تحتفل منظمة الصحة العالمية، باليوم العالمى للمبتسرين، والذي يوافق 15 نوفمبر من كل عام.
ويعد فرصة عالمية لزيادة الوعي بتحديات الولادة المبتسرة وأثرها، ويسلط هذا اليوم الضوء على الحاجة المُلحّة إلى تحسين رعاية الأطفال المبتسرين وتوفير الدعم العملي والعاطفي لأسرهم.
منح الأطفال المبتسرين بداية قوية
ويأتي موضوع هذا العام، "مَنحُ الأطفال المبتسرين بدايةً قويةً لمستقبل مُفعمٍ بالأمل"، صدى لحملة منظمة الصحة العالمية «بداية صحية لمستقبل واعد». وهذا يُذكّرنا بأن كل طفل يستحق فرصة عادلة في الحياة، بدءًا من لحظاته الأولى.
وتُعدُّ المضاعفات الناجمة عن الولادة المبتسرة الآن السبب الرئيسي لوفاة الأطفال دون سن الخامسة، وهو ما يمثل أكثر من خُمس (22.8%) وفيات الأطفال دون سن الخامسة في الإقليم، وفي إقليم شرق المتوسط، حيث تبلغ نسبة الولادة المبتسرة 11%، نجد أن التحدِّيات في هذا المجال تتطلب إجراءات عاجلة.
وفي البلدان المتضررة بالنزاعات، يتفاقم عبء الأطفال المبتسرين بسبب الحرب والنزوح والجوع.
ففي غزة، يولد أكثر من 4,000 طفل شهريًّا، ويولد واحد من كل 3 أطفال مبتسر أو ناقص الوزن أو يحتاج لعناية مركزة، وهذا ما كشفته الأشهر الستة الأولى من عام 2025. وفي السودان، تسبب النزاع في نزوح 14 مليون شخص، ويزداد احتمال الوفاة للأمهات أثناء الولادة 10 أضعاف ما كانت عليه، وفي اليمن، تزيد حالات الإملاص (ولادة وليد ميّت) بنسبة 50% عن المتوسط العالمي، فالولادة لا تتوقف حتى أثناء الصراع، والنساء يحملن ويلدن تحت الحصار بلا طعام أو ماء نظيف أو كهرباء، أما في المستشفيات المتضررة أو التي لا يوجد بها كهرباء، فتُجرَى العمليات القيصرية على ضوء كشاف الإضاءة، والأطفال المبتسرين يُلفون بورق الألمنيوم لتدفئتهم، ويكافح العاملون الصحيون للحفاظ على حياة المواليد دون توافر أية مستلزمات تقريبًا.
الأسباب الرئيسية للمبتسرين
ويعَد سوء التغذية أحد الأسباب الرئيسية للمبتسرين، فالأمهات اللاتي يعانين من سوء التغذية يدخلن المخاض مبكرًا، أو يفقدن أطفالهن في غضون ساعات، وعندما تُستهدف المستشفيات، أو يُمنع توفير الوقود، أو تُقطع سلاسل الإمداد، فإن الأمهات والمواليد هم الذين يدفعون الثمن.
وبالإضافة إلى النزاعات، فإن العبء المرتفع للولادات المبتسرة في إقليم شرق المتوسط هو أحد عواقب أوجه انعدام المساواة الهيكلية التي تتمثل في نقص تغذية الأمهات، وضعف نظم الإحالة، ومحدودية رعاية حديثي الولادة، ونقص الموظفين المدربين، وفي دولٍ مثل باكستان والصومال والسودان واليمن، تضع نساءٌ كثيرات أطفالهن بلا دعمٍ مهنيّ مؤهَّل، والنتيجة؟ موت عدد كبير من الأطفال في صمتٍ، دون أن يُلتفت إليهم.
لذلك، تعمل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والشركاء، في إطار خطة عمل «كل مولود»، على توسيع نطاق التدخلات المسندة بالبيِّنات الخاصة بالرُّضع المبتسرين والمنخفضي الوزن عند الولادة - على نحو يتيح تعزيز البيانات، وتقديم الخدمات، وتدريب القوى العاملة، والتمويل.
وتزامنًا مع يوم المبتسرين العالمي، تُطلق منظمة الصحة العالمية الدليل العملي لرعاية الأم لمولودها على طريقة الكنغر (الرعاية بتلامس البشرة)، الذي ينشر تلك الممارسة البسيطة المنقذة للحياة، بوصفها رعاية روتينية يتعين تقديمها لجميع المواليد المبتسرين والمنخفضي الوزن.
وفي عام 2024، اعتمدت جمعية الصحة العالمية القرار (ج ص ع77-5) الذي ينص على الالتزام بتسريع وتيرة التقدم نحو خفض وفيات الأمهات والمواليد والأطفال من أجل تحقيق الغايتين 3-1 و3-2 من أهداف التنمية المستدامة، غير أن التخفيضات في المساعدات الإنمائية الرسمية تنعكس سلبًا بالفعل على الخدمات الحيوية المقدمة للأمهات والمواليد، وتُظهر بيانات منظمة الصحة العالمية انخفاضًا يصل إلى 70% في الرعاية السابقة للولادة، والرعاية أثناء الولادة، ورعاية الحديثي الولادة في العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
ولتخفيف آثار أزمة التمويل، تبذل المنظمة وشركاؤها جهودًا لمساندة البلدان في توجيه مواردها نحو الخدمات الحيوية، وحماية ميزانياتها الموجهة للصحة، وإدماج البرامج الممولة خارجيًّا في نظام الرعاية الصحية الأولية، وفي حالات النزاع والأوضاع الإنسانية، تظل حماية حياة الأمهات والمواليد في صدارة الأولويات؛ عبر تأمين الولادة الآمنة، وتقديم الرعاية للحديثي الولادة بما يشمل الرعاية بتلامس البشرة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها، وفي أوضاع التعافي من الأزمات، تكون المهمة الرئيسية هي إعادة البناء لاستعادة سلاسل الإمداد، وإعادة تأهيل وحدات الأمومة في المرافق الصحية، وتدريب مقدمي الخدمات في خطوط المواجهة. وفي البلدان المستقرة، يجب أن ينصب التركيز على الوقاية والابتكار.
وتدعو حملة يوم المبتسرين العالمي هذا العام الدول إلى:
• الاستثمار في الرعاية الخاصة للمواليد الصغار الحجم والمرضى، ويشمل ذلك وحدات رعاية حديثي الولادة، والموظفين المدربين تدريبًا خاصًا، والأماكن المخصصة والمعدات المنقذة للحياة.
• تعزيز الخدمات الصحية المقدمة للأمهات للوقاية من الولادة المبتسرة والكشف المبكر عن المشكلات الصحية.
• دعم الأسر بالموارد العاطفية والمالية والعملية لرعاية أطفالها.
• تعزيز الإنصاف لضمان عدم توقف بقاء الإنسان على قيد الحياة على دخله أو مكان إقامته، وأن تُتاح لكل طفل أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة والعيش بصحة جيدة.

0 تعليق