عاجل

جدلية التوقيت الشتوي في الأردن وما أسباب وتأثيرات التمسك بتثبيت بالتوقيت الصيفي؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يواجه أكثر من مليوني طالب وطالبة تحدي الذهاب للمدارس في الظلام

لا يزال قرار الحكومة الأردنية بتثبيت العمل بالتوقيت الصيفي (UTC+3) على مدار العام، واحداً من أكثر القرارات تأثيراً على الحياة اليومية والاقتصادية، خاصة مع حلول فصل الشتاء.

فبينما تدافع الحكومة عن القرار بوجود فوائد اقتصادية ولوجستية، تتعالى أصوات من قطاعات شعبية وخبراء تطالب بإعادة تقييم التجربة. هذا التقرير الموسع يحلل الأبعاد الاقتصادية الموثقة ويستشرف ما قد يحدث لو عاد الأردن إلى نظام التوقيتين.


الأثر الاقتصادي الموثق لتثبيت التوقيت الصيفي

لم يكن قرار تثبيت التوقيت عشوائياً، بل استند إلى مجموعة من المبررات الاقتصادية التي تؤيدها قطاعات محددة:

قطاع الطاقة بين الوفر والتكلفة:

بحسب تصريحات سابقة لـوزارة الطاقة والثروة المعدنية، فإن الهدف هو الاستفادة من ضوء النهار الطبيعي مساءً لتقليل استهلاك الكهرباء في الإضاءة المنزلية، والتي تشكل ذروة الأحمال.

في المقابل، يشير خبراء طاقة إلى أن هذا الوفر قد يكون وهماً. فما يتم توفيره مساءً في الإضاءة، يتم استهلاكه صباحاً في التدفئة والإضاءة خلال أشهر الشتاء الباردة والمظلمة، مما قد يجعل صافي الوفر هامشياً أو حتى سلبياً.

دعم قطاعي التجارة والخدمات:

تؤكد قطاعات تجارية، ممثلة بـغرفة تجارة عمان وجهات أخرى، أن ساعة الضوء الإضافية مساءً تنشط الحركة في الأسواق والمراكز التجارية والمطاعم والمقاهي.

دراسات عالمية، مثل دراسة أجراها معهد JPMorgan Chase في الولايات المتحدة، أظهرت أن الإنفاق الاستهلاكي باستخدام بطاقات الائتمان يرتفع بشكل طفيف مع وجود ضوء نهار أطول في المساء.

التأثير: يشجع هذا العامل الأسر على الخروج بعد انتهاء ساعات العمل، مما يعزز مبيعات التجزئة والخدمات.

الاستقرار اللوجستي وقطاع الطيران:

يعتبر هذا المبرر من أقوى الحجج. مصادر في قطاع الطيران المدني والملكية الأردنية تؤكد أن تثبيت التوقيت يزيل الفوضى التشغيلية التي كانت تحدث مرتين سنوياً.

فإلغاء تغيير الساعة يوفر على شركات الطيران تكاليف تعديل جداول الرحلات العالمية، ويمنع الارتباك للمسافرين، ويوائم توقيت الأردن مع توقيتات دول الخليج العربي الثابتة، التي تعتبر محطات ترانزيت رئيسية.

ماذا لو عاد الأردن إلى نظام التوقيتين (الصيفي والشتوي)؟

إن العودة إلى تغيير الساعة في آخر يوم جمعة من شهري مارس /آذار وأكتوبر / تشرين أول ستحمل معها مجموعة من التبعات الإيجابية والسلبية:

السيناريوهات الإيجابية للعودة:

مكاسب اجتماعية وصحية: سيكون الأثر الفوري هو شروق الشمس في الشتاء حوالي الساعة 6:30 صباحاً، مما ينهي ظاهرة ذهاب الطلبة والموظفين لأعمالهم في الظلام.

يعتقد خبراء علم الاجتماع أن هذا يعزز السلامة العامة على الطرقات، ويحسن الحالة المزاجية والإنتاجية العامة عبر مواءمة الساعة البيولوجية للسكان مع ضوء النهار الطبيعي.

دعم قطاعات مرتبطة بالنهار: قطاعات مثل الزراعة والإنشاءات، التي يعتمد عملها بشكل أساسي على ضوء الشمس وليس على ساعة اليد، ستستفيد من بداية مبكرة لضوء النهار، مما يزيد من ساعات العمل الفعلية في الصباح.

تخفيف العبء على الطاقة صباحاً: سيقل الطلب على التدفئة والكهرباء في الساعات الأولى من الصباح خلال الشتاء، مما قد يخفف الضغط على الشبكة الكهربائية في هذه الفترة.

السيناريوهات السلبية والتكاليف المترتبة:

التكلفة اللوجستية وإرباك الطيران: ستعود شركات الطيران والنقل الدولي إلى مواجهة التحدي التشغيلي مرتين سنوياً، مع ما يترتب على ذلك من تكاليف إعادة جدولة وتنسيق وتحديث للأنظمة.

تكاليف تقنية على الشركات: ستحتاج الشركات، خاصة في قطاعي البنوك والتكنولوجيا، إلى تخصيص موارد لضمان تحديث أنظمتها وخوادمها وبرامجها للتعامل مع تغيير التوقيت، لتجنب الأخطاء البرمجية التي قد تسبب خسائر مالية.

تراجع محتمل في نشاط التجزئة المسائي: قد تشهد الأسواق والمطاعم تراجعاً في نشاطها المسائي خلال فصل الشتاء بسبب حلول الظلام في وقت مبكر (حوالي 4:30 مساءً)، مما يقلل من نافذة التسوق والترفيه بعد انتهاء الدوام.

يبدو واضحاً أن قضية التوقيت في الأردن ليست مجرد تحريك لعقارب الساعة، بل هي قرار اقتصادي واجتماعي معقد له أصحاب مصلحة متعددون. فبينما يستفيد قطاع الطيران والتجارة من استقرار وثبات التوقيت الصيفي، تدفع قطاعاتعة من المجتمع، وعلى رأسها الأسر والطلبة، ثمناً اجتماعياً ونفسياً. إن أي قرار مستقبلي بالبقاء على الوضع الحالي أو العودة للنظام القديم يتطلب دراسة علمية حديثة ومحايدة، تقيس بالأرقام صافي الوفر في الطاقة، وتوازن بين الأرباح الاقتصادية لقطاعات محددة والتكاليف الاجتماعية الشاملة.

ويتأخر موعد شروق الشمس في العاصمة الأردنية عمان خلال ذروة الشتاء إلى ما بين 7:30 و 7:35 صباحاً، وهو التأثير الأكثر جدلاً لقرار تثبيت التوقيت.

واستند القرار الحكومي إلى دراسات، منها ما أشارت إليه وزارة الطاقة والثروة المعدنية سابقاً، بأن تثبيت التوقيت قد يحقق وفراً في استهلاك الطاقة يصل إلى 1% من إجمالي الاستهلاك السنوي.

حيث يواجه أكثر من مليوني طالب وطالبة تحدي الذهاب للمدارس في الظلام، بينما يرى قطاع الطيران المدني وبعض القطاعات التجارية استقراراً إيجابياً في إلغاء تغيير الساعة مرتين سنوياً.

0 تعليق