منذ سنوات، تربّع متصفح "كروم" على عرش تجربة تصفح الإنترنت لملايين المستخدمين حول العالم، وخصوصًا عبر نظام التشغيل "أندرويد".
ورغم هيمنته الواضحة والمزايا المتعددة التي يقدمها، فإنه لم يعد يمثل الخيار الأوحد أو الأمثل، حيث تبرز العديد من الأسماء القادرة على منافسته والتفوق عليه في جوانب مختلفة، مثل الأداء واستهلاك البطارية والأمان، من خلال توفيرها خدمات مبتكرة مدمجة ومميزات فريدة تركز على تسهيل تجربة التصفح.

"بريف" (Brave).. الخصوصية افتراضيًا
يعد أحد أبرز بدائل "كروم" حيث يعتمد على نواة "كروميوم" (Chromium) مع تركيز قوي على الخصوصية من خلال إزالة التعليمات البرمجية المتعلقة بالتتبع.
ويوفر هذا التطبيق حماية متقدمة تشمل حظر بصمات الأصابع، والمسح التلقائي للبيانات عند الخروج، وتعطيل تسجيلات الدخول إلى مواقع التواصل، والمنشورات المضمنة، والحماية من المواقع الضارة، والتنزيلات، والإضافات، إلى جانب "نظام أسماء النطاقات" (DNS) الآمن.
كما يمنع تتبع أنشطة المستخدمين، ويوفر خيار الترقية التلقائية للاتصالات إلى بروتوكول "إتش تي تي بي إس" (HTTPS) المشفر، إلى جانب محرك بحث يركز على الخصوصية يدعى "بريف سيرش" (Brave Search).
وفيما يتعلق بالأداء، فإن "بريف" يتفوق على "كروم" بفضل حظره الافتراضي للإعلانات والمتعقبين، مما يقلل من وقت تحميل الصفحات، واستهلاك البيانات، ويوفر في استهلاك البطارية بنسبة تصل إلى 20 في المئة أثناء الجلسات الطويلة.
أما على صعيد الأمان، فإنه يأتي مزوداً بشبكة خاصة افتراضية "في بي إن" (VPN) بالإضافة لوضع "تور" (Tor) للتصفح الخفي الذي يساعد في الوصول إلى محتوى محظور جغرافياً، ويخفي عنوان بروتوكول الإنترنت "آي بي" (IP) عن المواقع.
إعلان
ويحسن التطبيق وضع التصفح المتخفي من خلال دمج "تور" لتعزيز إخفاء الهوية. ويبرز التزامه بالحظر الاستباقي للعناصر المتطفلة، مثل شبكات الإعلانات وأدوات التتبع، التي تكون مفعلة افتراضيًا لتعزيز الخصوصية المحسنة مقارنة بالمتصفحات الأخرى.
ومن الميزات الإضافية، وجود مساعد الذكاء الاصطناعي "ليو" (Leo). كما يقدم نظام مكافآت يتيح للمستخدمين كسب العملة الرقمية "بات" (BAT) مقابل مشاهدة إعلانات اختيارية.

"فايرفوكس" (Firefox).. المصدر المفتوح
يعد واحدًا من أفضل بدائل "كروم" حيث يعتمد على محرك العرض "جيكو فيو" (GeckoView) بدلاً من "كروميوم" مما يقلل من الاعتماد على تقنيات "غوغل" ويعزز تنوع الويب، ويمنع سيطرة شركة واحدة على معايير الويب وطرق عرض المحتوى.
وكونه مفتوح المصدر، فإن هذا يضمن شفافية أعلى مقارنة بمتصفح "كروم" مع إمكانية إضافة أي محرك بحث.
وفي جانب الأداء، يعمل التطبيق بشكل أفضل عبر الأجهزة ذات الذاكرة المحدودة، ويوفر توازناً جيداً بين الميزات والخصوصية والتخصيص، مع تحديثات أخيرة حسنت أداءه وواجهة المستخدم بشكل ملحوظ.
أما على صعيد الأمان والخصوصية، فيتميز بحماية متقدمة من التتبع، بما في ذلك حظر مدمج افتراضي لتتبع الإعلانات وأدوات التتبع المخفية، وإشعارات الاختراقات، ووضع صارم للحظر يشمل قائمة واسعة من برامج التتبع وتعدين العملات المشفرة الضارة والنوافذ المنبثقة، بالإضافة إلى حماية محسنة من التتبع.
كما يدعم إضافات محددة، مثل حظر الإعلانات، وإدارة كلمات المرور، لتوسيع الميزات وتعزيز الخصوصية عبر الأجهزة المحمولة، وإن كانت خيارات الإضافات محدودة مقارنة بنسخة سطح المكتب.
وتعد تجربة الاستخدام غنية بالتخصيص، مع واجهة قابلة للتخصيص بدرجة عالية تسمح بنقل أشرطة الأدوات، وتغيير السمات، وتعديل التخطيطات، وصفحة التبويب الجديدة، ودعم الترجمة التلقائية.
كما يشتمل على وضع قراءة مدمج مثالي لتنظيم صفحات الويب أثناء التركيز على المقالات الإخبارية أو القراءات الطويلة، ووضع التركيز المبسط لتصفح فائق الخصوصية.
وبالإضافة إلى ذلك، يتيح عرض ملفات "بي دي إف" (PDF) مباشرة داخل المتصفح دون تنزيل، ومزامنة التبويبات والعلامات عبر الأجهزة، مع إدارة ممتازة للإشارات المرجعية وتنظيم جيد لعلامات التبويب.

