مراسلو الجزيرة نت
Published On 26/10/202526/10/2025
|آخر تحديث: 08:37 (توقيت مكة)آخر تحديث: 08:37 (توقيت مكة)
عمّان- بعد 31 عاما على توقيع معاهدة "وادي عربة" للسلام بين الأردن وإسرائيل في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994، تعود الاتفاقية إلى دائرة النقاش السياسي في عمّان، وسط تحولات إقليمية عميقة وتنامي السياسات الإسرائيلية التوسعية.
فخطط اليمين الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لا تبدو مجرد نزوة سياسية عابرة -بحسب مراقبين- بل مشروعا إستراتيجيا يهدد أمن المملكة ويفتح الباب أمام تغييرات جذرية في شكل المنطقة، مما يجعل من ذكرى "وادي عربة" مناسبة مثقلة بالحسابات الأردنية الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما أعادت الخطوات الإسرائيلية الأحادية تجاه الضفة الغربية طرح تساؤلات جوهرية حول جدوى معاهدة وادي عربة، وموقعها في منظومة الأمن الوطني الأردني، لتتحول ذكرى التوقيع إلى محطة للمراجعة والتقدير السياسي البارد لمعادلة سلام باتت أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
ويمثل غور الأردن -وهو الامتداد الغربي الطبيعي للمملكة- عمقا إستراتيجيا وحاجزا أمنيا حساسا يفصلها عن الضفة الغربية، وأي خطوة إسرائيلية لفرض السيادة عليه تعني -وفقا للمحللين- تحويل الحدود الشرقية لفلسطين المحتلة إلى حدود دائمة لدولة الاحتلال، وهو ما تعتبره عمّان مسّا مباشرا بأمنها القومي وخرقا صريحا لبنود المعاهدة وروحها.
" frameborder="0">
خطر وجودي
بدوره، اعتبر نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق ممدوح العبادي ضمّ الضفة الغربية بـ"خطر وجودي"، و"زلزال سياسي"، يهدد الدولة الأردنية والقضية الفلسطينية معا، مطالبا في حديثه للجزيرة نت الأردن الرسمي بردّ حاسم يتجاوز حدود البيانات الدبلوماسية.
وقال إن "قضية الضفة الغربية مصيرية بالنسبة للأردن، وأي ضم إسرائيلي سيكون أسوأ من نكبة عام 1948، ونكسة 1967 مجتمعتين"، مشيرا إلى أن "الاتفاقية لم يُلغها الأردن، بل ألغتها إسرائيل منذ 20 عاما، حين تنكرت لالتزاماتها ولم تُعرها أي احترام، سواء من نتنياهو أو المعارضة الإسرائيلية التي ترى الضفة جزءا من أرض إسرائيل".
إعلان
ويؤكد الوزير الأردني أن الوقت قد حان "لإعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل بشكل جذري، وقطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المعابر إن لزم الأمر"، مبينا أن اتفاقية السلام تحولت إلى ورقة ممزقة من طرف الاحتلال، ويجب أن "نمزقها نحن أكثر إذا استمرّ هذا النهج الإسرائيلي المرفوض".
الصوت الرسمي
من جانبه، قال مصدر حكومي أردني مطلع إن عمّان "ترفض أي خطوة إسرائيلية أحادية لضمّ الضفة الغربية أو فرض السيادة عليها"، معتبرا في حديثه للجزيرة نت أن "الخطوة الإسرائيلية خرق للقانون الدولي وتقويض لحل الدولتين ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره".
وأضاف المصدر أن "الأردن ملتزم بالدفاع عن مصالحه الوطنية وعن الحقوق الفلسطينية في كافة المحافل الدولية".
وفي قراءة قانونية، يرى الخبير في القانون الدولي أنيس قاسم أن الضم الإسرائيلي للضفة الغربية والأغوار، خاصة في ظل تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، يشكل خرقا مباشرا وصارخا لبنود اتفاقية وادي عربة، لا سيما البند الذي يمنع تحريك السكان القسري ضمن نفوذ أي من الطرفين.
حرب #غزة.. كيف تمر ذكرى اتفاقية "وادي عربة" على الأردن؟
التفاصيل:https://t.co/s6zvzkbtQJ pic.twitter.com/bVzxFLtyms
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) October 26, 2023
ويعتبر قاسم في حديثه للجزيرة نت أن أي تهجير قسري للفلسطينيين نحو الأردن يعد "إعلان حرب" يستوجب الرد الحاسم من الأردن وفقا للقانون الدولي.
وحذر من أن الخطر لا يقتصر على القانون، بل يمتد إلى "احتمال إعادة تشكيل الواقع الديمغرافي عبر ترحيل السكان الفلسطينيين جزئيا أو كليا نحو الأردن، وهو سيناريو يحتاج إلى يقظة سياسية وأمنية قصوى".
استهداف للأردن
ويدرك مطبخ القرار في عمّان أن أي مواجهة مفتوحة مع إسرائيل قد تفتح جبهات سياسية واقتصادية حساسة، لكنها في الوقت ذاته لا تملك رفاهية الصمت، لذلك، يطرح محللون مجموعة من الخيارات العملية، من أبرزها:
تكثيف التحرك الدبلوماسي في مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية لتجريم أي خطوة ضمّ غير شرعية. إعداد خطة وطنية للطوارئ لمواجهة التداعيات المحتملة، بما في ذلك أي موجات نزوح جديدة أو تغيرات على الحدود. تنسيق المواقف مع الدول العربية لممارسة ضغط إقليمي موحد على تل أبيب. مراجعة أشكال التعاون مع إسرائيل بما يضمن عدم استفادتها من المعاهدة في الوقت الذي تنتهك فيه جوهرها السياسي.بدوره يرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن الأردن سيكون "المتضرر الأكبر من أي ضمّ إسرائيلي"، موضحا في حديثه للجزيرة نت أن "الضفة الغربية تشكل الجسر التاريخي والجغرافي مع المملكة، وأي تغير في وضعها القانوني أو الديمغرافي سيؤثر مباشرة على الأمن الأردني وعلى الحدود والوصاية الهاشمية على المقدسات".
ويضيف الرنتاوي أن "فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة يعني عمليا إسقاط حل الدولتين، وجرّ الأردن إلى مواجهة تبعات ديمغرافية وأمنية خطيرة"، مؤكدا أن "ما يجري في إسرائيل يعكس انجرافا مجتمعيا نحو إعلان يهودية الدولة، وإنكار حق الفلسطينيين في قيام دولتهم بين النهر والبحر".
إعلان
ويرى مراقبون أن الأردن بات مطالبا اليوم بإعادة تقييم علاقته بإسرائيل وفق ميزان المصلحة الوطنية، دون التفريط في التزاماته الدولية، لكن مع إدراك أن الواقع الجديد في الضفة الغربية قد يبدل المعادلات التي تأسست عليها المعاهدة.

0 تعليق