عاجل

داليا طه تطلق مجموعتها الأحدث بحوارية عن الصمت والشعر ومقاومة المحو! - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب يوسف الشايب:

 

في أمسية ثقافية احتضنها مركز خليل السكاكيني الثقافي في مدينة رام الله، مساء الثلاثاء الماضي، أطلقت الشاعرة الفلسطينية داليا طه مجموعتها الشعرية الجديدة "والآن، تعال أيها العالم"، الصادرة عن منشورات المتوسط في إيطاليا، بحيث جمعت ما بين القراءات الشعرية، وحوارية معمقة أدارها الشاعر ووزير الثقافة الأسبق د. إيهاب بسيسو، الذي استنطق النص الشعري وكشف طبقاته المتعددة في فعل تفاعلي مع الشاعرة أمام جمهور غصّت به "العلّية".
افتتح بسيسو الأمسية بالإشادة بالمجموعة الشعرية الجديدة، واصفاً إياها بأنها "مجموعة شعرية استثنائية بكل معنى الكلمة"، مشيراً إلى ندرة المجموعات التي تجمع بين الإبهار الجمالي في كافة قصائدها، والقابلية للتأويل المكثف على الصعيدين الفكري والمجتمعي.
وأوضح بسيسو أن داليا طه "دأبت بعناية شديدة" على أن يكون متن هذا الكتاب رحلة شعرية تأخذ القارئ من النص الأول إلى الأخير، فهي "تغوص في تفاصيل الحياة اليومية الفلسطينية دون أن تتنازل عن شرط الإبداع ودون أن يكون الإبداع ملفقاً أو مزركشاً بالاستعارات المتكلفة".
وربط بسيسو بين نصوص المجموعة وبين فصول المعاناة اليومية الفلسطينية، مشيراً إلى "الوجع اليومي في التنقل بين المدن والقرى والمخيمات"، وحالة "الإفناء المتكرر للوجود الفلسطيني"، سواء عبر "الإبادة المستمرة" بأحجامها المختلفة، أو محاولات "إزالته من الذاكرة ومن الحياة اليومية"، مؤكداً أن داليا طه تلتقط هذه التفاصيل بمهارة لافتة.
وقدم بسيسو تحليلاً لبنية المجموعة، معتبراً أن فيها تقاطعاً لمسألتين جميلتين: "سيرة ذاتية مكثفة وشعرية للشاعرة نفسها"، وفي الوقت ذاته "سيرة مجتمعية لنا جميعاً".
واعتبر بسيسو أن الشعر عند طه "ليس مجرد كتابة" بل "مشروع شعري" تحاول من خلاله أن تحاور ذاتها وتتحدى ذاتها، واصفاً لغتها الشعرية بأنها تتجاوز مجرد "شعر التفاصيل" أو "شعر اليومي"، قائلاً: "لم تكتفِ داليا بالرصد وتحويل المشهد إلى نص شعري، إنّما أضافت له الكثير والكثير من طبقات المعنى".
في ردها على سؤال حول معنى الشعر بالنسبة لها، اعترفت داليا طه بصعوبة السؤال لاسيما مع تواصل جدلية "جدوى الشعر"، لكنها تحدثت عن شعور مزدوج: الاستمتاع بقدرة الشعر على جعلها ترى العالم بطريقة مختلفة، وفي المقابل، "شعور بالخجل" من ممارسة هذه "الكتابة الطفولية".
وربطت طه الشعر بإدراك الطفولة للعالم، قائلة: "الشعر هو من أقدم الفنون البشرية.. والشاعر يكتب لأنه لازال يتطلع على العالم من المحل الذي كان يتطلع عليه وهو طفل"، مشيرة إلى مشاعر الارتباك والحيرة والغموض والخوف التي تصاحب هذه النظرة الأولى للعالم.
ورأت طه أن مهمة الشعر الأساسية هي "أن تجبرنا أن نقف أمام الصور والعذابات والدموع التي بنفضل في الحقيقة إنه نشيح وجهنا عنها.. أن تخلينا نشعر ونحس"، مشددة على أن الشعر يصبح أكثر إلحاحاً في عالم "تتبلد مشاعرنا فيه"، لأنه يسبق الفعل الذي يتطلب الإحساس.
ورأت طه أن الشعر يلتقط ردود الفعل التلقائية والغريزية تجاه أحداث لم تتشكل بعد في سردية متماسكة أو لغة واضحة، مستشهدة بتاريخ معاناة السود في أميركا الذي ظهر أولاً في الأغاني قبل أن يتحول لنظريات، وهكذا، يحقق الشعر "عدالة عاطفية" ويمهد الطريق للعدالة السياسية.
وحول اهتمامها بالهامش والحواف والتفاصيل، أكدت داليا طه أن "سؤال الصمت والهامش والحواف" هو ثيمة أساسية في مجموعتها الشعرية هذه، وربطت هذا الاهتمام بفلسطين، مستذكرة طفولتها وعلاقتها بالمكتبة التي كانت مليئة بأصوات الكتاب الرجال بشكل أساسي، ما خلق لديها "شعوراً بالنقص والغياب"، وشعوراً بأن الكتابة العظيمة حكر على الرجال.
وربطت هذا الصراع الشخصي بالعنف الأوسع الذي يمارس ضد أصوات الشعوب المهمشة والمستعمرة، مؤكدة أن "الصمت ليس بريئاً، بل يتخلله العنف والجريمة والكبت وتاريخ من القمع"، ورأت أن من مهمة الأدب أن "يشير لهذا الصمت" وأن يعترف بـ"ضخامة هذا الصمت الذي يتخلل المعرفة البشرية كلها".
وختمت بالتأكيد على مسؤولية الكتابة كشكل من أشكال التوثيق الذي يقاوم المحو، وكوسيلة لحفظ الذاكرة للأجيال القادمة، قائلة إن الكتابة "بتحصن الأجيال الجاي من إنها تكره نفسها" عبر الحفاظ على قصصهم التي يحاول المحتل محوها.

 

0 تعليق