الأطفال أسرع شفاءً
نبّه عدد من الأطباء عبر «عكاظ» إلى أن الفايروس المسبب للجدري المائي يظل ساكناً في الجسم حتى بعد الشفاء، ويمكن أن ينشط بعد عدة سنوات مسبباً (الحزام الناري). وأوضح الطبيب فيصل عدنان أنّ الجدري المائي مرض فايروسي شائع بين الأطفال، يسبب طفحاً جلدياً وحكة وحرارة (حمى)، وغالباً يمر دون مشاكل كبيرة، وأحياناً يؤدي إلى مضاعفات تحتاج متابعة خصوصاً لدى الكبار أو أصحاب المناعة الضعيفة. وأضاف أنّ «الفايروس المسبب للجدري المائي يظل ساكناً، وبعد سنوات يمكن أن ينشط من جديد ويسبب (الحزام الناري)، ويترك المرض أثراً طويل الأمد يتمثل في آلام عصبية مزمنة تستمر لأشهر أو سنوات، وهي من أبرز الروابط بين الجدري المائي وبعض الحالات المزمنة».
وبيّن الطبيب عدنان أن هناك دراسات كشفت وجود ارتباط نادر بين العدوى واحتمال حدوث مشاكل عصبية أو وعائية، مثل التهاب الأوعية الدموية في الدماغ أو الجلطات الدماغية، خصوصاً عند من لديهم عوامل مزمنة أخرى كالفشل الكلوي والسكر وأمراض القلب وضعف في المناعة، مفيداً أن «الجدري المائي في أغلب الأحيان مرض بسيط، وخطورته تكمن في آثاره طويلة المدى، مثل الألم العصبي المزمن أو المضاعفات العصبية الوعائية، لهذا السبب يُنصح بالوقاية بالتطعيم ومراجعة الطبيب عند ظهور مضاعفات»، مؤكداً أن الأطفال الذين تلقّوا التطعيم ضد الجدري المائي أقل عرضة للإصابة بالمرض، حتى في حال إصابتهم تكون الأعراض أخف بكثير مقارنة بغير المطعمين.
أشد خطورة على الحوامل
استشارية طب الأسرة الدكتورة سحر فريد الأهدل قالت لـ«عكاظ»: «إن (الجدري المائي) أحد الأمراض الفايروسية المعدية، ولا يزال يظهر في مختلف الأعمار رغم توافر اللقاحات الحديثة، ويسببه فايروس يُعرف باسم الحماق النطاقي ويظهر عادة على شكل طفح جلدي مميز عبارة عن فقاعات صغيرة مملوءة بسائل، ترافقه حكة مزعجة، إضافة إلى الحُمّى وأعراض شبيهة بالإنفلونزا».
وعن طرق انتقال العدوى أوضحت الأهدل، أن (الجدري المائي) ينتقل بسرعة بين الأفراد عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس من شخص مصاب، كما يمكن أن ينتقل عن طريق ملامسة البثور أو الطفح الجلدي أو استخدام أدوات ملوثة بالفايروس. ويمكن أن يُصاب أي شخص بالجدري المائي في أي عمر، غير أنه أكثر شيوعاً بين الأطفال دون سن الـ12. أما البالغون الذين لم يصابوا به في طفولتهم ولم يحصلوا على اللقاح، فقد يتعرضون للإصابة في عمر متقدم، وتكون الأعراض لديهم أشد وأكثر خطورة، ولا يُعتبر الرجال أكثر عرضة من النساء أو العكس، إلا أن النساء الحوامل يُشكلن فئة عالية الخطورة، إذ قد يتسبب المرض لديهن في مضاعفات خطيرة تهدد الأم والجنين.
وعن مدى شدة العدوى تقول الدكتورة الأهدل: «إن الجدري المائي يعرف بكونه من أكثر الأمراض الفايروسية شدة في العدوى، إذ يبدأ المريض في نقل العدوى قبل ظهور الطفح بيومين، ويستمر خطر العدوى حتى تجف جميع البثور، وهي فترة تمتد عادة بين 7 إلى 10 أيام ومن أبرز سبل الوقاية التطعيم الذي يُعطى عادة على جرعتين للأطفال».
نصائح للتعافي والوقاية
نصحت الدكتورة الأهدل بتجنّب مخالطة المرضى حتى يتماثلوا تماماً للشفاء، والالتزام بغسل اليدين جيداً بعد ملامسة أدوات المريض أو التعامل معه، وارتداء الكمامة في حال رعاية المصاب، وتوخي الحذر الشديد لدى الحوامل وضعاف المناعة. وشددت على أن (الجدري المائي) مرض لا يُستهان به رغم اعتقاد البعض أنه «مرض طفولي عابر»، مشيرة إلى أن الالتزام بالتطعيم ووسائل الوقاية يضمن حماية الفرد والمجتمع من مضاعفاته وانتشاره الواسع.
يختفي
في العُقَد الحسيّة
وعن علاقة الجدري المائي بـ(الحزام الناري) يقول استشاري كبار السّن والشيخوخة الدكتور سليمان كسار لـ«عكاظ»: «إن المرضين يسببهما فايروس واحد وهو أحد فايروسات الهربس، فالعدوى الأولية بالفايروس تظهر كجدري مائي غالباً في الطفولة، وبعد الشفاء يبقى الفايروس كامناً في العقد العصبية الحسية لسنوات، وعند ضعف المناعة لأسباب مثل التقدم في العمر أو وجود أمراض مزمنة أو استعمال أدوية مثبطة للمناعة، يُعاد تنشيطه ليظهر كـ(حزام ناري)».
ويشير الدكتور كسار إلى التشابه في الأعراض مثل الإرهاق، الحمى خفيفة، ألم أو وخز عصبي، الطفح الجلدي الحويصلي الممتلئ بسائل، وكلا المرضين معدٍ بدرجات مختلفة، مبيناً أن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بـ(الحزام الناري) هم كبار السن، ويزداد معدل الإصابة بوضوح بعد سن الـ50، وكذا مرضى الأمراض المزمنة كالسكري، وأمراض القلب، السرطان ومن يستعملون أدوية مثبطة للمناعة مثل مرضى زراعة الأعضاء، أو مستخدمي الكورتيزون والعلاج الكيميائي.
مضاعفات المرض
وعن مضاعفات الجدري المائي، أوضح نائب أول طبيب أسرة الدكتور رامي أبو شنب لـ«عكاظ»: أنه ورغم أن معظم الحالات بسيطة، إلا أن بعض المضاعفات قد تحدث خصوصاً عند الكبار أو مرضى نقص المناعة كالتهاب الجلد البكتيري والتهاب الرئة الفايروسي والتهاب الدماغ، كما أن إصابة الحوامل قد تؤدي إلى تشوهات خلقية أو عدوى خطيرة للمولود، وبعد الشفاء يبقى الفايروس كامناً في الأعصاب وقد ينشط لاحقاً مسبباً (الحزام الناري).
أخبار ذات صلة
0 تعليق