شهدت أسعار عقود الذهب الآجلة العالمية، تسليم ديسمبر/كانون الأول 2025، حالة من الاستقرار النسبي مع ميل طفيف نحو الانخفاض خلال التعاملات المبكرة من جلسة الثلاثاء، وسط تداولات هادئة وحذرٍ في الأسواق العالمية مع ترقب المستثمرين لمؤشرات اقتصادية أمريكية مرتقبة خلال الأسبوع الجاري.
وبحسب بيانات التداول اللحظية، فقد سجلت العقود الآجلة للذهب بحلول الساعة 06:12 صباحاً (بتوقيت البيانات) سعراً قدره 4,358.30 دولاراً أمريكياً للأونصة، بانخفاض طفيف بلغت قيمته نحو 1.10 دولار، أي ما يعادل 0.03% عن سعر الافتتاح المسجل عند بداية الجلسة.
تحركات محدودة في نطاق ضيق
وأظهرت البيانات الحية أن التداولات جاءت ضمن نطاق يومي محدود نسبياً حتى لحظة كتابة التقرير، حيث تراوح السعر بين حد أدنى عند 4,349.44 دولاراً للأونصة، وحد أعلى بلغ 4,393.15 دولاراً، ما يعكس حالة من الترقب والجمود النسبي في قرارات المتعاملين بانتظار وضوح الاتجاه العام للأسعار خلال الأيام المقبلة.
ويرى محللون في أسواق المعادن الثمينة أن ضعف السيولة في الجلسات الآسيوية، إلى جانب غياب المحفزات الاقتصادية الجديدة، ساهم في بقاء الذهب ضمن نطاق تداول ضيق دون تحركات حادة، خصوصاً بعد موجة الارتفاعات التي شهدها المعدن النفيس خلال الأسابيع الأخيرة، والتي دفعته إلى الاقتراب من مستويات قياسية جديدة.
الذهب قرب أعلى مستوى في عام
ويُتداول "المعدن الأصفر" حالياً بالقرب من أعلى مستوياته المسجلة خلال عام كامل (52 أسبوعاً)، عند مستوى 4,398.00 دولاراً للأونصة، ما يعكس اتجاهاً صاعداً قوياً على المدى الطويل.
ووفقاً للبيانات السنوية، فإن أدنى سعر تم تسجيله للعقد خلال هذه الفترة بلغ 2,541.50 دولاراً، وهو ما يشير إلى ارتفاعات حادة تراكمت على مدار العام مدفوعة بعوامل اقتصادية وجيوسياسية متعددة.
ويرجّح خبراء السوق أن استمرار الذهب في الحفاظ على هذه المستويات المرتفعة يعود إلى تزايد المخاوف الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، وتباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة الأمريكية، إضافة إلى تراجع عوائد السندات وارتفاع الطلب على الأصول الآمنة.
العوامل المؤثرة في التداولات الحالية
وتتجه الأنظار خلال الأسبوع الجاري إلى بيانات التضخم الأمريكية وتقارير الفائدة الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي من شأنها أن تحدد اتجاه أسعار الذهب في المدى القصير.
فإذا جاءت البيانات أقل من التوقعات، فقد يدعم ذلك أسعار الذهب للعودة فوق مستوى 4,400 دولار، أما في حال أظهرت ارتفاعاً في معدلات التضخم، فقد تتراجع الأسعار مؤقتاً مع ارتفاع التوقعات بتشديد السياسة النقدية.
وفي الوقت ذاته، يراقب المستثمرون عن كثب تحركات الدولار الأمريكي الذي ارتفع بشكل طفيف في الجلسة السابقة، ما حدّ من مكاسب الذهب، باعتبار أن العلاقة بينهما عكسية تقليدياً — أي أن ارتفاع الدولار يجعل الذهب المقوم به أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى.
كما تسهم أسعار النفط العالمية وتطورات أسواق الطاقة في التأثير على اتجاهات الذهب، نظراً لارتباطهما الوثيق بعوامل التضخم وتكلفة الإنتاج العالمية، وهو ما يعيد تشكيل توقعات المستثمرين تجاه أدوات التحوط.
الذهب في منظور المستثمرين
ويرى متعاملون في الأسواق العالمية أن الذهب لا يزال يحتفظ بجاذبيته كـ"ملاذ آمن" رغم استقرار الأسعار في الجلسات الأخيرة، مشيرين إلى أن أي تصعيد جديد في التوترات السياسية أو أي مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد العالمي قد تدفع الأسعار مجدداً إلى اختبار مستويات قياسية جديدة خلال الربع الأخير من العام.
ويشير المحللون الفنيون إلى أن مستوى 4,400 دولار للأونصة يشكل حاجز مقاومة رئيسياً، فيما يبقى مستوى 4,320 دولاراً دعمًا أساسياً يجب مراقبته بعناية.
وفي حال كسر أحد هذين المستويين، فمن المتوقع أن يشهد الذهب تحركاً أوسع في الاتجاه نفسه.
وبينما تترقب الأسواق صدور تقارير اقتصادية إضافية من الولايات المتحدة وأوروبا لاحقاً هذا الأسبوع، يتوقع أن يستمر الذهب في التداول ضمن نطاق ضيق إلى أن تتضح الصورة الاقتصادية الكاملة، وسط توازن دقيق بين عوامل الدعم الأساسية ومخاوف المستثمرين من عمليات تصحيح فني محتملة بعد الارتفاعات الأخيرة.
0 تعليق