"أوبرا" (Opera).. تكامل الذكاء الاصطناعي
يعد خياراً قوياً لمستخدمي "أندرويد" الباحثين عن حلول مدمجة، مما يقلل الحاجة إلى تطبيقات إضافية، وهو مبني على نواة "كروميوم" مما يضمن توافقه مع جميع إضافات "كروم".
وفي جانب الأداء، يتميز التطبيق بسرعة عالية وقابلية تخصيص كبيرة، مع وضع "أوبرا ميني" (Opera Mini) لضغط البيانات، وتقنية مدمجة لإطالة عمر البطارية، بالإضافة إلى تكامل مع وسائل التواصل، وميزة توفير البيانات لأصحاب الباقات المحدودة، وخاصة المناطق ذات الاتصال الضعيف. كما يشمل وضعاً ليلياً لقراءة أفضل في الإضاءة الخافتة، مما يعزز الكفاءة العامة للجهاز.
إعلان
أما على صعيد الأمان والخصوصية، فإن "أوبرا" يتفوق على "كروم" حيث يأتي مزوداً بـ"شبكة خاصة افتراضية" مجانية وغير محدودة لإخفاء عنوان "بروتوكول الإنترنت" ومن أجل وصول آمن إلى الشبكات العامة، بالإضافة إلى حظر مدمج متقدم للإعلانات والنوافذ المنبثقة الضارة، وتشفير البيانات.
كما أن تجربة الاستخدام غنية بالميزات، مثل "ماي فلو" (My Flow) لمشاركة الملفات والروابط والملاحظات بسهولة عبر الأجهزة، مما يتيح التنقل السلس بين إصداري سطح المكتب والهاتف، إلى جانب دعم الصفحات غير المتصلة بالإنترنت.
ويوفر المتصفح سهولة تخصيص الواجهة، مثل نقل شريط البحث إلى أسفل النافذة للاستخدام بيد واحدة، والسمات والتخطيطات والأوضاع لتخصيص التجربة حسب التفضيلات.
ومن المميزات البارزة، دمج خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي مباشرة في شريط العناوين لتسهيل الاستعلامات والبحث، بالإضافة إلى مساعد ذكاء اصطناعي مدمج يدعى "أريا" (Aria) يساعد في إجراء بحث أساسي سريع أو طرح أسئلة محددة داخل المتصفح، مع إمكانية تحليل الصور.

"فيفالدي" (Vivaldi).. التخصيص للمحترفين
يعد خياراً يركز على الإنتاجية مبنياً على محرك "كروميوم" المعدل، ويوفر تجربة تصفح سريعة مع ميزات فريدة، مثل تكديس التبويبات، ولوحة ملاحظات مدمجة، ودعم قارئ النصوص.
كما يدمج علامات التبويب بنمط سطح المكتب في أعلى الواجهة، مع تسهيل التبديل بين التبويبات بفعالية.
وفي جانب الأداء، يعمل التطبيق بكفاءة عالية مع حظر مدمج للإعلانات والتتبع، بينما يبرز في الخصوصية من خلال تحكم استثنائي يبدأ من عملية الإعداد الأولية، بالإضافة إلى إجراءات أمان تشمل الحماية من البصمات الرقمية، والمزامنة المشفرة بين الأجهزة، والحظر الفعال للمتتبعين.
ويقدم "فيفالدي" صفحة رئيسية مع قابلية عالية للتخصيص من أجل الوصول السريع للمواقع المفضلة، مع إمكانية تغيير الخلفية لتخصيص التجربة العامة.
وتعد تجربة الاستخدام فريدة وغنية بالتخصيص القوي، حيث ينقل ميزات سطح المكتب إلى نظام "أندرويد" مثل إضافة اختصارات متنوعة للوصول السهل، وإيماءات قابلة للتخصيص.

"داك داك غو" (DuckDuckGo).. حارس الخصوصية
يعد خياراً بسيطاً يركز بشكل أساسي على الخصوصية، حيث يقدم تجربة تصفح فعالة من خلال إزالة المتعقبين تلقائياً ومسح البيانات فوراً، مع نافذة منبثقة تظهر عند زيارة أي موقع لإعلام المستخدم بأدوات التتبع التي حظرها.
كما يحتوي على ذكاء اصطناعي مدمج يدعى "داك دوت إيه آي" (duck.ai) لا يتدرب على استعلامات المستخدمين ويتيح اختيار نماذج مختلفة، مثل "جي بي تي" (GPT)، "لاما" (Llama)، "كلود" (Claude)، و"ميسترال" (Mistral).
وفي جانب الأداء، يوفر التطبيق سرعة عالية بفضل عدم وجود إعلانات، مع بحث خالٍ من الإعلانات يسرع تحميل النتائج أثناء البحث عن صور أو معلومات دون تتبع، كما أنه خفيف الوزن وفعال بدون إضافات غير ضرورية.
أما الأمان، فإن التطبيق يعتمد على عدم تسجيل عمليات البحث، بالإضافة إلى ترقية "إتش تي تي بي إس" تلقائية وحماية التتبع المدمجة التي تعمل بسلاسة، مما يجعله مثالياً لمسح جميع التبويبات وبيانات التصفح بلمسة واحدة، وخاصة بعد جلسات بحث حساسة مثل معلومات طبية.
وختامًا، ومع تزايد التهديدات الرقمية وأهمية الخصوصية، أصبحت بدائل "كروم" ضرورية لمستخدمي "أندرويد" الساعين لتجربة أفضل، ولا تقدم هذه المتصفحات أداءً أعلى وأمانًا أقوى فقط بل تعيد تشكيل مفهوم التصفح نحو الاستقلالية.
0 تعليق