خاص - (بنا)
المنامة في 14 نوفمبر/ بنا / تزامنًا مع اليوم العالمي للسكري، الذي يوافق الرابع عشر من نوفمبر من كل عام، أكد أطباء واستشاريون متخصصون أن مملكة البحرين تواصل تعزيز جهودها في مواجهة داء السكري عبر برامج متكاملة تعتمد على الوقاية والكشف المبكر وتطوير الخدمات العلاجية، ضمن رؤية وطنية تعلي من شأن صحة الإنسان وجودة حياته، موضحين أن المملكة حققت تقدمًا ملحوظًا في مجال الغدد الصماء والسكري من خلال تحديث البروتوكولات الطبية، وتبني أحدث التقنيات العلاجية، وتوسيع برامج التوعية المجتمعية.
وأشاروا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا) إلى أن مواجهة السكري لم تعد مسؤولية صحية فحسب، بل أصبحت نهجًا وطنيًا يستند إلى العمل الجماعي بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، بما يشمل تطوير بيئات العمل الصحية، ودعم أنماط الحياة السليمة، وإطلاق مبادرات نوعية تستهدف الفئات الأكثر عرضة للمرض، إلى جانب تعزيز البرامج الموجهة للأطفال واليافعين، مؤكدين أن المملكة، من خلال تكامل جهود المؤسسات الصحية، تواصل تقديم نموذج متقدم في تعزيز الوعي المجتمعي وتقليل عوامل الخطورة، بما ينسجم مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي جعلت صحة الإنسان محور التنمية المستدامة.
ومن هذا المنطلق، أكدت البروفيسور دلال الرميحي، استشاري الغدد الصماء والسكري في مستشفى العوالي، وأستاذ مشارك في الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا، أن شعار اليوم العالمي للسكري لهذا العام "السكري وجودة الحياة في بيئة العمل" يعكس أهمية تمكين ملايين العاملين المتعايشين مع المرض، مشيرةً إلى أن بيئة العمل ليست مجرد مكان لأداء المهام اليومية، بل عنصر أساسي في تعزيز الصحة العامة والدعم النفسي والمهني للموظفين.
وأوضحت أن الإحصاءات الدولية تظهر أن الغالبية العظمى من المصابين بالسكري هم في سن العمل، وهو ما يبرز الحاجة إلى بيئات عمل أكثر وعيًا، مضيفةً أن العديد من التحديات اليومية التي يواجهها الموظفون المتعايشون مع السكري، مثل غياب الوعي الصحي لدى المحيطين بهم، أو محدودية الخيارات الغذائية السليمة، أو القلق من التعامل مع حالات الطوارئ، تسهم في التأثير على جودة حياتهم وإنتاجيتهم.
وشددت على أن تعزيز الوقاية والكشف المبكر، وتقديم بيئات عمل صحية، يمثلان جزءًا من مسؤولية جميع الجهات، مشيرةً إلى أن تمكين العامل المصاب بالسكري يسهم في بناء مجتمع أقوى وأكثر قدرة على النمو والاستدامة.
من جانبه، أكد الدكتور حسين طه، رئيس وحدة الغدد الصماء والسكري للكبار بمجمع السلمانية الطبي، أن الفحوص المبكرة ونمط الحياة الصحي يمثلان حجر الأساس في الحد من انتشار مرض السكري، خصوصًا النوع الثاني، مشيرًا إلى أن نسبة كبيرة من المصابين عالميًا يعيشون دون تشخيص، موضحًا أن برامج الفحص الدوري التي تنفذها مملكة البحرين تسهم في الكشف عن عوامل الخطورة مثل السمنة وقلة النشاط البدني، لافتًا إلى أن تبني نمط صحي متوازن يمكن أن يقلل من احتمالية الإصابة بالنوع الثاني بنسبة تصل إلى 58% لدى الفئات المعرضة.
وأشار إلى أن المملكة شهدت تطورًا ملحوظًا في أساليب علاج السكري عبر اعتماد أحدث التقنيات والأدوية المتوافقة مع الإرشادات العالمية، أبرزها أجهزة المراقبة المستمرة للسكر (CGM) التي تحسن التحكم في مستويات الجلوكوز، والأدوية المبتكرة من فئات SGLT2 inhibitors وGLP-1 agonists التي تسهم في حماية القلب والكلى وتنظيم الوزن، مضيفًا أن تبني الطب الشخصي والعلاجات الموجهة أصبح جزءًا أساسيًا من المنظومة الصحية الوطنية، مدعومًا ببرامج تثقيفية إلكترونية تعزز المتابعة الذاتية للمريض وترفع جودة حياته.
