هل يطيح القضاء التركي بزعيم المعارضة أوزغور أوزال؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أنقرة – تترقب الأوساط السياسية في تركيا ما ستسفر عنه جلسة المحكمة المقرر عقدها، اليوم الخميس، في أنقرة، للنظر في الدعوى المطالبة بإلغاء نتائج الانتخابات الداخلية لحزب الشعب الجمهوري لعام 2023، والتي أسفرت عن انتخاب أوزغور أوزال رئيسا للحزب خلفا لزعيمه السابق كمال كليجدار أوغلو.

وتستند الدعوى إلى مزاعم بحدوث مخالفات تنظيمية وشراء أصوات خلال المؤتمر الحزبي، في اتهامات ينفيها الحزب جملة وتفصيلا، معتبرا أنها مسيّسة وتشكل محاولة لتقويض شرعية المعارضة الرئيسية عبر بوابة القضاء.

" frameborder="0">

تفاصيل القضية

في خريف عام 2023، عقد حزب الشعب الجمهوري مؤتمره العام الثامن والثلاثين، في محطة شكلت نقطة تحول بارزة في مسار الحزب المعارض الأقدم في تركيا، وأسفرت عن إنهاء حقبة كمال كليجدار أوغلو التي امتدت أكثر من 13 عاما، وصعود النائب أوزغور أوزال إلى سدة الزعامة.

جاءت هذه التغييرات عقب سلسلة إخفاقات انتخابية أنهكت رصيد كليجدار أوغلو، كان آخرها خسارته في الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس رجب طيب أردوغان، ما دفع أصواتا متزايدة داخل الحزب إلى المطالبة بضخ دماء جديدة في القيادة.

وبدعم من تيار إصلاحي صاعد، استطاع أوزال أن يحشد تأييدا واسعا أتاح له التفوق على كليجدار أوغلو في مؤتمر انتخابي حافل بالتنافس، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأفضى إلى فوزه بفارق مريح وفق نتائج التصويت الداخلي.

وتتجدد فصول النزاع داخل حزب الشعب الجمهوري مع اقتراب موعد البت في طعن قضائي قد يعصف بشرعية قيادته الحالية، بعدما تقدم عدد من المندوبين السابقين، منهم رئيس بلدية هاتاي الأسبق لُطفي سافاش، بدعوى لدى محكمة أنقرة يطالبون فيها بإلغاء نتائج المؤتمر العام.

ويستند الطعن إلى اتهامات بارتكاب خروقات جسيمة خلال مجريات المؤتمر، تشمل تقديم رشى وشراء أصوات لضمان تفوق أوزال على الزعيم السابق كمال كليجدار أوغلو، وهي اتهامات يصفها مقدمو الدعوى بأنها أفضت إلى "اغتصاب غير مشروع للسلطة".

إعلان

ويطالب المدعون المحكمة بإبطال نتائج المؤتمر بالكامل وعزل أوزال من منصبه، في خطوة من شأنها إحداث فراغ في قمة أكبر أحزاب المعارضة التركية، وكانت محكمة أنقرة قد عقدت جلسات عدة للنظر في القضية، قبل أن تقرر في 15 سبتمبر/أيلول تأجيل الجلسة الحاسمة إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول لاستكمال مراجعة الوثائق والمرافعات.

وفي الجلسات السابقة، سعى مقدمو الطعن إلى تنحية القيادة الحالية للحزب مؤقتا بدعوى أن استمرارها "يلحق ضررا بالنظام العام"، غير أن المحكمة رفضت هذا الطلب وارتأت الإبقاء على الوضع القائم إلى حين صدور الحكم النهائي.

أوزغور أوزال وكمال كليجدار أوغلو
أوزغور أوزال (يسار) وكمال كليجدار أوغلو الزعيم السابق لحزب الشعب الجمهوري (الأناضول)

رفض مستمر

وينفي حزب الشعب الجمهوري نفيا قاطعا جميع الاتهامات الموجهة إليه في قضية الطعن بنتائج انتخاباته الداخلية، معتبرا أن خلفيتها سياسية تهدف إلى تقويض المعارضة خارج صناديق الاقتراع وتحييدها عبر أدوات القضاء.

