كشف تقرير حكومي ياباني، صدر الجمعة، عن أرقام صادمة تتعلق بـ "أزمة صامتة" تضرب أوساط الشباب، حيث بلغ عدد طلاب المدارس الذين أنهوا حياتهم خلال عام 2024 529 طالبا، بزيادة قدرها 16 حالة عن العام السابق.
ويعد هذا الرقم هو الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات الرسمية عام 1980، ما يعكس تفاقما في الظاهرة التي تؤرق المجتمع الياباني رغم الجهود الحكومية المتواصلة لمكافحتها.
مفارقة إحصائية.. انتحار الطلاب يرتفع رغم تراجع المعدل العام
المفارقة التي أبرزها "التقرير الحكومي لعام 2025 بشأن الوقاية من الانتحار"، والذي اعتمده مجلس الوزراء الياباني اليوم، هي أن هذا الارتفاع بين الطلاب جاء في وقت شهد فيه إجمالي حالات الانتحار في اليابان انخفاضا ملحوظا.
فقد انخفض إجمالي حالات الانتحار في البلاد بمقدار 1517 حالة عن عام 2023، ليصل إلى 20,320 حالة، وهو ثاني أدنى مستوى منذ بدء الإحصاءات عام 1978.
لكن رغم هذا التراجع العام، ارتفعت حالات الانتحار بين طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية إلى أعلى مستوى منذ جائحة كوفيد-19، ما دفع الحكومة إلى دق ناقوس الخطر بشأن الصحة النفسية للشباب.
تفاصيل صادمة بالأرقام
بحسب التقرير، شملت حالات الانتحار بين طلاب المدارس في عام 2024:
15 طالبا في المرحلة الابتدائية.
163 طالبا في المرحلة الإعدادية (وهو الرقم الأعلى المسجل لهذه الفئة منذ بدء الرصد).
351 طالبا في المرحلة الثانوية.
وأشار التقرير إلى أن المشكلات الدراسية كانت العامل الأكثر شيوعا وراء هذه الحالات، تليها المشكلات الصحية، ثم المشكلات الأسرية، فيما لفتت السلطات إلى أن العديد من الحالات كانت تتعلق بـ ضغوط الامتحانات والعزلة الاجتماعية والتنمر.
"الجرعات الزائدة".. وجه آخر للأزمة
ولفت التقرير الانتباه إلى ظاهرة جديدة مثيرة للقلق تتمثل في تزايد محاولات الانتحار عبر الجرعات الزائدة (Overdoses)، خصوصا باستخدام الأدوية التي تصرف دون وصفة طبية مثل مسكنات الألم وأدوية السعال.
وأوضح مسؤولون في وزارة الصحة اليابانية أن نسبة كبيرة من محاولات الانتحار بين الفئة العمرية تحت 20 عاما كانت نتيجة تعاطي جرعات زائدة من هذه الأدوية، سواء بدافع إنهاء الحياة أو البحث عن تأثير نفسي مهدئ.
تحرك حكومي عاجل وتشديد على بيع الأدوية
وردا على هذه الأرقام المقلقة، أعلنت الحكومة اليابانية عن تحرك عاجل لمراجعة قانون الأدوية والأجهزة الطبية، بهدف تشديد اللوائح الخاصة بشراء الأدوية لمن تقل أعمارهم عن 18 عاما.
كما يجري العمل على وضع قيود إضافية على بيع بعض المنتجات الصيدلانية عبر الإنترنت، في ظل تزايد عدد المراهقين الذين يحصلون على الأدوية بشكل غير مراقب.
وأشار التقرير إلى أن وزارتي التعليم والصحة ستكثفان التعاون مع المدارس لتعزيز خدمات الدعم النفسي والتوعية حول مخاطر الانتحار والاضطرابات النفسية، خاصة في صفوف طلاب الإعدادية والثانوية.
أزمة نفسية واجتماعية متجذرة
ويقول خبراء إن هذه الأرقام تعكس أزمة اجتماعية عميقة الجذور، تتمثل في الضغط الأكاديمي الشديد والعزلة الاجتماعية التي يعيشها الشباب الياباني، إلى جانب تراجع الحوار الأسري ونقص الدعم النفسي داخل المدارس.
ويرى محللون أن استمرار هذه الاتجاهات قد يؤدي إلى "انفجار اجتماعي صامت"، ما لم تتخذ إصلاحات جذرية تشمل نظام التعليم والدعم الأسري ومتابعة الصحة النفسية للطلاب بشكل دوري.

0 تعليق