وأضاف أن الاستراتيجية الوطنية للصحة العامة في مملكة البحرين تمثل إطارًا متكاملًا يهدف إلى الوقاية والكشف المبكر والإدارة المتقدمة للأمراض المزمنة، من خلال تعزيز دور الرعاية الأولية، ودعم الأبحاث الوطنية، وتطبيق نهج "الصحة في جميع السياسات" الذي يدمج الاعتبارات الصحية ضمن التعليم والرياضة والتخطيط العمراني، مما جعل المملكة نموذجًا إقليميًا في بناء مجتمع واعٍ وقادر على مواجهة التحديات الصحية بأساليب مبتكرة ومستدامة.
من جانبها، أوضحت الدكتورة هيا محمد الخياط، استشاري الغدد الصماء والسكري للأطفال، ورئيس قسم الأطفال بالمستشفى العسكري، أن مرض السكري يمثل أحد أبرز التحديات الصحية في العالم، لما له من انعكاسات مباشرة على الصحة العامة وجودة الحياة، مبينةً أن الخدمات الطبية الملكية قدمت نموذجًا وطنيًا متكاملًا في رعاية مرضى السكري عبر تطوير عيادات تخصصية وبرامج علاجية تعتمد أحدث التقنيات العالمية، مشيرةً إلى إنشاء أول عيادة لمضخة الإنسولين للأطفال في البحرين عام 2013 بالمستشفى العسكري، والتي أصبحت مركزًا تدريبيًا وطنيًا معتمدًا.
كما لفتت إلى تبني نظام المتابعة الذكية والعيادات الافتراضية، وتفعيل برامج تدريب للأطباء والممرضين، إلى جانب المشاركة في بحوث تطبيقية بالتعاون مع جامعة الخليج العربي ومراكز دولية، بما يرسخ التوجه نحو الطب الشخصي المبني على الأدلة العلمية.
وأشارت إلى البرنامج الوطني للفحص المبكر للأمراض غير السارية الذي استفاد منه أكثر من 120 ألف مواطن ومقيم، إلى جانب تنفيذ حملات توعوية لتعزيز النشاط البدني والتغذية السليمة، مضيفةً أن اختيار البحرين ضمن 25 دولة عالميًا لتطبيق خطة منظمة الصحة العالمية لتسريع خفض معدلات السمنة يعكس جهودها المتقدمة في معالجة عوامل الخطورة. كما نوهت بتدشين الدليل الإجرائي الوطني للسكري كخطوة نوعية لتوحيد الإجراءات التشخيصية والعلاجية.
وأوضحت الدكتورة مها العريض، استشاري الغدد الصماء للأطفال بمجمع السلمانية الطبي، أن مرض السكري لدى الأطفال يشمل ثلاث فئات رئيسية: النوع الأول، والنوع الثاني المرتبط بارتفاع معدلات السمنة، إضافة إلى أنواع أخرى نادرة، موضحةً أن النوع الأول لا يزال الأكثر شيوعًا بين الأطفال، إلا أن انتشار النوع الثاني يشهد ارتفاعًا متسارعًا نتيجة زيادة السمنة بين صغار السن، مبينةً أن المضاعفات لدى الأطفال أقل مقارنة بالبالغين، لكنها في تزايد بسبب ارتفاع أعداد الحالات عمومًا.
وأشارت إلى وجود ارتفاع ملحوظ في معدلات الإصابة بالسكري بين فئة الشباب مقارنة بالسنوات الماضية، مرجعةً ذلك إلى زيادة معدلات السمنة البدنية بين المراهقين، مؤكدةً أن الجهود الوطنية في البحرين، من مستشفيات ومؤسسات وجمعيات أهلية، تتكامل لنشر التوعية عبر المعارض والحملات التثقيفية، مشيدةً بهذه الجهود التي ساهمت في تعزيز أنماط الحياة الصحية والحد من الأمراض المزمنة عبر دعم الرياضة والتغذية السليمة والتوعية بالصحة العامة.
من: نورة البنخليل
ع.ب, م.خ, S.E

0 تعليق