"الأيام" ترصد مشاهد من غزة في اليوم الثالث للتهدئة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


واصلت "الأيام" رصد مشاهد جديدة من قطاع غزة، في اليوم الثالث من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، في مرحلته الأولى.
وركّزت المشاهد الجديدة على أوضاع المواطنين والنازحين، في مختلف أنحاء قطاع غزة، ومن بين المشاهد التي رصدتها الأيام مشهد يوثق البحث عن الجثامين في مختلف مناطق القطاع، ومشهد آخر يرصد عودة الحياة إلى مدينة غزة بعد عودة النازحين إليها، ومشهد ثالث يكشف استمرار تفكيك مراكز المساعدات الأميركية في القطاع.

 

البحث عن الجثامين
منذ اللحظات الأولى لتراجع آليات الاحتلال من قلب المناطق التي كان يتواجد فيها بمحافظتي غزة وخان يونس، شمال وجنوب القطاع، انطلقت أعمال البحث عن جثامين شهداء مفقودين، سواء تحت ركام منازل جرى استهدافها، أو في شوارع وأزقة المخيمات والأحياء التي تراجع الاحتلال منها.
وانطلقت أعمال البحث عن الجثامين من قبل عناصر إنقاذ في الدفاع المدني، ومن عائلات المفقودين أنفسهم، الذين حاولوا الوصول إلى جثامين أبنائهم، بهدف انتشالها، وإعادة دفن أحبتهم.
ونجحت فرق البحث المختلفة في انتشال جثامين عدد كبير من الجثامين، معظمها كانت متحللة، وأخرى مجهولة المصدر، في حين توافد ذوو المفقودين على المستشفيات في محاولة للتعرف على هويات الجثامين، من خلال الملابس، أو بعض المتعلقات الشخصية.
وبيّن الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، أنهم ينتظرون استكمال انسحاب قوات الاحتلال للتمكن من القيام بواجبهم وانتشال جثامين الشهداء، موضحاً أنه جرى في اليوم الأول انتشال عشرات الجثامين من مدينة غزة، وهناك العشرات لا يزالون تحت الأنقاض.
وأشار بصل إلى أن جهاز الدفاع المدني تلقى بلاغات حول وجود رفات شهداء تحت الأنقاض، ولا يستطيع انتشالها بسبب عدم توافر المعدات، لافتاً إلى أن مقار عمل الدفاع المدني في المناطق التي انسحب منها الاحتلال مدمّرة بشكل كامل.
ووفق مصادر مطلعة فإن هناك صعوبة كبيرة في انتشال جثامين شهداء ما زالوا تحت الركام، جراء نقص المعدات، وقلة الإمكانات، حيث تتواجد الكثير من الجثامين تحت كتل خرسانية كبيرة.
وقال المواطن خالد صالح، إنه وفور تراجع قوات الاحتلال من وسط خان يونس، توجه أفراد العائلة للبحث عن أحد أقاربه الذي فقد هناك، موضحاً أن أعمال بحث واسعة قام بها أقاربه، لكن دون جدوى.
وذكر أن معالم المناطق كلها تغيرت، وأن الجرافات حفرت الأرض في بعض المناطق، وأقامت تلالاً رملية في مناطق أخرى، ويخشى أن تكون الجرافات دفنت جثمانه، أو وضعته وسط الركام.
وأكد أنه شاهد الكثير من العائلات تبحث عن أبنائها المفقودين في خان يونس، وغالبيتها لم تعثر على أي أثر لهم، وأن هناك إصراراً باستمرار البحث عن الجثامين المفقودة حتى العثور عليها.

 

