والحقيقة أننا لو راجعنا أهم الحروب الدائرة منذ تولي الرئيس ترمب السلطة، لوجدناها تتمثل في حربين، الروسية الأوكرانية، وحرب إسرائيل على قطاع غزة. الأولى ما زالت قائمة رغم انخفاض وتيرتها، والثانية للتو بدأت أولى خطوات إيقافها وسط تعقيدات بالغة. ولو ركزنا كعرب على حرب غزة باعتبارها عدواناً على شعب عربي لوجدنا أنها في الأساس لم تكن حرباً بين جيشين أو دولتين، بل حرب قام بها جيش عالي التسليح لدولة احتلال على قطاع يسكنه أكثر من مليوني مواطن مدني. صحيح أن منظمة حماس قامت بعمل متهور في 7 أكتوبر 2023 لكن لم يكن الرد الإسرائيلي يحتاج عامين من التدمير والإبادة والتجويع والتهجير والحصار. عامان والولايات المتحدة الأمريكية تمد إسرائيل بالدعم السياسي والعسكري المتفوق، وحتى بعد مجيء ترمب للبيت الأبيض في يناير استمر الموقف الأمريكي على ما هو عليه.
التغير الاستراتيجي الذي جعل ترمب ينحو إلى إيقاف الحرب هو الحملة الدبلوماسية الدولية الكثيفة الناجحة التي قادتها المملكة بتضامن عربي وإسلامي ودولي من إجل إيقاف حرب غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد كانت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي نجاحاً هائلاً لدعم فلسطين ودولتها، وفضح الجرائم الشنيعة التي نفذتها إسرائيل في غزة. ونتيجة ذلك فقد تغير الرأي العام الدولي بعد افتضاح كذب السردية الإسرائيلية، وبدأ تعاطف الشعوب والمنظمات مع الحق الفلسطيني. هذا التغير الدراماتيكي هو ما جعل ترمب، أو ربما أجبره، على طرح خطته لإيقاف الحرب في غزة، لأنه لا يستطيع مواجهة العالم واتخاذ موقف مغاير لإرادة دولية شاملة.
السلام الحقيقي هو إعادة الحقوق لأصحابها ومنع المتعطشين للحروب والدماء مثل نتنياهو من ممارسة جنونهم، وإذا تحقق ذلك ربما تكون هناك فرصة أفضل للرئيس ترمب للفوز بنوبل للسلام.
أخبار ذات صلة
0 تعليق