في تحرك دبلوماسي لافت، حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيره الأمريكي دونالد ترمب، اليوم السبت، على استثمار الزخم الناتج عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتوجيه جهوده للتفاوض حول إنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك في وقت تواصل فيه روسيا قصفها الممنهج لمنشآت الطاقة الحيوية في بلاده مع اقتراب فصل الشتاء.
دبلوماسية متعثرة في مواجهة حرب مستمرة
منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، سعى الرئيس ترمب لوضع حد سريع للنزاع في أوكرانيا، الذي اندلع إثر الغزو الروسي عام 2022.
وبلغت جهوده ذروتها في أغسطس الماضي بعقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، تلاها لقاء مع زيلينسكي وحلفائه الأوروبيين في واشنطن.
إلا أن المفاوضات لا تزال متعثرة حتى اليوم، بسبب التباين الشديد في مواقف الطرفين، وسط تبادل للاتهامات وتزايد استياء ترمب من بوتين.
تفاصيل الاتصال: من تهنئة غزة إلى طلب دعم كييف
بعد اتصال هاتفي وصفه بـ"الإيجابي جداً"، هنأ زيلينسكي الرئيس ترمب بـ"النجاح الاستثنائي" الذي حققه في إبرام اتفاق الشرق الأوسط. واستخدم زيلينسكي هذا النجاح كمنطلق لمطالبته، حيث كتب على صفحته في "فيسبوك": "إذا كان يمكن وقف حرب في منطقة ما، فمن المؤكد أن حروباً أخرى يمكن أيضاً وقفها، بما فيها الحرب التي تشنها روسيا".
كما كشف الرئيس الأوكراني أنه ناقش مع ترمب "فرص تعزيز دفاعنا الجوي"، وهو مطلب حيوي لبلاده في مواجهة القصف الروسي المتصاعد.
وأكد زيلينسكي أن إجبار روسيا على الانخراط في "دبلوماسية حقيقية" لا يمكن أن يتحقق إلا "بالقوة".
قصف متصاعد مع اقتراب الشتاء
جاءت هذه المكالمة غداة واحدة من أعنف الهجمات الروسية على منشآت الطاقة الأوكرانية، والتي أغرقت أجزاء كبيرة من العاصمة كييف وتسع مناطق أخرى في الظلام.
وتواصل القصف اليوم السبت باستهداف جديد حرم أجزاء من منطقة أوديسا الجنوبية من الكهرباء.
وتكثف روسيا هجماتها على منشآت الكهرباء والغاز والسكك الحديدية مع بدء انخفاض درجات الحرارة، مما يثير مخاوف من تكرار سيناريو الشتاء الماضي، الذي حُرم فيه ملايين الأوكرانيين من التدفئة والتيار الكهربائي.
ضغط أوكراني قبل زيارة واشنطن
لا يمكن فصل توقيت هذا الاتصال عن السياق الدبلوماسي الأوسع. فهو يأتي قبل أيام قليلة من توجه وفد أوكراني رفيع المستوى برئاسة رئيسة الوزراء يوليا سفيريدنكو إلى الولايات المتحدة، لإجراء مباحثات حاسمة تتناول فرض عقوبات جديدة على موسكو، بالإضافة إلى ملفي الطاقة والدفاع الجوي. ويمثل اتصال زيلينسكي محاولة استباقية للضغط على إدارة ترمب، وربط نجاحها في غزة بضرورة تحقيق تقدم مماثل في أوكرانيا، ووضع الملف الأوكراني على رأس أولويات الأجندة الأمريكية.
من سلام الشرق الأوسط إلى حرب أوروبا
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بالهدوء في غزة، يأتي نداء زيلينسكي ليذكر بأن أكبر نزاع عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية لا يزال مستعراً، وأن الطريق نحو السلام لا يزال طويلاً.
وستكون المباحثات المرتقبة في واشنطن الأسبوع المقبل مؤشراً حاسماً على مدى استعداد الإدارة الأمريكية لزيادة ضغوطها على موسكو، وعلى مستقبل الدعم الغربي لكييف في مواجهة شتاء قاسٍ آخر.
0 تعليق