عاجل

المعادن الحيوية.. بين آمال الطلب وواقع العرض - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كلايد راسل*

تختلف التعريفات حول المعادن والفلزات، التي تُعد أساسية في كثير من الصناعات الدقيقة ولكن هناك أمراً واحداً مؤكداً، وهو أن أسعار الكثير منها منخفضة حالياً ولا تعكس أهميتها المفترضة في التحول العالمي للطاقة.
لقد كان التناقض بين التسعير المتساهل الحالي لمعادن مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والنحاس والتوقعات الكبيرة بارتفاع الطلب في العقد المقبل، سمة رئيسية للقمة العالمية للمعادن والفلزات الأساسية، التي عُقدت مؤخراً في جزيرة بالي الإندونيسية، وتوقعت ارتفاع الطلب على المعادن الأساسية في مجال الطاقة الانتقالية أربعة أضعاف، حتى عام 2035.
وصرح أوليفييه ماسون، المحلل في شركة «فاست ماركيتس»، بأنه من المتوقع أن يرتفع الطلب على معادن البطاريات والليثيوم والغرافيت والنيكل والمنغنيز والكوبالت، من نحو ثلاثة ملايين طن متري هذا العام، إلى 12 مليون طن، خلال 10 سنوات.
ويُعد النحاس أيضاً، ضرورياً للتحول في مجال الطاقة وبحسب التقديرات، يحتاج السوق الى 909 آلاف طن من الطاقة الإنتاجية الإضافية للمعدن الأحمر، بحلول عام 2035، لتلبية الطلب على المركبات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
يبدو كل هذا كلاماً متفائلاً جداً بشأن معادن الطاقة الانتقالية، لكن بيانات ماسون حملت أيضاً بعض الحقائق المُقلقة، فبالنظر إلى النحاس تحديداً، تشير التوقعات إلى أن السوق العالمي سيُسجّل فائضاً طفيفاً، مع نهاية هذا العام وفائضاً أكبر بقليل، نحو 200 ألف طن، عام 2026، لكنه سيشهد عجزاً ضئيلاً، عام 2027، يمتد إلى نقص كبير في المعدن، بين عامي 2033 و2034.
ومن المُلفت للنظر أن التوقعات طويلة الأجل محفوفة بالمخاطر بطبيعتها، حيث يُمكن أن تتغير ديناميكيات السوق، وأن تُغير التقنيات الجديدة أنماط الطلب وأن تتداخل الجغرافيا السياسية وكميات التوريد بشكل متزايد مع قرارات التجارة والاستثمار السياسي.
ولكن بافتراض أن التحول في مجال الطاقة سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع الطلب، فكيف ينبغي للسوق أن يستجيب؟ هل من الحكمة البحث عن رواسب نحاسية جديدة واستثمار مبالغ طائلة لبناء منجم جديد على أمل أن يكون الطلب قوياً بما يكفي، في الفترة من 2040 إلى 2050 وهو الموعد المرجح لبدء الإنتاج فعلياً؟
في الواقع، يمر سوق النحاس بحالة توازن نسبي حالياً ويتحرك تداوله في نطاق ضيق مدفوعاً بالأحداث قصيرة الأجل عوضاً عن أي توقعات طويلة الأجل بشأن العوامل الأساسية.
فماذا عن الأسواق الأخرى؟ يبدو أنها في وضع أسوأ ويعود ذلك إلى حد كبير إلى الإفراط في الاستثمار في المعروض الجديد، إما كتوقعات بنمو الطلب بوتيرة أسرع مما كان عليه، أو كجزء من السياسة الصناعية للحكومات.
وتكثر أمثلة الطاقة الفائضة المدفوعة بسياسات الصين، التي أفرطت في بناء مصافي التكرير لمعادن مثل الليثيوم والكوبالت، كما ساعدت توجيهات إندونيسيا بتشجيع الاستثمار في عمليات المعالجة المتوسطة والنهائية في بسط سيطرتها على أسواق النيكل العالمية ولكن على حساب فائض كبير في العرض وضعف الأسعار.
في المقابل، انخفضت عقود النيكل الآجلة في بورصة لندن إلى أدنى مستوى لها، منذ نحو خمس سنوات في مايو/ أيار من هذا العام. وإغلاقها عند 15175 دولاراً للطن في الأسبوع الأخير من سبتمبر/ أيلول، يُمثل ثلث أعلى مستوى للعقود في 15 عاماً والذي بلغته في مارس/ آذار 2022.
يمتد نمط ضعف الأسعار وسط فائض العرض إلى معادن أساسية أخرى، ويضع المنتجين في موقف محرج، إذ يضطرون إلى محاولة احتواء الكُلف والصمود لفترة كافية لوصول الطلب المتوقع، مثلما حدث مع بعض شركات التعدين الكبرى في أستراليا والبرازيل، خلال العقد الماضي.
حينها وسّعت تلك الشركات إنتاجها من مادة الصلب الخام الرئيسية بوتيرة أسرع من نمو الطلب الصيني، لتنهار الأسعار إلى أدنى مستوياتها في عدة سنوات من ثم انتعشت الأسعار لتصل إلى مستويات قياسية، مع زيادة الصين إنتاجها من الصلب إلى مليار طن سنوياً، بحلول عام 2020 وهو مستوى حافظت عليه إلى حد كبير، ما يمنحها حصة تناهز 50% من الإنتاج العالمي.
يأمل منتجو المعادن الأساسية في مجال الطاقة الانتقالية على الأرجح في نمط مماثل لخام الحديد، لكنهم يواجهون أيضاً عوامل معقدة أخرى، مثل جهود الدول الغربية لتطوير سلاسل توريد خارج السيطرة الصينية. وإذا نجحت في مسعاها، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة العرض في أسواق معينة وبالتالي مزيد من انخفاض الأسعار، أو إلى اتخاذ تدابير سياسية، لفرض استخدام معادن أعلى تكلفة من موردين غير صينيين.
* كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية- (رويترز)

0 تعليق