كتب عيسى سعد الله:
يواجه النازحون من محافظتي غزة والشمال، بعد أن حطوا رحالهم في محافظتي الوسطى وخان يونس، مجاعة شديدة، في ظل منع قوات الاحتلال إدخال المواد الغذائية الأساسية والملحة، كاللحوم والخضراوات والفواكه والألبان والبيض.
وتخلو أسواق المحافظتين من أي كمية من هذه الأصناف الغذائية الضرورية لحياة الإنسان لإبقائه على قيد الحياة.
واتهم تجار ومواطنون قوات الاحتلال بالسماح للتجار باستيراد أصناف غذائية ليست أساسية كالمخللات و"الطراشي" والمعلبات الغذائية الأخرى غير الأساسية، فيما يمنع إدخال المواد الغذائية الضرورية الأخرى.
ويعجز معظم النازحين عن توفير الحد الأدنى من المواد الغذائية اللازمة لإبقاء أبنائهم الأطفال على قيد الحياة.
ولم تعد "تكايا" الطعام قادرة على توفير الطعام لهؤلاء في ظل الزيادة المطّردة في أعدادهم بشكل يومي.
ويقتصر طعام "التكايا" والمؤسسات الخيرية على وجبات غذائية فقيرة بالعناصر الغذائية لخلوها من أي نوع من البروتينات، واقتصارها على أصناف محددة من الطعام، خاصة البقوليات.
ويضطر النازحون لتناول ما تقدمه "التكايا" من طعام أو شراء البقوليات لطهيها لمن لا يحالفه الحظ بالحصول على حصة محدودة من طعام "التكايا".
ويتساءل المواطنون عن سبب منع إدخال قوات الاحتلال اللحوم والبيض والخضراوات والألبان، في وقت تسمح بإدخال كميات كبيرة من المخللات والفواكه المخللة وغيرها من الأصناف الغذائية الثانوية ذات القيم الغذائية المنخفضة.
وتزدحم الأسواق بعشرات آلاف الباحثين عن الطعام الصحي لتجنب إصابة أبنائهم الأطفال بأمراض خطيرة تؤدي حتماً إلى وفاتهم، كما هو الحال مع المواطن حسام عبد الله، الذي يخشى إصابة اثنين من أبنائه الصغار بأمراض مرتبطة بسوء التغذية.
ويحاول عبد الله قدر الإمكان توفير طعام صحي رغم ارتفاع ثمنه كالأسماك النادرة وذات الثمن المرتفع.
واعتبر أن طعام "التكايا" لم يعد مقبولاً بسبب تواضع مذاقه وكميته وجودته، مبيناً أن معظم أفراد الأسرة لم يعودوا يتقبلونه.
ودعا عبد الله القائمين على "التكايا" إلى الاهتمام بجودة الطعام وكميته وتقديمه بصورة لائقة تغري المواطنين لتقبله.
وبالكاد تحصل الأسرة النازحة في مخيمات الإيواء على حصة طعام واحدة مرة كل ثلاثة أيام، فيما تحرم العوائل التي لا تسكن مخيمات معروفة من أي حصة من الطعام أو المساعدات الأخرى، كما هو الحال مع المواطن عبد الرحمن أبو عمرو، الذي اشتكى من عدم تلقيه أي مساعدة إغاثية أو حصة إغاثية رغم مرور ثمانية أيام على نزوحه إلى مدينة دير البلح.
وقال أبو عمرو: رغم عدم جودة الطعام، وقيمته الغذائية المنخفضة، إلا أنه لم يحصل عليه لأنه يسكن في خيمة بعيدة عن المخيمات المعروفة.
وأشار إلى أن المجاعة أصبحت أقسى مما كانت عليه قبل إعلان الاحتلال عن فتح المعابر أمام التجار لإدخال المواد الغذائية.
ولفت إلى أنه يذهب يومياً إلى الأسواق لشراء المواد الغذائية الصحية إلا أنه لا يجدها، ويصطدم بكميات هائلة من المعلبات الغذائية غير الصحية.
وخلال الأيام الأخيرة بدأ يظهر الإعياء وشحوب الوجه والضعف والهزال على الكثير من النازحين، بسبب قسوة الحياة وصعوبة التكيف مع الظروف الجديدة، التي تتمثل في عدم ملاءمة المآوي، وتناولهم الطعام والشراب غير الصحي، إضافة إلى عدم تلقيهم الرعاية الطبية اللازمة.
ومن المتوقع أن تتعمق أزمة المجاعة مع استمرار توافد عشرات آلاف النازحين الجدد من مدينة غزة إلى محافظتي الوسطى وخان يونس.
0 تعليق