عاجل

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من غزة في ظل التهدئة الهشة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

دخل اتفاق التهدئة في غزة أسبوعه الثالث، وما زالت معاناة سكان القطاع تتواصل بطرق مختلفة، ويستمر الاحتلال في خرق الاتفاق بشتى الطرق والوسائل.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من قطاع غزة في ظل الوضع الراهن، منها مشهد بعنوان: "إخلاءات في قلب المناطق الآمنة"، ومشهد يرصد دفن جثامين مجهولة لشهداء دون التعرف على هويات أصحابها، ومشهد ثالث يوثق مخاوف النازحين المقيمين على شاطئ البحر مع اقتراب فصل الشتاء.

 

إخلاءات في قلب المناطق الآمنة
فوجئ سكان وسط مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، بإنذارات إسرائيلية جديدة، تطالبهم بالنزوح الفوري عن مساكنهم، رغم أنهم ما زالوا يقيمون في "المناطق البيضاء"، المسموح لهم بالتواجد فيها.
وأصدر جيش الاحتلال بياناً لسكان مدينة خان يونس، من خلال طائرات مُسيّرة، ألقت منشورات، ونادت عبر مكبرات للصوت، طالبت من خلاله سكان "حي الرقب"، ومناطق مجاورة، وجميعها تقع غرب شارع صلاح الدين، وهي مناطق محددة مسبقاً على أنها آمنة، بالإخلاء الفوري، دون تحديد الأسباب وراء ذلك.
وتسبب البيان المذكور في حالة من الإرباك في صفوف المواطنين، خاصة الذين عادوا إلى أراضيهم ومنازلهم في تلك المنطقة، حيث نزحت عشرات العائلات مجدداً باتجاه الغرب.
وقال المواطن إبراهيم سعيد، إنه وبعد أيام من وضع خيمة قرب ركام منزله المدمر وسط خان يونس، واعتقاده أن المنطقة آمنة، فوجئ بإنذار الإخلاء الجديد، الذي تزامن مع التهدئة، المفترض أنها لا تشهد إخلاءات وعمليات قصف، خاصة في ظل عمل البلدية على فتح الشوارع، وترميم الخدمات.
وبيّن أنه كان ينتظر توسيع المناطق الآمنة وانسحاباً جديداً لقوات الاحتلال إلى ما وراء "الخط الأصفر"، وبدلاً من ذلك، صدرت أوامر إخلاء تُقلص المساحات التي يُسمح للمواطنين بالعودة إليها، موضحاً أن الاحتلال لم يكتفِ بتحويل نصف مساحة محافظة خان يونس إلى مناطق خطيرة، بل يواصل التضييق على السكان، ويخلي المزيد من المساحات.
من جهته، قال المواطن محمد أبو زيد، إن الاحتلال يسعى إلى تطبيق نموذج لبنان في غزة، حتى في ظل التهدئة، من خلال استمرار وجود قواته في القطاع من جانب، ومواصلة القصف المتقطع بين الفينة والأخرى، بما يشمل اغتيال عناصر وقيادات في المقاومة، والأمر الثالث من خلال استمرار إخلاء أحياء هنا وهناك، حتى في قلب المناطق التي تشهد اكتظاظاً بالسكان.
وأشار إلى أن هذا الأمر يهدف إلى إبقاء المواطنين في حالة خوف وترقب، ونزع الأمان والطمأنينة من قلوبهم، والحد من قدرتهم على العودة إلى مناطق سكناهم.
وأعرب أبو زيد عن خشيته من أن يتم توسيع دائرة الإخلاء في الأيام المقبلة، لتشمل مزيداً من المناطق، ما يزيد من الضغط على المواطنين حتى في ظل التهدئة.

 

