علماء يعدّلون نظرية أينشتاين للجاذبية ويحذفون الطاقة المظلمة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

منذ أكثر من عقدين، يعرف العلماء أن الكون لا يتوسع فحسب، بل يتوسع في تسارع، أي أن المجرات تبتعد عن بعضها بعضا بسرعة تتزايد بمرور الزمن.

التفسير السائد له، كان وجود قوة غامضة تسمى الطاقة المظلمة، يُعتقد أنها تشكل نحو 70% من محتوى الكون وتدفعه إلى التمدد المستمر.

لفهم الفكرة، تخيل أنك ألقيت صخرة صغيرة إلى أعلى، ستتباطأ كلما ارتفعت ثم تنزل إليك، لكن ماذا لو لاحظت أنها كلما ارتفعت مبتعدة منك أسرعت؟

هنا ستتصور أن هناك شيئا مخفيا يدفعها. في هذا المثال المستخدم لغرض التقريب، فإن هذا الشيء على مستوى الكون هو الطاقة المظلمة.

The expansion of the universe from the Big Bang to the present. Digital illustration. shutterstock_353117663
يعرف العلماء أن الكون لا يتوسع فحسب، بل يتوسع في تسارع (شترستوك)

بديل من الطاقة المظلمة

لكن فريقًا من الباحثين، من مركز تكنولوجيا الفضاء والجاذبية الدقيقة في جامعة بريمن بألمانيا، وجامعة ترانسلفانيا في رومانيا، قدم أخيرا تفسيرا مختلفا تماما لتوسع الكون المتسارع، وهو تفسير لا يحتاج إلى طاقة مظلمة على الإطلاق، بحسب الدراسة التي نشرت في دورية "جورنال أوف كوسمولوجي آند أستروبارتكلز".

يعتمد النموذج الجديد على نوع خاص من الهندسة الرياضية يُعرف باسم "هندسة فينسر"، وهي أوسع وأكثر مرونة من الهندسة التي تستخدمها النظرية النسبية العامة لأينشتاين.

عندما نقول "هندسة الزمكان" أو "هندسة فينسر"، فنحن نقصد القواعد الرياضية التي تحدد كيف تقاس المسافات، والزوايا، والانحناءات بين النقاط في الفضاء. بمعنى آخر، "الهندسة" هنا هي اللغة التي تصف شكل الكون وكيفية انحنائه أو تمدده.

" frameborder="0">

ما هندسة فينسر؟

في النسبية العامة، ينحني الزمكان (النسيج الذي يربط المكان والزمن) بسبب الكتلة والطاقة، فإذا وضعت نجما ثقيلا على نسيج الزمكان الكوني، سيتسبب في انحنائه، مثلما تضع كرة حديدية ثقيلة على وسادة أو فراش السرير.

أما فينسر، فيوسع تلك الفكرة، حيث يسمح بأن تكون درجة الانحناء متغيّرة حسب الاتجاه أو الحركة، أي أن الزمكان قد لا يكون "متماثلاً" في كل الاتجاهات كما نظن.

إعلان

ظهرت هندسة فينسر في أواخر القرن التاسع عشر كامتداد لهندسة ريمان التي تُعد أساس النسبية العامة. اقترحها الرياضي الألماني بول فينسر عام 1918 في أطروحته الدكتوراه، حين حاول وصف الفضاءات التي لا تكون فيها المسافات متجانسة في جميع الاتجاهات.

على مدى القرن العشرين، ظلت هندسة فينسر أداة رياضية بحتة، لكنها عادت إلى الواجهة في العقود الأخيرة بفضل فيزيائيين يسعون إلى تعديل نظرية النسبية العامة لتفسير ظواهر كونية، مثل تسارع تمدد الكون أو عدم تماثل الجاذبية.

يفترض الفيزيائيون أن ثقبا أسودا قد ابتلع كوكبنا في مرحلة ما من تاريخه، وإذا ما حدث هذا فسيؤدي إلى سحب كارثي من الجاذبية
على مدى القرن العشرين، ظلت هندسة فينسر أداة رياضية بحتة (غيتي)

تحد واضح

باستخدام هذه الهندسة المعدلة، أعاد الفريق صياغة معادلات أينشتاين الكونية  في صورة جديدة سموها "معادلات فينسر فريدمان"، وعندما طبقوها على الكون، وجدوا أن هذه المعادلات تتنبأ تلقائيا بتسارع توسع الكون، حتى من دون إضافة أي طاقة مظلمة.

يمثل هذا النموذج الجديد تحدّيا واضحا للنموذج القياسي للكون (لامدا سي دي إم) الذي يعتمد على وجود طاقة مظلمة، كما أنه يوسّع فهمنا الحالي للجاذبية الكونية، ويمكن أن يساعد على الربط بين النسبية العامة وميكانيكا الكم، لأن هندسة فينسر تُستخدم أحيانًا في نماذج الجسيمات الأساسية أيضًا.

لكن على الجانب الآخر، فهذا النموذج لا يزال نظرية رياضية تحتاج إلى تأكيد بالمشاهدات الفلكية، ومن ثم فهناك حاجة لمقارنة تنبؤات هندسة فينسر ببيانات تلسكوب جيمس ويب، ومرصد فيرا روبين، وقياسات الخلفية الكونية الميكروية.

إذا طابقت النتائج الواقع، فقد نكون أمام تحول جذري في فهمنا للكون، يشبه الثورة التي أحدثها أينشتاين عام 1915.

0 تعليق