حل الأردن في المرتبة الثالثة عربيا والتاسعة والعشرين عالميا في مؤشر انتشار الذكاء الاصطناعي، بنسبة استخدام بلغت 25.4% بين السكان في سن العمل، وفقا لتقرير "انتشار الذكاء الاصطناعي" الصادر حديثا عن معهد اقتصاد الذكاء الاصطناعي لدى شركة مايكروسوفت.
ويقيس المؤشر نسبة المستخدمين الفعليين لأدوات الذكاء الاصطناعي من إجمالي السكان القادرين على العمل، بالاعتماد على بيانات استخدام منصات مايكروسوفت في 147 اقتصادا حول العالم.
ويعكس موقع الأردن المتقدم، مقارنة بدول ذات دخل مشابه، حضورا رقميا متناميا وتوجها جادا نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في سوق العمل.
كما يظهر التقرير أن الأردن يتجاوز بشكل ملحوظ المتوسط العالمي الذي يبلغ نحو 15%، مما يؤكد قدرته على مواكبة التحول التكنولوجي العالمي المتسارع.
الإمارات تقود العالم والأردن يتفوق إقليميا
على المستوى العربي، أظهر التقرير تباينا كبيرا في معدلات التبني، لكنه أبرز تقدما واضحا لدول الخليج. وسجلت الإمارات العربية المتحدة نسبة استخدام بلغت 59.4%، لتتصدر قائمة الدول عالميا، في إنجاز لافت يعكس استثماراتها الضخمة في هذا القطاع.
وجاءت قطر في المرتبة الثانية عربيا بنسبة 35.7%، لتحل ضمن أعلى عشر دول عالميا. وحل الأردن بعدهما مباشرة في المرتبة الثالثة بنسبة 25.4%.
وتفوق الأردن على دول عربية عديدة شملت لبنان الذي سجل نسبة 24.8%، والسعودية بنسبة 23.7%، وسلطنة عمان بنسبة 22.6%.
وتلتها دول المنطقة بنسب متفاوتة، تضمنت الكويت بنسبة 17.7%، وليبيا بنسبة 12.7%، ومصر بنسبة 12.5%، وتونس بنسبة 12.3%، والجزائر بنسبة 11.3%، والمغرب بنسبة 10.6%، والعراق بنسبة 10.3%، وأخيرا سوريا بنسبة 6.7%.
وتظهر النتائج أن الإمارات لا تقود المشهد العربي فحسب، بل العالمي، متقدمة على دول تعرف بريادتها التكنولوجية مثل سنغافورة، والنرويج، وإيرلندا، وإسبانيا، وفرنسا، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة.
الذكاء الاصطناعي: أسرع موجة تكنولوجية في التاريخ
أكد التقرير أن الذكاء الاصطناعي يمثل أسرع التقنيات انتشارا في التاريخ البشري، متفوقا على الإنترنت، والهواتف الذكية، والحاسوب الشخصي. ففي أقل من ثلاث سنوات، استخدم أكثر من 1.2 مليار شخص أدوات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يؤكد التحول العالمي غير المسبوق في أنماط العمل والتعلم والإنتاج.
ومع ذلك، حذر التقرير من أن هذا الانتشار لا يزال "غير متساو" حول العالم.
إذ ينتشر الذكاء الاصطناعي في الاقتصادات المتقدمة (دول الشمال) بمعدل يقارب ضعف انتشاره في الدول النامية (دول الجنوب)، مما يهدد بتوسيع الفجوة الرقمية القائمة.
ويشير التقرير إلى أن نصف سكان العالم تقريبا ما زالوا يفتقرون إلى الأساسيات اللازمة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بما يشمل الاتصال الرقمي الموثوق والبنية التحتية التقنية اللازمة.
الجاهزية الرقمية وتحدي اللغة
أوضح التقرير أن معدلات التبني تتأثر بشكل مباشر بقدرة السكان على الوصول إلى الإنترنت وتحمل تكلفة الأدوات التقنية.
ويبرز المؤشر العلاقة المباشرة بين الجاهزية الرقمية للدولة والبنية التحتية التقنية ومستوى انتشار استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
كما برزت "اللغة" كعامل مهم؛ فالدول التي تعتمد لغات عالمية (ذات بيانات وفيرة على الإنترنت) تحقق مستويات أعلى من التبني مقارنة بالدول ذات اللغات الأقل انتشارا (ذات الموارد اللغوية الرقمية المحدودة).
ويؤكد التقرير أن معالجة هذه الفجوة تتطلب استثمارات واسعة وموجهة في البنية الرقمية، وتوسيع إتاحة الإنترنت، وتطوير المهارات الرقمية من خلال التعليم والتدريب.
قوى الانتشار الثلاث
أشار التقرير إلى أن بيانات المؤشر تعتمد على نظام "التليمترية" (Telemetry) لدى مايكروسوفت، مما يعني أنها تعكس الاستخدام الفعلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يرتبط بشكل وثيق بالأداء الاقتصادي للدول.
ويوضح التقرير أن تبني الذكاء الاصطناعي لا يعتمد فقط على الابتكار (تطوير النماذج)، بل أيضا على البنية التحتية الرقمية والمستخدمين القادرين على الاستفادة من التكنولوجيا في الواقع العملي.
وتبرز ثلاث قوى حاكمة لهذا الانتشار:
المبتكرون: الذين يطورون النماذج المتقدمة.
بناة البنية التحتية: المؤسسات التي تبني البنية التقنية وتشغلها (مثل مراكز البيانات والشبكات).
المستخدمون: الذين يطبقون الذكاء الاصطناعي فعليا في الاقتصاد والمجتمع.
وشدد التقرير على أن التحول التكنولوجي يتسارع تاريخيا عندما تتكامل هذه العناصر الثلاثة معا، كما حدث في عصر انتشار الكهرباء.
وخلص إلى أن وجود سياسات متقدمة، وشبكات إنترنت قوية، وقدرات حوسبة عالية، هو أساس لنجاح الدول في هذا المجال، مؤكدا أن القيمة الحقيقية للذكاء الاصطناعي لا تقاس بعدد النماذج المطورة فقط، بل بمدى استفادة المجتمعات والاقتصادات منها.

 
            
0 تعليق