عالم رقمي ضخم تتعامل معه الأسر بكافة شرائحها في ظل الجيل الرقمي الحديث؛ الذي وجد نفسه أمام الكثير من المحتويات غير الآمنة، والانعكاسات السلوكية الضارّة التي قد تنشأ عن العالم الافتراضي غير المراقب؛ الذي يتيح للمستخدمين لهذه العوالم إنشاء عوالم افتراضية قد تكون سبباً في استهداف الأطفال والمراهقين.
تتصاعد التحذيرات في ظل انتشار العديد من المخاطر على منصات الإعلام الرقمي والتواصل الاجتماعي ، وكشفت عن حجم خطورتها وتأثيرها السلبي في الأطفال والمراهقين، ما دفع خبراء ومتخصّصين إلى المطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة للحدّ من خطورتها وحماية المستخدمين لهذه العوالم والتي قد يرافقها عدم وجود رقابة أبوية ومجتمعية فينشأ جيل مستهدف مليء بالمعتقدات الخاطئة الفكرية والأمنية والاجتماعية.
وتأتي منصات الألعاب أحد أهم تلك العوالم التي تتصاعد حولها التحذيرات واللاءات، فهي واحدة من أكبر المنصات الرقمية التي تجمع الأطفال حول العالم، وتعد بيئة خصبة للمتحرشين بالأطفال والتغرير بهم وما إلى ذلك من الأمور غير الأخلاقية، وأصحاب الفكر المتطرف.
ورغم الجهود التي تبذل من بعض تلك المنصات في مكافحة جميع الأنشطة غير الأخلاقية، غير أنها لا تزال تعدُّ خطراً على الأطفال، في ظل العالم الرقمي الذي يعجُّ بحالات التحرش والاستغلال الجنسي للأطفال ومحاولة تجنيد متطرف، إذ اجتمع ضعف الرقابة الأبوية وعدم تفاعل المنصات الرقمية مع كافة الملاحظات والجوانب السلبية.
ملاحقة المتحرشين.. صعب
خبير التقنية وأمن المعلومات محمد السريعي أكد لـ«عكاظ»: أنه من الصعوبة ملاحقة المتحرشين على منصات الألعاب بسبب سياسات تلك البرامج، واعتمادها على التسجيل بأسماء غير حقيقية وعناوين بريد أو أرقام هاتفية عند التسجيل، ولا يمكنك السؤال عن الأسماء الحقيقية أو عناوين البريد الإلكتروني أو أرقام الهواتف عند التسجيل. ما يحمي خصوصية الأطفال عند التسجيل، ولكنه أيضاً يحمي المتحرشين وأصحاب الفكر المتطرف.
وأضاف السريعي: بادرت بعض الدول بحظر تلك المنصات، وألزمت هيئة تنظيم الإعلام في السعودية المنصة بإيقاف المحادثات الصوتية والكتابية عن منصة ألعاب، وحجب أكثر من 300 ألف لعبة ضمن فئة (ألعاب التجمعات الاجتماعية)، إلى جانب التشديد على رقابة محتوى المنصة من أجل تعزيز السلامة الرقمية، وحماية الخصوصية، وتوفير تجربة أكثر أماناً للمستخدمين.
وقد أدخلت بعض الدول تعديلات جديدة تهدف إلى تعزيز مستويات الحماية والأمان الرقمي لمستخدمي بعض المنصات، خصوصاً الأطفال، وشملت التعديلات «تعطيل بعض ميزات التواصل مؤقتاً مثل خاصية المحادثة داخل اللعبة، في إطار تدابير وقائية لحماية الفئات العمرية الأصغر»، كما تتضمن التغييرات إدخال تحسينات على الإشراف على المحتوى والتواصل باللغة العربية، وإضافة تحسينات على مجموعة ميزات السلامة وأدوات الرقابة الأبوية..
وشدد السريعي، على أن رفع الرقابة على المنصة من الضروريات التي يجب أن تسعى إليها وتقرها المنصة ويتم العمل بها حتى تصبح أكثر أماناً على مستخدميها، وتقع على عاتق الأسر مسؤولية مضاعفة لمراقبة استخدام أبنائهم للمنصة، والتأكد من تفعيل أدوات الرقابة الأبوية وتوجيههم نحو الاستخدام الآمن، ما يتطلب وعياً أكبر من الآباء والأمهات، لضمان أن تبقى التجربة في إطارها الترفيهي الآمن بعيداً عن أي مخاطر رقمية محتملة.
تشديد القيود على المحتوى
ويطالب الخبير الأمني اللواء متقاعد محمد الأسمري في حديثه لـ«عكاظ»: بفرض قيود أكثر صرامة على المنصات الرقمية والإلكترونية، وتشديد القيود على المحتوى غير المناسب، بالإضافة إلى منع وصول حسابات الأطفال والمراهقين لتلك المحتويات غير المناسبة.
وأعرب اللواء الأسمري، عن أمله فرض قيود خاصة على أي محتوى يتضمن سلوكيات غير أخلاقية أو تروّج لأفعال خطيرة أو للإدمان وللتنظيمات المتطرفة؛ التي تستغل تلك المنصات لترويج معتقداتها. وقال: إن الأطفال ليسوا آمنين على تلك المنصات والخالية فعلياً من أدوات السلامة لحماية مستخدميها، والقيام بتحسينات حقيقية تصب في سلامة مستخدمي منصتها خاصة من الأطفال.
إزالة 28 مليون مادة متطرفة
توجّت الجهود المشتركة بين المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) ومنصة (تليجرام) خلال الربع الثالث من العام الحالي 2025م (يوليو – سبتمبر)، بإزالة 28,495,947 مادة متطرفة، وإغلاق 1,150 قناة مستخدمة في الدعاية المتطرفة، وذلك في إطار العمل المشترك للتصدي للمحتوى الرقمي؛ الذي تبثه العديد من التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية.
وشهدت نسبة نشر المواد المتطرفة نشاطاً ملحوظاً، حيث سجل شهر أغسطس ذروة النشاط بنسبة 42%، يليه يوليو بنسبة 40%، فيما جاء سبتمبر أخيراً بنسبة 18%.
الجدير بالذكر أن نتائج الربع الثالث رفعت إجمالي المواد المتطرفة المُزالة منذ بداية التعاون المشترك بين (اعتدال) و(تليجرام) في فبراير 2022م وحتى نهاية سبتمبر 2025م، إلى 236,100,889 مادة متطرفة مزالة، إضافة إلى إغلاق 18,605 قنوات متطرفة.
أخبار ذات صلة

 
            
0 تعليق