أفرجت السلطات اللبنانية أمس الخميس عن هانيبال معمر القذافي، الابن الرابع لمعمر القذافي، مع إلغاء الكفالة المالية التي كانت مفروضة عليه سابقا والتي بلغت قيمتها 11 مليون دولار.
من جهته، أعلن الساعدي القذافي، شقيق هانيبال، خبر الإفراج عبر منصة "إكس"، موجها الشكر للحكومة اللبنانية ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى مسؤولين ليبيين آخرين ساهموا في الملف.
حاول القضاء اللبناني أن يجمع أدلة على أن هانيبال يعرف الكثير عن اختفاء موسى الصدر ورفاقه فى ليبيا بحكم قربه من دوائر القرار، فوفق رئيس لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، القاضي حسن الشامي، فإن اعترافات هانيبال تضمنت أن الصدر لم يتم اغتياله، بل تم احتجازه في منطقة أمنية في جنزور في ضواحي طرابلس الغرب، وقال إن الإمام بقي حتى عام 1982.
وتقاطعت تلك المعلومات مع ما توصلت له التحقيقات اللبنانية منذ عام 2012، التي تفيد بأن الصدر احتُجز في مقر احتجاز في جنزور، وبعدها نُقل إلى سبها، وبعدها إلى سجن سري سياسي في قاعدة عسكرية ثم نقلوه إلى مكتب النصر، وهو سجن سري سياسي... ولم تتمكن اللجنة من تتبع الأثر أكثر، وفق ما قال القاضى حسن الشامى.
أسباب احتجاز نجل القذافى
واحتجز هانيبال القذافي في لبنان لمدة 10 سنوات من دون محاكمة، حيث طالبته بيروت بتقديم بالإدلاء بمعلومات حول الاختفاء الغامض للزعيم اللبناني الإمام موسى الصدر واثنين من المرافقين له في ليبيا عام 1978، وتتهم والده بالمسؤولية عن القضية.
ورغم أن هانيبال كان عمره وقت الحادث لم يتجاوز العامين، إلا أن السلطات اللبنانية احتجزته دون محاكمة فعلية لسنوات، مما أثار انتقادات دولية.
وفي أكتوبر الماضي، قرر القضاء اللبناني إخلاء سبيله مقابل كفالة 11 مليون دولار ومنع سفر، لكن الإفراج تأخر بسبب صعوبة الدفع.
وساهمت زيارة وفد ليبي رفيع المستوى إلى بيروت في 3 نوفمبر الجارى، برئاسة إبراهيم الدبيبة (ابن شقيق رئيس الحكومة)، في تسليم ملف تحقيقات ليبية حول قضية الصدر، مما مهد لتخفيض أو إلغاء الكفالة وإنهاء الملف.
ويُعد هذا الإفراج نهاية لملف شائك استمر عقدا، ساهم في توتر العلاقات الليبية-اللبنانية، ويفتح الباب أمام تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية القضائية.
ما قصة احتجاز هانيبال في لبنان؟
يعود احتجاز هانيبال إلى عام 2015 حيث تعرض لعملية اختطاف، وتم استدراجه عبر سيدة أقنعته بالقدوم إلى لبنان لمتابعة قضية شقيقه سيف الإسلام أمام المحكمة الجنائية، في ديسمبر 2015، ما أن وصل لبنان حتى خطفته مجموعة مسلحة تطالب بمعلومات عن اختفاء الإمام الشيعي موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين، لكن أُطلق سراحه لاحقاً في مدينة زحلة.
وظل محتجزا في بيروت دون أي معلومات بشأن جلسات المحكمة المستقبلية أو الإطار الزمني للإفراج عنه.
ثم أصدرت الحكومة اللبنانية مذكرة توقيف بحق هانيبال على خلفية تورطه فى اختفاء موسى الصدر، وتم اعتقاله .
رفضت الحكومة اللبنانية طلباً قدمته الحكومة السورية لإعادة القذافي على أساس أنه لاجئ سياسي باعتباره رجلاً مطلوباً في لبنان لحجبه معلومات تتعلق باختفاء الصدر.
وفي أغسطس 2016، رفعت عائلة الصدر دعوى قضائية ضد القذافي بسبب دوره في اختفاء الإمام موسى الصدر.
وفي عام 2019، زُعم أن روسيا، التي طورت علاقات وثيقة مع الأخ الأكبر لهانيبال سيف الإسلام، دفعت من أجل إطلاق سراح هانيبال وعرضت عليه اللجوء لموسكو.
واستشهد هانيبال بحقيقة أنه كان يبلغ من العمر عامين فقط وقت اختفاء موسى الصدر و رفاقه واتخذها دليلًا على براءته. وذكر أيضًا أن والده معمر لم يلتق بالصدر في أغسطس 1978 حيث كان في سرت وقتذاك. وبدلاً من ذلك، استضاف رئيس الوزراء الليبي عبد السلام جلود الصدر والوفد المرافق له في طرابلس، وزعم هانيبال أن جلود وأحمد قذاف الدم هما الأشخاص الأحياء الوحيدون الذين لديهم علم باختفاء الصدر.
وكان شقيقه الأكبر سيف الإسلام يتفاوض خلف الكواليس لإطلاق سراحه عبر وسطاء، كما مارست العديد من الحكومات الأجنبية، ضغوطاً من أجل إطلاق سراح هانيبال، لكن جهودها أعاقتهما على أعلى مستوى حركة أمل وحزب الله التي يهيمن عليها الشيعة.
و في يونيو 2023 بدأ هانيبال إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على احتجازه المطول في لبنان. ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بسبب إضرابه عن الطعام، وفق بى بى سى.
و في 22 يونيو 2023، دخل هانيبال المستشفى في لبنان بعد إضراب عن الطعام استمر لمدة أسبوعين.
وفي يناير 2024، دعت هيومن رايتس ووتش لبنان إلى إطلاق سراح هانيبال القذافي، قائلة إنه محتجز "بتهم زائفة" منذ ثماني سنوات.
وفي أغسطس 2024 طلبت ليبيا من لبنان توضيح أسباب توقيف هانيبال القذافي. وقد طلبت السلطات القضائية الليبية رسميًا من لبنان الإفراج عن هانبيل بسبب تدهور حالته الصحية.
في 6 نوفمبر 2025 أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الإفراج عن هانيبال القذافي بعد 10 سنواتٍ من سجنه، كما أبدت السلطات اللبنانية استجابة أدت إلى اتخاذ قرار الإفراج عن المعني، وإلغاء الكفالة المفروضة، وذلك في إطار روح الأخوة والعلاقات التاريخية، التي تجمع الشعبين الشقيقين، وتفعيل العلاقات الدبلوماسية بين ليبيا ولبنان.

0 تعليق