إعداد: أحمد البشير
تُعرف المكسيك بثقافتها الغنية ومطبخها المتنوع ومدنها الشهيرة مثل العاصمة مكسيكو سيتي وغوادالاخارا، غير أن سحر البلاد الحقيقي لا يكمن في المدن الكبرى، بل في بلداتها الصغيرة التي تختزن بين أزقتها الضيقة وأسواقها الشعبية وعمارتها الملونة مزيجاً من التاريخ والجمال والروح المكسيكية الأصيلة. وفي هذه البلدات، يلتقي الزائر بتراث حضارات المايا والأزتيك، ويستمتع بجمال الطبيعة الخلابة بين السواحل والمناطق الجبلية، بعيداً عن زحام السياح وصخب المدن.
في ما يلي جولة في 11 من أجمل البلدات المكسيكية التي لا تزال بعيدة عن أضواء الشهرة، لكنها تستحق أن تكون ضمن خطط السفر لكل محب للتاريخ والثقافة والطبيعة.
1 - سايوليتا – تنبض بسحر البحر الهادئ
على ساحل ريفييرا ناياريت المطل على المحيط الهادئ، تقع بلدة سايوليتا التي تحولت من قرية صيد نائمة إلى وجهة محبوبة لعشاق الأمواج والهدوء. ورغم انتشار المنتجعات الفاخرة على طول الساحل، احتفظت البلدة بجاذبيتها البوهيمية وروحها البسيطة. ويمكن للزائر الاستمتاع بجلسة تصفح الأمواج المناسبة للمبتدئين، أو التجول في شوارعها المليئة بالمقاهي والمتاجر الصغيرة التي تعرض منتجات محلية الصنع مثل ملابس القطن والكتان في متجر Manyana Sayulita.
2 - إيزامال – المدينة الذهبية
تُعرف «إيزامال» بلونها الأصفر الذهبي الذي يغطي مبانيها وكنائسها القديمة، ما يجعلها من أجمل المدن في شبه جزيرة يوكاتان. وكانت هذه البلدة مركزاً مهماً لحضارة المايا، وتحتضن ديراً ضخماً شُيّد في عام 1561 فوق أطلال معبد قديم. وفي قلبها يبرز دير القديس أنطونيوس الذي يعكس التقاء الحضارتين الماياوية والإسبانية. كما يمكن زيارة هرم كينيتش كاك مو المكرس لإله الشمس لدى المايا، والتجول في متاجر الحرف اليدوية التقليدية. ولمن يبحث عن تجربة فندقية فريدة، يمكن الإقامة في Coqui Coqui Casa de Los Santos.
3 - باتسكوارو – موطن الروح والاحتفال
في قلب ولاية ميتشواكان تقع باتسكوارو، البلدة التي تطل على بحيرة تحمل الاسم ذاته وتُعد موطناً لشعب البيوربيتشا الأصلي. وتشتهر البلدة باحتفالات «يوم الموتى» التي تُعد من أجمل الاحتفالات في المكسيك، حيث تُضاء الشموع وتُزين المقابر بالزهور تكريماً للأرواح. وتتميز شوارعها المرصوفة بالحجارة بكنائس تعود للقرنين السادس عشر والسابع عشر، كما تنتشر فيها منازل استعمارية أعيد ترميمها لتتحول إلى بيوت ضيافة وفيلات أنيقة مثل Casa Lloreda. ويمكن للزائر القيام برحلات قصيرة إلى سانتا كلارا ديل كوبري المعروفة بصناعة النحاس اليدوي، أو تسلق بركان باريكوتين الذي خلّف كنيسة نصفها مغطى بالحمم البركانية في مشهد مهيب.
4 -كامبيتشي – مدينة القراصنة
تُعد كامبيتشي واحدة من أجمل مدن الساحل الشرقي في شبه جزيرة يوكاتان، وتشتهر بأسوارها الحجرية التي بُنيت لحمايتها من القراصنة في القرن السابع عشر. وخلف جدرانها الملونة تختبئ مطاعم محلية راقية وفنادق صغيرة مثل Refugio Bajo Las Hojas، حيث يمكن للنزلاء الاستمتاع بجمال العمارة الاستعمارية. كما يضم متحف الآثار في كامبيتشي مجموعة نادرة من القطع الماياوية، كما تعد المدينة بوابة لاكتشاف موقع كالكمول الأثري الذي يعود إلى ألف عام قبل تشيتشن إيتزا، ويكشف عن روعة حضارة المايا القديمة.
5 - باكالار – بحيرة الألوان السبع
تقع باكالار جنوب شبه جزيرة يوكاتان، وتُعرف ببحيرتها الشهيرة التي تتدرج ألوانها بين الأزرق الفاتح والفيروزي والزمردي، حتى تُعرف باسم بحيرة الألوان السبعة. وتحتوي البحيرة على تكوينات جيولوجية نادرة تُعرف بالستروماتوليت، وهي من أقدم الكائنات على الأرض. للحفاظ على هذا النظام البيئي الفريد، يُنصح باستكشاف المنطقة برفقة مرشدين محليين.
