتئاب بعد تأخير الساعة في الخريف.

من توفير الفحم إلى ضغط جماعات المصالح: قصة التوقيت الصيفي

بدأ تطبيق التوقيت الصيفي لأول مرة في ألمانيا عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى، بهدف توفير الفحم للمجهود الحربي.

ورغم أن مبرر "توفير الطاقة" فقد الكثير من قيمته مع تطور التكنولوجيا، إلا أن النظام استمر تحت ضغط جماعات المصالح الاقتصادية، مثل قطاعات التجزئة والرياضة، التي تستفيد من وجود ساعة ضوء إضافية في المساء لتشجيع الناس على التسوق والنشاط.

ورغم أن هيئات طبية كبرى مثل "الأكاديمية الأمريكية لطب النوم" تطالب بإلغائه، ورغم تصاعد الاستياء الشعبي، لا يزال الكونغرس الأمريكي متردداً في اتخاذ قرار حاسم، مما يبقي الملايين تحت رحمة هذا "النزيف الصحي" السنوي.

0 تعليق