لماذا تُعد تمارين القوة أفضل دفاع ضد الشيخوخة؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عند الحديث عن التقدم في السن بشكل صحي، تطفو 3 عناصر أساسية على السطح بشكل تلقائي، وهي اتباع نظام غذائي متوازن، والمشي، والتفاعل الاجتماعي. لكن هناك عنصرا رابعا لا يقل أهمية، إن لم يكن الأكثر أهمية لصحتنا على المدى الطويل، وهو تمارين القوة.

تقول كريستين ليتينبرغر، اختصاصية العلاج الطبيعي المعتمدة في نيويورك، لمجلة "تايم" الأميركية؛ "إن صحة العظام أمر يجب إعطاؤه الأولوية في وقت مبكر أكثر مما نتخيل، كما يمكن أن تكون العضلات أعظم هدية تقدمها لنفسك مع تقدمك في العمر".

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

وتؤكد ليتينبرغر أن الأبحاث تدعم فكرة أن "التمارين الرياضية تُطيل العمر الصحي وتساعد في مكافحة آثار الشيخوخة، وأن تمارين القوة تحديدا، تحافظ على كتلة العضلات والوظائف البدنية والإدراك لسنوات مقبلة".

وتوضح أن تمارين القوة ليست تضخيم عضلات الذراعين ونحت عضلات البطن؛ لكنها "تقوية للعظام، والحفاظ على معدل الأيض (التمثيل الغذائي) مرتفعا، ومنع السقوط، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة".

عظام أقوى تعني كسورا أقل

قد تبدو العظام صلبة وثابتة، لكنها في الواقع نسيج حيّ يتفاعل مع ما يواجهه من ضغوط، فيقوى بالحركة ويضعف بالإهمال وقلة النشاط.

فكل مرة تؤدي فيها تمرين القرفصاء أو الضغط أو ترفع الأوزان، فأنت تُحدث ضغطًا على هيكلك العظمي، وهو ما تشرحه الخبيرة ليتينبرغر بقولها إن هذا الضغط بمثابة "إشارة للجسم لتحفيز الخلايا المسؤولة عن بناء العظام"، مما يؤدي بمرور الوقت إلى زيادة الكثافة العظمية وتعزيز صلابة الهيكل العظمي.

ووفقًا للأكاديمية الأميركية لجراحي العظام، تبلغ كثافة العظام ذروتها في العشرينيات من العمر، ثم تبدأ بالانخفاض تدريجيا في الثلاثينيات، وهو تراجع بطيء في البداية لكنه يتسارع مع التقدم في العمر وتغير الهرمونات.

ورغم أن هذا الانخفاض يصيب الرجال والنساء على حد سواء، تشير ليتينبرغر إلى أن فترات انخفاض هرمون الإستروجين، سواء عند انقطاع الطمث أو بعد الولادة المبكرة، تُسرّع من فقدان الكثافة العظمية، ما يزيد من خطر الهشاشة والكسور.

إعلان

لذلك، تؤكد الخبيرة أن تمارين القوة والمقاومة تُعد من أنجح الوسائل للنساء لمواجهة هذه التغيرات والحفاظ على قوة العظام مع التقدم في العمر.

Portrait of a happy senior woman working out with weights at the gym
تدريب القوة يزيد من كتلة العضلات، مما يُحسّن استخدام الجسم للإنسولين (غيتي إيميجز)

العضلات هي الأكثر كفاءة في حرق السعرات الحرارية

لا تقتصر فوائد تمارين القوة على العظام فحسب، إذ تُعد العضلات هي المحرك الأكثر كفاءة في حرق السعرات الحرارية حتى أثناء الراحة.

وتصف ليتنبرغر العضلات بأنها "محرك داخلي يعمل بهدوء للحفاظ على استمرارية عملية الأيض"، مشيرة إلى أن "العضلات بطبيعتها مولدة للحرارة وتُسهم بأعلى معدل في استهلاك الطاقة داخل الجسم".

وبالمقارنة مع الدهون، تؤكد أن "العضلات أكثر كفاءة في حرق السعرات سواء أثناء النشاط البدني أو في فترات الخمول".

وتوضح لورين بوروفسكي، اختصاصية الطب الرياضي في جامعة نيويورك، أن كثيرين يدركون خطر هشاشة العظام، لكنهم يغفلون عن مشكلة أخرى لا تقل أهمية هي فقدان الكتلة العضلية (ساركوبينيا)، التي تبدأ عادة في الظهور منذ الأربعينيات من العمر.

ويشير كل من بوروفسكي وليتنبرغر إلى أن الأشخاص ذوي الكتلة العضلية الأكبر يتمتعون عادة بحساسية أعلى تجاه الإنسولين وقدرة أفضل على حرق الجلوكوز، مما يقلل خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي والسكري. فالحفاظ على العضلات لا يتعلق بالمظهر القوي فحسب، بل هو استثمار في الصحة طويلة الأمد.