6 - سان بابلو فيا دي ميتلا
على بعد ساعة من مدينة أواكساكا تقع بلدة سان بابلو فيا دي ميتلا التي تعد مركزاً دينياً مهماً لحضارة الزابوتيك القديمة. ويضم الموقع الأثري خمس مناطق تحتوي على نقوش هندسية دقيقة وباحات مستطيلة كانت مخصصة للكهنة. ويمكن للزائر أيضاً التوجه إلى شجرة «El Árbol del Tule» العملاقة التي يُعتقد أن عمرها يتجاوز ألفي عام.
7 -تلاكيباكي – عاصمة الفنون والحرف
على بعد 30 دقيقة فقط من غوادالاخارا تقع بلدة تلاكيباكي التي تُعد وجهة مثالية لعشاق الفنون والحرف اليدوية. وتنتشر فيها المعارض والمتاجر التي تعرض أعمالاً خزفية ومنسوجات ومشغولات معدنية فريدة. ومن أبرز الأماكن التي تستحق الزيارة مشروع «Hacha» الذي يقدم تصاميم معاصرة للأواني الخزفية، بالإضافة إلى متحفين بارزين هما متحف السيراميك الإقليمي ومتحف بانتاليون باندورو.
8 - سان كريستوبال – قلب تشياباس النابض
في جنوب المكسيك، وبين الجبال والغابات الكثيفة، تقع بلدة سان كريستوبال دي لاس كاساس التي تجمع بين الطابع الاستعماري الإسباني والهوية الأصلية لشعوب تشياباس. وتتميز شوارعها بالحجارة القديمة والمنازل ذات الشرفات الخشبية، وتحتضن كاتدرائية باروكية مهيبة تزينها الزخارف الذهبية. يمكن الإقامة في فندق «Hotel Bo» الذي يقدم تجربة راقية مع لمسات تصميمية عصرية. كما تُعد البلدة نقطة انطلاق لاستكشاف أطلال مدن المايا القديمة مثل بالينكي وياكشيلان.
9 واحة بين الصحراء والبحر
على بعد 90 دقيقة فقط من لوس كابوس، تقع تودوس سانتوس، البلدة التي تجمع بين روح الصحراء وجمال المحيط الهادئ. يمكن للزائر الإقامة في فندق «Paradero» ذي الطراز البوهيمي الحديث، أو «Hotel San Cristobal» المطل على البحر.
وتشتهر المنطقة برياضاتها الخارجية كركوب الأمواج في شاطئ سيريتوس أو المشي بين الجبال في سلسلة سييرا لا لاغونا. إن تودوس سانتوس وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والهدوء بعيداً عن الزحام السياحي.
10 - ترونكونيس – جنة الهدوء والبحر
تقع ترونكونيس على الساحل الغربي للمكسيك، وتبعد نحو 30 دقيقة عن مدينة زيهواتانيخو. وتمتاز بأجوائها الهادئة وشواطئها الطويلة المثالية لمشاهدة الغروب أو ممارسة اليوغا على الرمال. يوفر فندق «Lo Sereno» تجربة إقامة فاخرة تطل على البحر مباشرة، مع مسبح لا نهائي يفتح على الأفق. ويمكن للزائر أيضاً المشاركة في طقوس «تيمزكال»، وهي تجربة روحية قديمة تهدف إلى تطهير الجسد والعقل داخل كوخ بخاري من الطين.
11 - تبوستلّان – بين الأسطورة والروحانية
على بعد ساعتين فقط من مكسيكو سيتي تقع تبوستلّان، البلدة الجبلية التي يُعتقد أنها مسقط رأس الإله الأزتكي «كويتزالكواتل». وتتميز البلدة بمزيج من الفن والطبيعة والروحانية، حيث تنتشر فيها الحدائق النحتية والمقاهي الفريدة مثل «مارغاريتا كونسيبت». كما يمكن للزائرين الإقامة في «Casa Fernanda» أو «Posada del Tepozteco» التي تطل على الجبال.
تكشف هذه البلدات الصغيرة عن وجهٍ آخر للمكسيك، بعيداً عن الزحام والفنادق العملاقة. إنها أماكن تحتفظ بتراثها، وتقدم للزائرين تجربة ثقافية وإنسانية فريدة تتجاوز حدود السياحة التقليدية. فمن البحر إلى الجبال، ومن آثار المايا إلى ألوان البيوت الزاهية، تظل هذه البلدات شهادة حية على أن سحر المكسيك لا يقاس بحجم مدنها، بل بعمق روحها وتنوع حضاراتها.
0 تعليق