دفن جثامين مجهولة
اضطرت وزارة الصحة لدفن جثامين 54 شهيداً مجهولة الهوية، من تلك الجثامين التي تسلمتها في الآونة الأخيرة من سلطات الاحتلال.
وجرى دفن الجثامين في مقبرة جماعية، بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد تعذر التعرف عليها، نظراً للتشوهات الكبيرة التي أصابتها، بسبب تنكيل الاحتلال بالجثامين.
وأكد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، أن الاحتلال أعاد جثامين الشهداء وعليها آثار تعذيب واضحة، مشيراً إلى أن الفحوص الرسمية أكدت ارتكاب الاحتلال انتهاكات بشعة بحق الشهداء، وأن عدداً منهم أُعدموا شنقاً أو بإطلاق النار عن قرب، ما يؤكد تنفيذ إعدامات ميدانية متعمدة.
وأضاف: "الجثامين التي جرى دفنها استوفت المدة المحددة (نحو 5 أيام)، وتم توثيقها وتصويرها مع متعلقاتها قبل دفنها في قبور مُرقمة، بعد تعذّر التعرف إليها بسبب طمس الملامح من التعذيب".
وجدد الثوابتة مطالبة الهيئات الدولية بإرسال وفود لمعاينة الجثامين والتحقيق في الانتهاكات التي استهدفتهم، وملاحقة مرتكبي المجازر ومحاسبتهم.
في حين أكد مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، أن المشاهدات الأولية للجثامين المسلّمة من إسرائيل توثق آثار تعذيب وتكبيل وتشريح بعض الجثامين وتفريغها وحشوها بالقطن.
وتصل الجثامين الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي مجهولة الهوية، وتبذل السلطات في غزة جهوداً للتعرف عليها بوسائل محدودة وإمكانيات بدائية. وتشمل الإجراءات استدعاء عائلات المفقودين لمحاولة التعرف على الجثامين من علامات ظاهرية مثل الملابس أو ملامح الجسد كالطول والبنية والإصابات.
كما أطلقت وزارة الصحة رابطاً إلكترونياً يضم صوراً منتقاة للجثامين "تراعي كرامة المتوفى ولا تمس خصوصيته"، بهدف إتاحة الفرصة لذوي المفقودين للتعرف إليهم من بُعد.
وقال رئيس إدارة جثامين الشهداء في وزارة الصحة أحمد ضهير، إن دائرة الطب الشرعي في غزة لا تمتلك أي أجهزة لإجراء فحوص الحمض النووي للجثامين، أو مختبرات متخصصة.
وسلّم الاحتلال مؤخراً دفعة جديدة من الجثامين يبلغ عددها 30 جثة كانت محتجزة لدى الاحتلال غير معروفة الهوية، ليصبح إجمالي الجثث المستلمة من الاحتلال 195 جثة.
وذكرت الوزارة أنه تم التعرف حتى اللحظة على هوية 57 شهيداً من قبل ذويهم، من خلال رابط الاستدلال الذي تم نشره مؤخراً.

 

نازحو شاطئ البحر
يعيش عشرات آلاف النازحين المقيمين على شاطئ البحر مباشرة، حالة من القلق والترقب، مع اقتراب موسم الأمطار والرياح، دون أن يتمكنوا من الانتقال من تلك المناطق الخطيرة، باتجاه مناطق بعيدة عن الأمواج.
وواصل المواطنون الذين أقاموا خيامهم على شاطئ البحر إطلاق مناشدات للجهات المعنية من أجل توفير مأوى بديل لهم، يحميهم من كوارث الشتاء، خاصة المقيمين على الشاطئ مباشرة، ولا تفصلهم عنه سوى أمتار معدودة.
وقال المواطن عمر روحي، وهو نازح من شرق خان يونس، ويقيم على شاطئ البحر مباشرة، إنه منذ شهر حزيران الماضي يعيش على الشاطئ، وقضى فصل الصيف كاملاً هناك، لكن مع اقتراب فصل الشتاء، لا يمكن البقاء في خيمته، فالأشهر المقبلة تشهد منخفضات جوية، ترتفع الأمواج خلالها، ويزيد المد البحري، حيث تصل الأمواج إلى عشرات الأمتار شرقاً، ما يعني أن خيامهم معرّضة للغرق بشكل كامل.
ولفت ربحي إلى أنه منذ شهر يبحث عن مكان ينقل فيه خيمته ولم يجد أي مكان خالٍ في المواصي، ومع بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار كان أمله أن يعود إلى مناطق شرق خان يونس، ليقيم خيمته على أنقاض منزله المدمر بعد تنظيف المنطقة من الركام، لكنه اكتشف أن ذلك غير ممكن، بسبب خطورة المنطقة، ووقوعها داخل "المنطقة الصفراء"، ما يعني أنه سيبقى على الشاطئ خلال الفترة المقبلة، ويواجه مخاطر كبيرة، أقلها غرق خيمته بمياه البحر.
بينما قال المواطن عبد الله هاشم، إنه لم يترك صديقاً أو قريباً إلا تواصل معه من أجل مساعدته في إيجاد مكان ينقل خيمته إليه، لكن دون جدوى، ولم يعد أمامه خيار سوى العودة إلى مناطق "الخط الأصفر" رغم خطورتها الشديدة، وهناك عائلات عادت بالفعل إلى تلك المناطق، وجرى استهدافها، وإحراق عشرات الخيام، في محاولة لمنع العودة إلى تلك المناطق.
وأكد أن فصل الشتاء يحمل معاناة كبيرة للنازحين في كل مكان، خاصة المقيمين على شاطئ البحر، مشدداً على أهمية التحرك السريع لتوفير مأوى لهؤلاء المواطنين، وقال إن الهدنة الحالية لم تسهم في إحداث أي تغيير إيجابي على حياتهم، وأن المعاناة ما زالت مستمرة.

 

0 تعليق