"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

ما زال المواطنون في قطاع غزة يواجهون المجازر والتهجير والجوع بشكل يومي، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على جميع المناطق دون توقف، خاصة مدينة غزة.
"الأيام" واصلت رصد مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد تحت عنوان "أسلحة محرمة"، ومشهد آخر يوثق قيام جنود الاحتلال بإطلاق النار باتجاه خيام النازحين من أجل التسلية فقط، ومشهد ثالث يكشف اكتظاظ منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس بالنازحين بشكل غير مسبوق.

 

أسلحة محرّمة

رغم غياب مختبرات ووسائل فحص متقدمة لكشف ما تحتويه الأسلحة الإسرائيلية التي يتم إسقاطها على قطاع غزة، من مواد محظورة ومحرمة دولياً، إلا أن الكثير من الدلائل والقرائن تشير، بشكل واضح، إلى أن الاحتلال يستخدم مواد خطيرة في الصواريخ والقنابل التي يطلقها على مناطق مختلفة من القطاع.
واشتكى عدد كبير من المواطنين من أعراض صحية غريبة وغير معهودة، بعد تعرضهم لاستنشاق غازات سامة منبعثة من صواريخ جرى إطلاقها من طائرات، وقذائف أطلقتها دبابات في الآونة الأخيرة.
وأشار مواطنون إلى أن جيش الاحتلال يطلق قنابل وقذائف بعضها من الدبابات، وتسمى محلياً قنابل دخانية، وتسبب شعوراً بالضيق في التنفس، ومشاكل صحية كبيرة.
وذكر المواطن عبد الله جمعة الذي نزح حديثاً باتجاه مواصي خان يونس، أن المنطقة التي كانوا يقطنون فيها شمال مدينة غزة تعرضت لقصف عنيف على مدار عدة أيام، منها إطلاق قنابل دخانية، وقذائف مدفعية، وقنابل وصواريخ من الطائرات، موضحاً أنه بعد أن نزح وأفراد عائلته جنوباً بدؤوا يعانون من أعراض غريبة، منها طفح جلدي، وضيق في التنفس، وتغبيش في الرؤية.
وأعرب جمعة عن اعتقاده بأن هناك علاقة وطيدة بين ما يعانونه من أمراض ومشكلات صحية وبين ما تعرضوا له من استنشاق غازات سامة، وغبار ناجم عن مقذوفات الاحتلال.
ولفت إلى أن الاحتلال يستغل عدم وجود معامل لكشف سموم الأسلحة، ويطلق على قطاع غزة قنابل وصواريخ محرمة، وربما تحتوي على مواد مشعة، أو غازات سامة وخطيرة، مدركاً أن أحداً لن يتمكن من كشف ما تحتويه تلك الأسلحة.
من جهته، بيّن الناطق باسم مستشفى شهداء الأقصى، خليل الدقران، أنه جرى مؤخراً تسجيل إصابات بالتسمم جراء استخدام الاحتلال أسلحة محرمة دولياً، مشيراً إلى أن نزوح المواطنين من غزة ينذر بكارثة صحية وبيئية في القطاع.
ونوّه إلى أن المنظومة الصحية معطلة في ظل الحصار والقصف وازدياد أعداد المرضى والجرحى، فيما تعاني مستشفيات القطاع من نقص حاد في وحدات الدم، مبيناً أن الاحتلال يستخدم أسلحة فتاكة ومحرمة دولياً.

 