ويؤكد مسؤولو الحزب أن انتخاب أوزغور أوزال لرئاسة الحزب جرى في أجواء ديمقراطية شفافة، وأن خصومه يسعون اليوم إلى انتزاع ما عجزوا عن تحقيقه في المؤتمر من خلال محاكم تحمل ـ في رأيهم ـ أجندات تتجاوز حدود القانون.

ووصف أوزغور أوزال الدعوى، أنها "انقلاب قضائي" يستهدف أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، مؤكدا في تجمع جماهيري في أنقرة، أن ما يجري هو "انقلاب على الرئيس المستقبلي والحكومة المستقبلية"، مضيفا بحزم: "سنقاوم، سنقاوم، سنقاوم".

ويطعن محامو الحزب في اختصاص المحكمة المدنية التي تنظر في القضية، مشيرين إلى أن الجهة المخولة قانونا بالبت في طعون الانتخابات الحزبية، هي اللجنة العليا للانتخابات، وليس المحاكم المدنية، وهو الدفع الذي قُدم رسميا للقضاء.

موقف الحكومة

وفي مواجهة اتهامات المعارضة بتسييس القضاء وتوظيفه لتصفية خصومها، تتمسك حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان وائتلافه الحاكم بموقف حازم ينفي وجود أي تدخل سياسي في عمل السلطة القضائية، مؤكدة أن "مؤسسات العدالة في البلاد مستقلة تماما وضمن حدود القانون".

وتشير الحكومة إلى أن التحقيقات الجارية بشأن قيادات من حزب الشعب الجمهوري جاءت بناء على بلاغات ووثائق عن تجاوزات مالية وتنظيمية، وليست لأي اعتبارات سياسية أو حزبية.

ويرى مسؤولون حكوميون، أن القضاء التركي يمارس مهامه في التحقق من شبهات التلاعب بالانتخابات الداخلية ومكافحة الفساد دون تمييز، مستشهدين بإجراء انتخابات محلية ورئاسية في بيئة تنافسية مفتوحة، كانت المعارضة نفسها من أبرز المستفيدين من نتائجها.

من جهته، لم يتردد الرئيس أردوغان، في التعبير عن شكوكه المتكررة حيال ما سماه "شبكة نفوذ معارضة" وصفها بـ"الأخطبوط" ذي الأذرع الممتدة في الداخل والخارج، ملمحا إلى وجود منظومة فساد متغلغلة داخل مؤسسات الحزب الخصم.

وأكد أن الحكومة ماضية في معركة "إصلاح وتنقية" شاملة تطال الجميع بلا استثناء، حتى لو شملت مسؤولين منتخبين من المعارضة.

صراع الزعامة

ويرى المحلل السياسي علي أسمر، أن حجم التداعيات المرتقبة لقرار المحكمة المحتمل بعزل أوزغور أوزال من رئاسة حزب الشعب الجمهوري سيتوقف بدرجة كبيرة على هوية من سيخلفه في قيادة الحزب، إذ تُطرح في الكواليس السياسية أسماء من "الحرس القديم" وعلى رأسهم كمال كليجدار أوغلو، ما قد يفتح الباب لصراع داخلي حاد على الزعامة.

إعلان

ويرجح أسمر في حديثه للجزيرة نت، أن يؤدي مثل هذا السيناريو إلى احتجاجات داخلية واسعة من أنصار أوزال، تتبعها انقسامات تنظيمية قد تتطور لاحقا إلى نشوء كيان سياسي جديد من رحم الحزب أو من صفوف المعارضة الأوسع.

لكن العامل الحاسم -بحسب أسمر- يكمن في طبيعة رد الفعل الشعبي والسياسي على القرار المنتظر، فإذا اقتصر الغضب داخل قواعد حزب الشعب الجمهوري فستظل الأزمة محدودة الأثر، أما إذا اعتبر القرار استهدافا شاملا للمعارضة التركية فسيأخذ المشهد منحى أكثر تصعيدا ويهدد بتوسيع دائرة التوتر السياسي في البلاد.

ويشير إلى أن احتمال تعيين وصي قضائي لإدارة الحزب لا يزال قائما، ما قد يمهد لإجراء انتخابات داخلية جديدة، وفي حال تمكن أوزغور أوزال من استعادة موقعه بصناديق الاقتراع، فإن الحزب سيبدأ باستعادة توازنه تدريجيا، لكنه -كما يقول أسمر- "سيكون قد مرّ بإحدى أكثر المراحل حساسية وانقساماً في تاريخه منذ تأسيسه".

0 تعليق