وتحذر الأبحاث من أن كتلة العضلات تبدأ في التراجع اعتبارًا من الثلاثينيات، حيث يفقد الشخص العادي ما بين 3 إلى 8% من عضلاته في كل عقد من العمر، وهو ما يؤدي إلى انخفاض القوة وتباطؤ عملية الأيض، ما يزيد احتمالية زيادة الوزن حتى دون تغيّر في النظام الغذائي، وفقًا لدراسة نُشرت عام 2004.

تمارين القوة مفتاح التوازن الجيد

تقول ليتنبرغر إن سقوطا واحدا يمكن أن يُطلق سلسلة من التحديات، من كسور العظام إلى فقدان الثقة في الحركة بحرية"؛ حيث يُعد السقوط سببا رئيسيا للإصابة لدى البالغين من عمر 65 عاما فأكثر.

ففي الولايات المتحدة وحدها، يُبلغ أكثر من 14 مليون شخص (1 من كل 4 من كبار السن)، عن تعرضهم للسقوط كل عام (4). وتشير منظمة الصحة العالمية، إلى تسجيل 37.3 مليون حادثة سقوط سنويا، تستدعي درجة خطورتها تلقي عناية طبية، وتتسبب في وفاة نحو 684 ألف شخص.

لكن ليتنبرغر تقول "إن السقوط يحدث غالبا عندما تتراجع القوة ويقل الثبات، أو ما يُطلق عليه ضعف استقبال الحس العميق"؛ وتؤكد أن "تمارين القوة تساهم في تغيير هذه المعادلة"، حيث تساعد على بناء العضلات والإشارات الحسية العميقة التي تدعم الوضعية والحركة في الساقين والوركين والجذع.

Young white man lifting heavy dumbbells as part of weight training in cross training gym, weights, exercising, physical activity
ممارسة تمارين القوة لا تعني أنك بحاجة إلى إرهاق نفسك ورفع أوزان ثقيلة في صالة الألعاب الرياضية (غيتي)

ويوضح المدرب الشخصي المعتمد، توم كونولي، أن "التوازن الجيد" يتكون من عنصرين رئيسيين:

الأول هو سرعة استجابة الدماغ عندما تشير مُدخلاته الحسية العميقة إلى فقدان التوازن.  الثاني هو امتلاك السرعة والقوة لاستعادة التوازن.

ويضيف أن تمارين القوة تساعد في تحقيق كلا العنصرين، من خلال تحقيق مزيج من:

إعلان

ردود فعل أسرع للدماغ والجسم. عضلات أقوى.

وهو المزيج الذي يُمكن أن يُحدث الفرق بين "تعثر غير مُؤذ"، و"سقوط قد يُغير مجرى الحياة".

رفع الأثقال لإطالة العمر الصحي

يوفر تدريب القوة الحماية من العديد من أكثر أمراض الشيخوخة المزمنة شيوعا، حيث "يرتبط داء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والخرف، وحتى بعض أنواع السرطان؛ بقلة النشاط".

تقول ليتنبرغر "إن تدريب القوة يزيد من كتلة العضلات، مما يُحسّن استخدام الجسم للإنسولين، ويؤدي إلى خفض نسبة السكر في الدم، وتقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، أو المساعدة في السيطرة عليه".

فقد أظهرت أبحاث نُشرت عام 2019، أن "تمارين القوة تُقلل من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول".

Young woman training with weights - stock photo
تمارين القوة تُقلل من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول (Getty)

وقبلها ربطت دراسات نُشرت عام 2018، تمارين المقاومة "بانخفاض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان"، وأشارت إلى أن تمارين المقاومة "قد تدعم صحة الدماغ"، من خلال تحسين تدفق الدم وتقليل الالتهابات، مما قد يُقلل من "خطر الإصابة بالخرف".

وفي عام 2023، أصدرت جمعية القلب الأميركية بيانا ذكرت فيه أن "تمارين القوة يُمكنها أن تُقلل من خطر الوفاة لأي سبب بنسبة 15% تقريبا".

ونبه بحث نُشر في عام 2023، إلى أن ممارسة تمارين القوة لا تعني أنك بحاجة إلى إرهاق نفسك ورفع أوزان ثقيلة في صالة الألعاب الرياضية.

فالأهم هو المواظبة على التمارين بانتظام، وبناء القوة تدريجيا، وجعلها عادة يمكنك الالتزام بها لسنوات؛ فحتى التمارين القصيرة والمنتظمة، بضع مرات أسبوعيا، يُمكن أن تُؤدي إلى مكاسب كبيرة في العضلات، والتمثيل الغذائي والصحة العامة.

0 تعليق