Published On 8/10/20258/10/2025
|آخر تحديث: 19:45 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:45 (توقيت مكة)
بعد عامين من الحرب.. ماذا حدث للغزيين الذين قابلناهم سابقا؟ تكررت هذه الأسئلة في أذهاننا: هل هم أحياء؟ هل وجدوا أحبتهم المفقودين؟ إليكم الإجابة.
بعد عامين من الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم تعد غزة كما كانت، ولم يبقَ لأهلها سوى ما تحمله ذاكرتهم المثقلة من وجع بعد أن حل بالقطاع الدمار وحاصرته المجاعة.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listهناك، تتقاطع قصص الحب والأبوة والأمومة مع مشاهد الجوع والنجاة، وتختلط الدموع مع فتات الخبز النادر.
هل ما زالوا على قيد الحياة؟
أكثر من 700 فلسطيني كانت صحيفة نيويورك تايمز قد التقتهم على مدار عامين من الحرب، ثم عاد مراسلوها مرة أخرى للبحث عنهم ليسألوهم عما إذا كانوا قد عثروا على أقاربهم المفقودين، وهل ما زالت منازلهم قائمة؟ وهل تمكنوا من دفن موتاهم؟ وهل اضطروا للفرار مرة أخرى؟ وهل ما زالوا على قيد الحياة أصلا؟
لكن كثيرين لم يجيبوا على تلك الأسئلة؛ إذ توقفت بعض أرقام الهواتف عن العمل، وبعضهم فرّ من القطاع، وآخرون علمت الصحيفة لاحقا أنهم قُتلوا.
ومن بين نحو 100 شخص تمكن مراسلو الصحيفة الأميركية من الوصول إليهم، لم يكن أحد قد نجا من الخسارة؛ فقد الجميع أحد أفراد العائلة، أو الأصدقاء، أو شيئا عزيزا، أو المنازل، أو حتى الأمل.

أكلتها الحرب من كل جانب
الشهادات التي جمعتها الصحيفة تكشف صورة مروعة لحياة تأكلها الحرب من كل جانب. يتحدث بعض الناجين عن فقدان أطفالهم وأزواجهم وآبائهم، وعن معاناتهم النفسية العميقة التي تفوق الخسائر المادية.
آخرون يروون عن الجوع الذي ينهش أجسادهم، وعن أطفال يبكون طلبا للخبز، وأيام يقضونها في البحث عن الحليب أو العدس.
وكثيرون فقدوا عشرات الكيلوغرامات من أوزانهم، وآخرون يعيشون في خيام بعد أن دفعتهم الغارات الإسرائيلية للنزوح مرات لا تُحصى 10 أو 12 أو حتى 25 مرة.
إعلان
لكن الصحيفة تؤكد أن تجربة واحدة لا يمكن أن تختزل تماما ألم غزة، أو الإبادة شبه الكاملة لمجتمع ومكان، مشيرة إلى أن الأشخاص الذين تحدثت إليهم خلال العامين الماضيين أخبروها عن جراح الحزن المفتوحة، عن خوفهم من الغارة الجوية التالية، وعن رعبهم من الغد، وعن المرة الأولى التي فروا فيها من منازلهم بينما كانت القنابل والقذائف الإسرائيلية توشك أن تسقط على الرؤوس، والمرة الأولى التي نصبوا فيها خيمة مؤقتة.
ليتنا دُفنا معهما
إحدى أكثر القصص إيلاما كانت قصة سمر الجاجة وأبناء إخوتها الأربعة الذين قُتل والداهم وأختهم الرضيعة في غارة جوية.
وعندما تحدث مراسلو الصحيفة الصيف الماضي مع سمر وأبناء إخوتها، كانت قد مضت 10 أشهر على استشهاد والديهم. لكن عندما عادوا إلى منزلهم في وقت سابق من هذا العام، كانت غرفة والديهم فقط لا تزال قائمة.
لم يكن أحد بداخلها. وقفوا جميعا، صامتين، مذهولين. ذكرت سمر (32 عاما) أن الأطفال قالوا لها والحزن يعتصرهم "ليتنا دُفنا معهما".