مدينة غزة تعود عامرة
عادت مدينة غزة عامرة بسكانها، بعد عودة مئات آلاف النازحين إليها، خاصة بعد الانسحاب الجزئي لقوات الاحتلال من المدينة.
وأكد جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، أن قرابة 250 ألف نازح عادوا إلى مدينة غزة في اليوم الأول من بدء سريان وقف إطلاق النار، وما زال عشرات الآلاف يعودون، وسط توقعات بأن يعود كل مَن خرج من المدينة إليها خلال أيام.
وما زال شارعا الرشيد وصلاح الدين المؤديان إلى مدينة غزة، يشهدان ازدحامات شديدة، خاصة من الجنوب باتجاه الشمال، حيث شوهدت مركبات، وشاحنات، تحمل حاجيات المواطنين، متجهة إلى مدينة غزة.
وبدأ تجار بنقل كميات كبيرة من المواد الغذائية إلى مدينة غزة، التي عانت من الحصار ونقص الطعام، حيث شوهدت شاحنات ومركبات تنقل الطحين، والجبنة، والسكر، وغيرها من السلع إلى المدينة، بينما عادت عشرات البسطات والمحلات التجارية لفتح أبوابها من جديد.
وبدت الفرحة واضحة على وجوه المواطنين وهم عائدون إلى مدينة غزة، إذ قال المواطن يحيى عرفات، إنه وبعد نزوح استمر نحو شهر في مواصي خان يونس، فكك خيمته، وعاد إلى بيته في مناطق غرب مدينة غزة فرحاً، آملاً أن يتم تنفيذ جميع بنود الاتفاق، ولا يغادر منزله بعد ذلك.
وأشار إلى أنه فرح بالاتفاق الذي مكّنه من العودة إلى بيته، ويجتمع بأفراد عائلته الذين بقي معظمهم في غزة، وفرحته الأكبر برفع الحصار عن غزة، وفتح الطرق بشكل طبيعي.
وأوضح أن عودة المواطنين إلى مدينة غزة كانت بمثابة احتفال، فالمواطنون وهم في طريق العودة يصفقون ويهللون، على عكس ما كانوا عليه وهم يغادرون المدينة.
بينما أكد أحد التجار، أنه سارع بتلبية طلبات لتجار من مدينة غزة، ونقل كميات كبيرة من السلع، التي عانت غزة نقصاً فيها خلال الفترة الماضية.
وأوضح التاجر عبد الله المصري، أن أسواق مدينة غزة باتت تشبه أسواق جنوب ووسط القطاع، من حيث وفرة السلع وتنوعها، كما أن الأسعار انخفضت بشكل كبير، وباتت قريبة من الأسعار في الجنوب والوسط، وهذا أمر جيد.

 

تفكيك مراكز المساعدات الأميركية
أُفيد بقيام الاحتلال بتفكيك أجزاء من مركزي المساعدات الأميركية شمال مدينة رفح "الشاكوش، والطينة"، بعد إتمام تفكيك مركز مماثل وسط القطاع، قرب جسر وادي غزة "نتساريم".
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن رافعات وعربات تابعة لجيش الاحتلال، فككت معدات، وممرات تابعة للشركة الأميركية، وتم نقلها باتجاه الشرق.
كما شوهد تراجع دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية كانت تتوقف باستمرار في محيط المراكز المذكورة، لتوفير الحماية لها. وتوقفت المراكز المذكورة عن توزيع المساعدات في اليومين الماضيين، مع الاستمرار في تفكيكها.
في حين، أكد مواطنون أنه جرى تفكيك مركز المساعدات الأميركية وسط القطاع بالكامل، مشيرين إلى أنه جرى تفكيك المعدات ونقل بيوت متنقلة كانت في الموقع المذكور، ولم يتبقَ منه سوى أسلاك شائكة.
كما ذكر مواطنون أن تفكيك المواقع والانسحاب من بعضها، ربما هو بداية لإنهاء وجودها في قطاع غزة، بعد أن فشلت في مهمتها، في أعقاب رفض كافة المؤسسات المحلية والدولية التعاون معها، خاصة وكالة الغوث "الأونروا"، وبرنامج الغذاء العالمي.
وقال المواطن إبراهيم شاهين، إن المؤسسة الأميركية كانت عنواناً للقتل والإذلال، وتفكيكها ووقف عملها بمثابة يوم عيد للمواطنين.
وأوضح أن هذه المؤسسة حاولت أن تخلق بديلاً عن المؤسسات الدولية المتعارف عليها، لكنها فشلت، وكان يتمنى لو قاطعها المواطنون، لكن الجوع دفعهم للتوجه إليها مكرهين.
من جهته، قال المواطن إبراهيم شقفة، إنه فقد شقيقه في تلك المراكز، وكان يكره وجودها في قطاع غزة، ولطالما تمنى زوالها. وأوضح أنه استقبل خبر تفكيك بعضها، والاستمرار في تفكيك الأخرى بفرحة وارتياح، متمنياً أن يسمع خبر إنهاء عملها كلياً.
وأشار إلى أن هذه المؤسسات تسببت بفقدان خيرة الشبان، وفيما أصيب آخرون بإعاقات دائمة بعد تعرضهم لإطلاق النار داخلها، عبر ما كان يُسمى "مصائد الموت".
ووفق وزارة الصحة في غزة، فقد بلغ عدد الضحايا من طالبي المساعدات في قطاع غزة 2,615 شهيداً وأكثر من 19,182 إصابة، غالبيتهم سقطوا داخل وفي محيط مراكز المساعدات الأميركية.
وسبق أن أكدت تمارا الرفاعي، مديرة العلاقات الخارجية والإعلام في وكالة الغوث "الأونروا"، أن مؤسستها هي أكبر وأهم منظمة إنسانية في غزة، ومع ذلك يتم استهدافها، موضحة أنه لا يمكن أن تحلّ مؤسسة غير معروفة (مؤسسة غزة الإنسانية)، التي خُلقت خصيصاً لهذه الحرب، مكان المنظومة الإنسانية المعتمدة والمتعارف عليها، ليس فقط في غزة فقط، بل في كافة أنحاء العالم.

 

0 تعليق