تبنت الدول اتفاقا في ختام مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في البرازيل السبت بعد أن قبل الاتحاد الأوروبي بنص يتضمن إشارة ضمنية فقط إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري عقب مفاوضات شاقة مع البلدان المنتجة للنفط والناشئة.
وعقدت نحو 200 دولة محادثات لمدة أسبوعين في مدينة بيليم البرازيلية الواقعة في منطقة الأمازون، مع قضاء الليالي الأخيرة بلا نوم للتوصل إلى النص التوافقي.
ضغط الاتحاد الأوروبي ودول أخرى من أجل التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يدعو إلى «خريطة طريق» للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، لكن ذلك لم ينعكس في النص المعتمد.
ويدعو الاتفاق الدول إلى تسريع إجراءاتها المناخية «طواعية»، ويُذكّر بالإجماع الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي. وقد دعا الاتفاق المذكور عام 2023 العالم إلى التخلي عن الوقود الأحفوري.
وقد قبل الاتحاد الأوروبي الصياغة النهائية على مضض، بعدما حذّر من أن القمة قد تنتهي بدون التوصل إلى اتفاق إذا لم يتم تناول قضية الوقود الأحفوري.
وقال مفوض المناخ الأوروبي فوبكي هوكسترا للصحافيين «لن نخفي حقيقة أننا كنا نفضل المزيد، المزيد من الطموح في كل شيء».
وأضاف هوكسترا «يتعين علينا أن ندعمه لأنه على الأقل يسير في الاتجاه الصحيح».
في المقابل، قال رئيس الوفد الصيني لي غاو إن مؤتمر المناخ في البرازيل سيسجل باعتباره «نجاحا في وضع صعب للغاية».
وأضاف لي «أنا سعيد بالنتيجة. لقد أحرزنا هذا النجاح في ظل ظروف صعبة للغاية، وهذا يعكس رغبة المجتمع الدولي في إظهار التضامن وبذل جهود مشتركة للتصدي لتغير المناخ».
في نيويورك، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالاتفاق الذي خرج به مؤتمر كوب30، مع ملاحظته أن «كثرا يشعرون بخيبة أمل» من هذه النتيجة.
وقال غوتيريش في بيان «لا استطيع الادعاء أن كوب30 حقق كل النتائج المرجوة»، مؤكدا أن «الهوة بين ما نحن عليه وما يطلبه العلم لا تزال كبيرة في شكل خطير».
وأضاف «سأواصل الدفع نحو طموح أعلى وتضامن أكبر».
«معزول»واعتبر تحالف دول جزرية صغيرة يضم 39 من أكثر الدول عرضة لتغيّر المناخ في العالم، إن الاتفاق «غير مثالي، لكنه يعكس تقدّما» بالنسبة لهيئة عالمية تعمل بالإجماع.
وكانت أكثر من 30 دولة، منها دول أوروبية واقتصادات ناشئة ودول جزرية صغيرة، وقّعت رسالة تحذّر البرازيل من أنها سترفض أي اتفاق لا يتضمن خطة للتخلص من النفط والغاز والفحم.
أما الهند فأشادت باتفاق «مهم»، وذلك في بيان تلي نيابة عن الأسواق الناشئة الكبرى أي البرازيل وجنوب إفريقيا والهند والصين.
في المقابل، قال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو إن بلاده «لا تقبل» الاتفاق. وتستضيف كولومبيا قمة عالمية غير مسبوقة حول الاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري في نيسان/أبريل من العام المقبل.
كذلك اعتبر المفاوض النيبالي راجو بانديت أن القمة «لم تلبِّ تطلعات» الدول الأكثر هشاشة في مواجهة تداعيات تغيّر المناخ.
وأفاد أحد أعضاء وفد الاتحاد الأوروبي وكالة فرانس برس بأن التكتل الذي يضم 27 دولة بقي «معزولا» وكان ينظر إليه على أنه «الطرف الشرير» في المحادثات.
وقد نشأ الضغط للتخلص التدريجي من النفط والفحم والغاز، وهي المحركات الرئيسية للاحتباس الحراري العالمي، من الإحباط إزاء عدم متابعة تنفيذ اتفاق كوب28 للتخلي عن الوقود الأحفوري.
واتهمت وزيرة التحول البيئي الفرنسية مونيك باربو السعودية وروسيا المنتجتين للنفط والغاز، إلى جانب الهند المنتجة للفحم و«العديد» من الدول الناشئة الأخرى، برفض إدراج التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
وقالت السبت إن النص عادي لكن «ليس فيه شيء سيئ بشكل غير عادي».
