يصادف اليوم، السبت، الذكرى السابعة لواحدة من أكثر الفواجع إيلاما في الذاكرة الأردنية الحديثة؛ فاجعة البحر الميت.
في مثل هذا اليوم، 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018، ابتلعت السيول العارمة في وادي زرقاء-ماعين أرواح 22 شخصا، بينهم 19 طفلا، كانوا في رحلة مدرسية تحولت في لحظات إلى مأساة وطنية.
بعد سبع سنوات، ورغم صدور أحكام قضائية نهائية بحق المسؤولين، لا يزال الجرح غائرا والألم حاضرا في قلوب الأردنيين.
تفاصيل المأساة: ظهيرة تحولت إلى فاجعة وطنية
بدأت رحلة طلاب إحدى المدارس الخاصة كأي يوم آخر، وسط أجواء بدت صافية في منطقة البحر الميت. لكن عند الساعة 01:45 ظهرا، انقلبت السماء فجأة، وهطلت أمطار غزيرة حولت وادي زرقاء-ماعين الهادئ إلى مصيدة موت. اندفعت سيول جارفة مدمرة، حاملة معها الصخور والطين، لتجرف حافلة المدرسة وكل من كان في طريقها.
تحولت المنطقة إلى مسرح لعمليات إنقاذ بطولية ومستميتة. هرعت فرق الدفاع المدني والجيش الأردني، وانطلقت طائرات الإخلاء من سلاح الجو الملكي في سباق مع الزمن. لكن حجم الكارثة كان أكبر من سرعة الاستجابة.
وفي مستشفى الشونة الجنوبية، تكدست مشاعر الخوف والترقب والأمل، حيث كان الأهالي يبحثون بين الناجين والمصابين عن بصيص أمل للعثور على أبنائهم.
ما بعد الكارثة: استقالات ومساءلة قضائية حاسمة
خلفت الفاجعة تبعات سياسية وقضائية واسعة. وفي ظل الغضب الشعبي والأسئلة الملحة حول المسؤولية والتقصير، قدم وزيرا التربية والتعليم، والسياحة والآثار آنذاك استقالتيهما. لكن المساءلة لم تتوقف عند هذا الحد، بل انتقلت إلى ساحات القضاء لتحديد المسؤوليات الجنائية بشكل دقيق.
بعد مداولات طويلة، أصدر القضاء الأردني "محكمة الاستئناف" كلمته النهائية في القضية يوم 24 كانون الاول/ ديسمبر 2020.
وأصدرت محكمة استئناف عمان قرارها القطعي غير القابل للطعن بقضية فاجعة البحر الميت، وذلك خلال جلسة عقدت، للنظر في القضية التي شغلت الأردنيين لأكثر من عامين.
وأيدت "استئناف عمان" قرار محكمة الصلح بإعلان براءة مالك المدرسة من التقصير، وإدانة المدرسة كشخص معنوي دون ممثليها، بالإضافة إلى إدانة أحد الشركاء من الشركات السياحية، وحكمت عليه بالحبس 3 سنوات.
وفسخت محكمة الاستئناف قرار محكمة الصلح، بإدانة شريك بشركة سياحية أخرى وقامت بتبرئته، كما صادقت المحكمة على قرار إدانة مدير المدرسة وقررت حبسه 3 سنوات.
وأيدت المحكمة قرار محكمة الصلح بعدم مسؤولية 3 موظفين في وزارة التربية والتعليم، وإدانة الشركتين السياحيتين بدون ممثليهما.
دروس وعبر: هل تعلم الأردن من الفاجعة؟
فتحت الفاجعة ملف السلامة العامة وإدارة الكوارث الطبيعية في الأردن على مصراعيه. وأوصت لجان التحقيق التي شكلت آنذاك بضرورة تعزيز آليات التنسيق بين الجهات الحكومية، وتفعيل أنظمة الإنذار المبكر، ووضع كودات بناء جديدة وأكثر صرامة لحماية المناطق المعرضة لخطر السيول، خاصة في منطقة البحر الميت والأودية المحيطة بها.
واليوم، ورغم مرور سبع سنوات، لا تزال ذكرى الأطفال والضحايا شاهدا مؤلما على أهمية تطبيق هذه الدروس، وضرورة عدم التهاون مطلقا في إجراءات السلامة لحماية الأرواح من مخاطر الكوارث الطبيعية التي تتزايد حدتها مع التغيرات المناخية.

0 تعليق