إطلاق النار من أجل التسلية

لم يعد إطلاق النار من قبل جنود الاحتلال مرتبطاً بعملية عسكرية هنا أو هناك، أو ناجماً عن مواجهات مسلحة مع المقاومة كما جرت العادة، إذ تحول الأمر إلى نوع من التسلية والترفيه الذي يمارسه الجنود، كما يحدث كل يوم جنوب مواصي خان يونس.
ووفق أكثر من مصدر، فإن جنود الاحتلال يطلقون النار كل يوم دون سبب أو مبرر باتجاه خيام النازحين، خاصة القريبة من "مفترق الإقليمي"، ومنطقة "المسلخ التركي"، ومحيط "فش فرش"، وقرب "مسجد معاوية"، ولا يمر يوم دون تسجيل ضحايا من الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين، حيث يستهدف الرصاص الثقيل الخيام بشكل مباشر.
ونشر جنود الاحتلال أكثر من مقطع فيديو يظهرون فيها وهم يطلقون النار باتجاه الخيام، ويضحكون، دون وجود مبرر لإطلاق النار.
وذكر مواطنون يقطنون جنوب خان يونس أن إطلاق النار على خيامهم بات روتيناً يومياً، والرصاص يتساقط على الخيام دون توقف، والناس يجلسون في خيامهم بعد أن سلّموا أمرهم لله، فلا يوجد مكان يمكن أن يلجؤوا إليه.
وقال المواطن إبراهيم العرجا: إن الوضع جنوب خان يونس خطير، والناس يموتون في خيامهم دون أن يعرفوا السبب، وكأن أرواحهم تحولت إلى لعبة بيد جنود الاحتلال الذين يتمركزون في محيط منطقة "الشاكوش"، وعلى "تبة أبو عطايا"، المطلتين على الخيام.
وأكد أن مسألة الموت والإصابة هي نصيب، فالناس في خيامهم ولا أحد يعرف أين ستسقط الرصاصة القادمة، فقد شهدت خيمته ارتطام 6 رصاصات على مدار أسبوعين، دون أن يصاب أي من أفراد عائلته بأذى، بينما أصابت رصاصة طفلة في خيمة مجاورة وكسرت قدمها، لكن في ظل استمرار إطلاق النار اليومي يبقى الوضع خطيراً.
ووفق تحقيق أعدته صحيفة "هآرتس" العبرية، مؤخراً، عن قتل قناص في لواء "ناحال" بجيش الاحتلال العشرات من طالبي المساعدات يومياً، دون تعرضه لأي خطر، قال القناص، للصحيفة: إنه "كان يتمركز يومياً قرب مراكز التوزيع ويطلق النار على الجميع، بما في ذلك الأطفال".
وأضاف: "عند مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة يبدو الأمر كما القط والفأر، أنا أحمل بندقية قنص، والفلسطينيون يحاولون الوصول من عديد الطرق".
وتابع: "الضباط يصرخون عليّ: اقتل.. اقتل؛ فأطلق ما بين 50 و60 رصاصة يومياً، ترددتُ بعض الأحيان في إطلاق النار على الفلسطينيين قرب مراكز المساعدات، لكن قادة الكتيبة كانوا يصرخون عليّ أن أطلق النار".

 

اكتظاظ المواصي

مع استمرار تدفق المزيد من النازحين من مدينة غزة باتجاه جنوب القطاع، باتت منطقة المواصي، الواقعة غرب مدينة خان يونس، مكتظة عن آخرها بالمواطنين والنازحين، حيث شهدت الشوارع ازدحاماً شديداً، بينما اختفت المناطق الخالية، وباتت الخيام متراصة ومتلاصقة بشكل غير مسبوق، في حين اندفع المزيد من النازحين باتجاه شاطئ البحر، رغم خطورة الإقامة هناك بسبب ارتفاع الأمواج.
وزحفت الخيام جنوباً باتجاه مواصي رفح، ومنطقة الإقليمي، رغم أن المناطق المذكورة خطيرة، وتتعرض لإطلاق نار متواصل.
وقال المواطن سمير عبد الكريم: إنه نزح من مدينة غزة باتجاه جنوب القطاع، بعد أن استطاع أقارب له يقيمون هناك توفير مساحة صغيرة من الأرض تكفي لإقامة خيمة ومرحاض صغير.
وأوضح أنه وصل إلى منطقة المواصي بعد مشقة كبيرة، واشترى خيمة بسعر مرتفع وأقامها، لكنه فوجئ بازدحام منطقة المواصي بصورة غير مسبوقة، لدرجة أنه لا يستطيع السير في بعض الشوارع من شدة الازدحام.
وأكد عبد الكريم أن الازدحام الشديد تسبب بضغط على الخدمات الشحيحة، وأن هناك نقصاً في مياه الشرب وازدحاماً كبيراً في الأسواق المحدودة، وعدم قدرة البنية التحتية الضعيفة على خدمة هذا العدد الكبير من الناس.
وبيّن أن الاحتلال يواصل حشر المواطنين في مناطق ضيقة سيئة الخدمات، في حين تواصل قواته احتلال والسيطرة على المزيد من الأراضي في قطاع غزة، التي وصلت إلى 80% من مساحة القطاع، كما سبق وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
بينما قال المواطن محمود شاهين، وهو نازح من مدينة غزة: إن الوضع بات سيئاً جداً في منطقة المواصي، وإن المواطنين أُجبروا على وضع خيامهم على الأرصفة، وبجانب مكبات للنفايات، وعلى شاطئ البحر، وإن بعض المزارعين أوقفوا الزراعة في أراضيهم، وقاموا بتأجيرها للنازحين، ورغم ذلك هناك مئات العائلات ما زالت في الشوارع، لا تجد مأوى.
وأشار إلى أن هذا التكدس الكبير في منطقة صغيرة قد تكون له عواقب صحية وبيئية كارثية، فمياه الصرف الصحي التي تنتج عن الاستهلاك اليومي لهذا العدد الكبير تذهب إلى باطن الأرض، ما يُنذر بتلوث الخزان الجوفي، كما أن آلاف الأطنان من النفايات الصلبة لا تجد تصريفاً مناسباً وتبقى مكدسة بين الخيام، معرباً عن خشيته من انتشار واسع للأمراض في صفوف النازحين.

 

0 تعليق