يأتي الاتفاق في ختام أسبوعين من الفوضى في بيليم، حيث اقتحم متظاهرون من السكان الأصليين المكان وسدوا مدخله الأسبوع الماضي، كما اندلع حريق داخل المجمع الخميس، ما أجبر السلطات على إخلاء أقسام واسعة منه.
«الاستمرار أو الاستسلام»كان انتهاء المفاوضات من دون التوصل إلى اتفاق سيكون بمثابة وصمة عار على جبين الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي راهن بقوة على نجاح ما سماه «مؤتمر الحقيقة».
وقال لولا بعد الإعلان عن المسودة «في العام الذي تجاوز فيه الكوكب لأول مرة - وربما بشكل دائم - حد 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، واجه المجتمع الدولي خيارا: الاستمرار أو الاستسلام. وقد اخترنا الخيار الأول».
وأضاف متحدثا من جنوب إفريقيا حيث يشارك في قمة مجموعة العشرين «في مؤتمر المناخ، انتصر العلم، وانتصرت تعددية الأطراف».
وكان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقاطعة مؤتمر المناخ بمثابة اختبار كبير للتعاون الدولي.
وقال وزير الدولة الألماني للبيئة يوشين فلاسبارث لوكالة فرانس برس «يتعين علينا أيضا أن نأخذ في الاعتبار الخلفية الجيوسياسية، وفي النهاية ليس لدينا أي مسار آخر».
من جانبها، ضغطت الدول النامية على الاتحاد الأوروبي وغيره من الاقتصادات المتقدمة للتعهد بتخصيص مزيد من الأموال لمساعدتها على التكيف مع تأثير تغير المناخ، مثل الفيضانات والجفاف، والتحرك نحو مستقبل منخفض الكربون.
وقد قاوم الاتحاد الأوروبي مثل هذه النداءات، لكن الاتفاق المعتمد يدعو إلى بذل جهود من أجل مضاعفة تمويل التكيّف «ثلاث مرات على الأقل» بحلول عام 2035.
ورفض الاتحاد الأوروبي أيضا تضمين نصٍّ يتعلق بالتجارة، وهو ما طالبت به الصين ودول ناشئة أخرى. وقد جرى ذكر التجارة في الصيغة النهائية المعتمدة.
على صعيد متصل، أشاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه لتقاسم المسؤولية مع أستراليا بشأن قمة الأمم المتحدة المقبلة للمناخ (كوب31) والتي ستستضيفها أنقرة بينما تشرف كانبيرا على المفاوضات الرسمية.
وقال إردوغان في خطاب ألقاه أمام القادة في قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ «يسعدنا استضافة مؤتمر الأطراف الحادي والثلاثين في تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. أعتقد أن التوافق الذي توصلنا إليه مع أستراليا بالغ الأهمية».
رئيس وزراء أستراليا يعلن التوصل لاتفاق رسميمن جانبه، قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الأحد إنه تم التوصل إلى اتفاق رسمي لاستضافة تركيا لقمة كوب31 المعنية بالمناخ في عام 2026، مؤكدا بذلك وثيقة صدرت في قمة قمة كوب30 في البرازيل.
وجاء في بيان أصدرته ألمانيا هذا الأسبوع في قمة كوب30، بعد اجتماع مجموعة دول أوروبا الغربية ودول أخرى مكلفة باختيار الدولة المضيفة للقمة في عام 2026، أن تركيا ستتولى هذا الدور مع أستراليا التي تقود عملية التفاوض.
وأنهى الاتفاق أزمة مطولة حول استضافة محادثات الأمم المتحدة المعنية بالمناخ.
وقال ألبانيزي في بيان "تم التوصل إلى اتفاق رسمي لاستضافة تركيا لمحادثات مؤتمر الأطراف الحادي والثلاثين (كوب31) في أنطاليا... مع تولي أستراليا دور رئيس المفاوضات في الفترة التي تسبق الاجتماع وخلاله".
السلطة الحصريةوستكون لأستراليا "السلطة الحصرية فيما يتعلق بالمفاوضات" التي ستوجه عملية صنع القرار في القمة، وفقا للبيان الذي قال إن منطقة المحيط الهادي ستستضيف اجتماعا خاصا قبل انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "للفت الانتباه إلى التهديد الوجودي الذي يشكله تغير المناخ على المنطقة"
وكان منتدى جزر المحيط الهادي، وهو تكتل دبلوماسي إقليمي يضم 18 دولة، قد دعم عرض أستراليا. وتتعرض عدد من الدول الجزرية في المحيط الهادي لخطر ارتفاع منسوب البحار.

0 تعليق