تستعد وزارة الأشغال العامة والإسكان الأردنية لتفعيل أول نموذج تطبيقي لمفهوم "الطرق البديلة مدفوعة الرسوم" (Toll Roads) في المملكة، وذلك اعتبارا من يوم السبت المقبل على طريق الحرانة - العميري الاستراتيجي شرق البلاد.
وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الحكومة لتحديث البنية التحتية وتحسين جودة الطرق، مع توفير مصادر تمويل إضافية لصيانتها.
وتعتمد الفكرة على مبدأ "من يستعمل الطريق يدفع كلفة صيانته"، وهو نموذج يطبق في العديد من الدول حول العالم، ويهدف إلى تقليل الاعتماد على الموازنة العامة لسد فجوة التمويل الضخمة التي تواجه قطاع الطرق في الأردن، والتي تقدر بحوالي 750 مليون دينار سنويا، ما يعادل خمسة أضعاف الموازنة السنوية لوزارة الأشغال.
اختيار الطريق التجريبي وأسباب التطبيق
وفي حديث لبرنامج "أخبار السابعة" عبر قناة "رؤيا"، أوضح مستشار العمارة والتصميم الحضري الدكتور مراد الكلالدة أن اختيار طريق الحرانة - العميري جاء كـ "نموذج تجريبي" لاختبار آليات عمل الطرق المدفوعة في الأردن.
ويبلغ طول المقطع المزمع تطبيق التجربة عليه حوالي 87 كم من الطريق الإجمالي الممتد 145 كم وصولا إلى الحدود السعودية، بدءا من كيلومتر شرق قصر الحرانة التاريخي.
وأشار الكلالدة إلى أن اختيار هذا الطريق يعود لكونه "محدود الاستخدام نسبيا"، وبعيدا عن المناطق الصناعية أو المشاريع السكنية الكبرى، ما يجعله مثاليا لدراسة التجربة قبل تطبيقها على طرق أكثر ازدحاما، مثل طريق إربد الدائري والعاصمة عمان الدائري عند اكتماله، والطريق المقترح فوق شارع المدينة الطبية.
البنية التحتية والجاهزية
وأكد الكلالدة أن الطريق الحالي لا يتوافق بالكامل مع المعايير الدولية للطرق المدفوعة، مثل تلك الموجودة في دليل AASHTO الأمريكي، الذي يشترط مسربين مفصولين لكل اتجاه بجزيرة فاصلة، لكنه أشار إلى أن الهدف هو اختبار التجربة واستخلاص الدروس قبل تنفيذ مشاريع مستقبلية على طرق جاهزة أكثر.
آلية الدفع والتعرفة
سيتم تقسيم الرسوم حسب نوع المركبة، حيث تبلغ تكلفة المركبات الصغيرة حوالي 11 فلسا للكيلومتر، أي نحو دينار واحد للمقطع البالغ 87 كم، بينما تبلغ رسوم الشاحنات الكبيرة (4 محاور فأكثر) حوالي 22 فلسا للكيلومتر، أي نحو دينارين للمقطع.
وسيتم الدفع عبر بوابات متعددة الخيارات: نقدا، بالبطاقات الائتمانية، أو عبر بطاقات مسبقة الدفع تحتوي على رمز QR يقرأ آليا، وهو نظام يجري العمل على تطويره حاليا.
وأكد الكلالدة أن المبالغ المحصلة ستودع في صندوق خاص لصيانة الطرق، مع بقاء الطريق البديل المجاني متاحا للمستخدمين الراغبين في عدم دفع الرسوم.
التجربة ورؤية التحديث الاقتصادي
وأشار الكلالدة إلى أن فكرة الطرق المدفوعة مدرجة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة، وأن جلالة الملك عبدالله الثاني شدد على أهمية ملف النقل كأحد التحديات الرئيسية في خطاب العرش الأخير.
وأضاف أن تجربة الحرانة - العميري ستكسب الوزارة خبرة قيمة، تسهم في تحسين شروط التفاوض مع مستثمري القطاع الخاص عند إنشاء طرق مدفوعة مستقبلية، مع إمكانية تطبيق النموذج لاحقا على الطريق الدائري الغربي في عمان بعد اكتماله.
وأكد الكلالدة أن التجربة، رغم كونها محدودة وبنية الطريق الحالية غير مثالية، ستوضح الإيجابيات والتحديات عمليا عند بدء التطبيق، مما سيمكن من تعديل الشروط والمواصفات والاستفادة منها في المشاريع القادمة، مع تحسين جودة الخدمة المقدمة للمستخدمين، مثل الإضاءة، الكاميرات، الحواجز الأمنية، وربما الخدمات الصحية مستقبلا.
في المجمل، يمثل إطلاق الطريق البديل المدفوع خطوة رائدة في الأردن لتحديث طرق النقل، وتأمين مصادر تمويل مستدامة لصيانة البنية التحتية، مع تقديم خيارات مرورية أسرع وأكثر كفاءة، ومتابعة تجربة قابلة للتطوير مستقبلا على مستوى المملكة.

0 تعليق