تقطعت بهما سبل التواصل لأشهر طويلة بعدما مزّقت القوات الإسرائيلية أوصال القطاع، وحين جمعتهما هدنة قصيرة أخيرا، كانت طفلتهم "سيلا" قد رحلت إلى الأبد.
لا يعرفون قبور ذويهم
لم يتمكنوا يوما من الحداد كما ينبغي. حتى الحلويات التي يوزعها الغزيون تقليديا في ذكرى الوفاة كانت باهظة الثمن بسبب أسعار الطحين والسكر في زمن الحرب. بل لم يتمكنوا حتى من الدعاء على قبور والديهم. فهم لا يعرفون أين هم. قالت سمر "حتى هذا الختام سُلب منا".
ونزحت هي وأبناء إخوتها إلى حي آخر هربا من الهجوم الإسرائيلي في غزة، ثم فروا جنوبا. دفعوا ما يقرب من 4 آلاف دولار لسائق شاحنة لنقل نصف ممتلكاتهم.
وبعد رحلة استمرت 14 ساعة، انتهى بهم المطاف في نفس المخيم الخيري الذي عاشوا فيه العام الماضي. لكن هذه المرة، لم يكن لديهم حتى خيمة.
حمّام ملاكة وزوجته ناجية مثال آخر من آلاف القصص التي وُلدت من رحم القهر؛ فقد تقطعت بهما سبل التواصل لأشهر طويلة بعدما مزّقت القوات الإسرائيلية أوصال القطاع، وحين جمعتهما هدنة قصيرة أخيرا، كانت طفلتهم "سيلا" قد رحلت إلى الأبد.
معركة يومية ضد الجوع
ومنذ ذلك الحين، أصبحت حياتهم، مثل غيرهم من سكان غزة، معركة يومية ضد الجوع والخوف، في واقع يُفقد البشر ملامحهم وأوزانهم وذكرياتهم، بينما يواصلون التمسك بما تبقى من الحياة.
كان حمّام عالقا في الجنوب مع طفليه يامن (6 أعوام) وساندي (4 أعوام)، بينما كانت ناجية في الشمال مع سيلا (3 أعوام)، وأشرف الرضيع، ومحمد المولود الجديد
وروي حمام لمراسلي نيويورك تايمز كيف عثر كل منهما على الآخر عند الحدود الفاصلة بين شمال غزة وجنوبها في يناير/كانون الثاني الماضي قائلا "أضأت مصباح هاتفي نوكيا القديم وبدأت أصرخ في الظلام: "أشرف! محمد!، على أمل أن تسمعني وتجدني بسهولة أكبر".
" frameborder="0">
احتضنهم بقوة
وأضاف "ركضت نحوهم واحتضنت ناجية واحتضنت أطفالنا بكل ما أملك من قوة". لكن سيلا -ابنتهم ذات الأعوام الثلاثة- لم تكن هناك. لقد استشهدت أثناء فترة افتراق الأسرة.
وبعد لمّ الشمل، عادت الأسرة إلى منزلها في مدينة غزة، لكنها أُجبرت لاحقا على الفرار جنوبا مرة أخرى.
كثيرون ممن تحدثوا إلى الصحيفة رووا قصصا عن الجوع والمعاناة من سوء التغذية، وفقدان كبير للوزن، وأيام تمر من دون أن يتناولوا طعاما على الإطلاق رغم محاولاتهم المستميتة للحصول عليه.
إعلان
يقول تامر حمدة -وهو من بين الذين التقتهم نيويورك تايمز أول مرة في أكتوبر/تشرين 2024- "لقد فقدت 29 كيلوغراما من وزني".
حتى المأوى في غزة صار سلعة نادرة. يقول الدكتور بكر جودة -الذي كانت الصحيفة قد التقته أول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023- "تخيل أن تضطر لدفع ألف دولار ثمنا لخيمة. وتخيل أن تدفع ثمنا لماء مالح".
0 تعليق