Published On 4/11/20254/11/2025
|آخر تحديث: 18:52 (توقيت مكة)آخر تحديث: 18:52 (توقيت مكة)
إسطنبول – أعلن وزير التجارة التركي عمر بولات الأسبوع الماضي إطلاق مشروع إحياء "طريق الشرق الأوسط" التاريخي، وهو مسار بري يربط تركيا برا مع الأردن ودول الخليج عبر الأراضي السورية.
وأكد بولات عقب اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة الأردنية التركية في عمان أن هذا الممر البري سيعمل بكامل طاقته بحلول عام 2026، بعد استكمال معالجة بعض النواقص الفنية داخل سوريا.
ووفق التصريحات الرسمية التركية، يهدف المشروع إلى تسهيل مرور الشاحنات التركية مباشرة إلى الأردن والخليج، مما يقلص زمن وتكلفة النقل، ويعزز الترابط التجاري بين تركيا والخليج بشكل غير مسبوق منذ أكثر من 10 سنوات.
تفاؤل تركي
كشف وزير التجارة التركي عمر بولات عن تفاصيل مشروع "طريق الشرق الأوسط"، مؤكدا أن الممر البري الذي سيمكن الشاحنات التركية من الوصول المباشر إلى الأردن ودول الخليج عبر الأراضي السورية سيُفعّل بالكامل بحلول عام 2026، فور إزالة العقبات المتبقية، وعلى رأسها مشكلات التأشيرات وإعادة تأهيل البنية التحتية داخل سوريا.
وأوضح بولات أن حركة الشاحنات التركية بدأت بالفعل عبر هذا المسار بشكل محدود، مشيرا إلى أن المرحلة التجريبية للممر تشهد عبورا فعليا نحو الأردن والخليج رغم وجود بعض التحديات الفنية المرتبطة بالإجراءات الجمركية وتراخيص العبور والتأشيرات، والتي تعمل الجهات المعنية في أنقرة ودمشق على معالجتها تدريجيا.
وأعرب عن تفاؤله بإتمام التشغيل في موعده قائلا "إن شاء الله سيتم تشغيل هذا الممر بكامل طاقته العام المقبل".
وشدد الوزير التركي على أن أهمية هذا الطريق تتجاوز الجوانب اللوجستية، بوصفه ممرا محوريا ذا عمق إستراتيجي يمتد من أوروبا عبر الأراضي التركية نزولا إلى سوريا والأردن والسعودية ودول الخليج وصولا إلى مصر. واعتبر أن تفعيل هذا الخط، كما كان عليه الوضع قبل عام 2010، من شأنه أن ينعش المناطق التي يمر بها اقتصاديا، ويعيد الحيوية لحركة التجارة الإقليمية.
إعلان
وأشار بولات إلى أن الاتفاق الذي جرى توقيعه مع الجانب السوري لإعادة تفعيل الممر لقي ترحيبا واسعا من الأردن، الذي يرى فيه فرصة لتوسيع حركة التبادل التجاري وتعزيز التكامل الاقتصادي مع تركيا والخليج. وأضاف أن الطريق، الذي شكل قبل الحرب أحد أعمدة الربط البري بين الشمال والجنوب، سيعود ليؤدي دورا حاسما في تقصير زمن التوصيل وخفض تكاليف النقل، وهو ما سينعكس إيجابا على حياة الشعوب على امتداده.
تنفيذ تدريجي
ويمضي مشروع "طريق الشرق الأوسط" قدما عبر خطة تنفيذية تدريجية بدأت هذا العام، وسط تنسيق متواصل بين أنقرة ودمشق يُعد الأول من نوعه منذ أكثر من عقد. وقد تُوج هذا المسار بتوقيع اتفاق رسمي بين وزيري النقل في البلدين في إسطنبول يوم 28 يونيو/حزيران الماضي، ما أتاح إعادة فتح الممر البري أمام الشاحنات التركية عبر الأراضي السورية بعد انقطاع دام 12 عاما بسبب الأزمة السورية.
وحاليا، تسير شاحنات تركية بشكل محدود عبر الأراضي السورية باتجاه الأردن ضمن مرحلة تشغيل تجريبية، في انتظار استكمال أعمال التحديث داخل سوريا. وتشمل هذه الأعمال إعادة تأهيل الطرق والجسور المتضررة، وتطوير نقاط التفتيش والمعابر الحدودية، وتبسيط الإجراءات الجمركية ونظم إصدار التأشيرات. وتتولى فرق فنية من الجانبين التركي والسوري متابعة هذه المهام يوميا لضمان توفير بيئة آمنة وفعالة لحركة البضائع.
وتستند الخطة التركية إلى جدول زمني يمتد حتى عام 2026، الموعد المستهدف لتشغيل الطريق بكامل طاقته. وتنقسم مراحل التنفيذ إلى 3 محطات أساسية:
الأولى هي التشغيل التجريبي القائم حاليا، الذي يسمح بمرور الشاحنات بترتيبات مؤقتة وتحت رقابة مشددة. المرحلة الثانية ستشهد رفع القيود المتبقية، بما يشمل إصلاح البنية التحتية السورية لاستيعاب تدفق الشاحنات، وتسهيل إصدار تأشيرات العبور، إلى جانب تحديث الإجراءات الجمركية بما يتماشى مع المعايير الدولية. أما المرحلة الأخيرة، فستتوج بافتتاح رسمي للممر بحلول عام 2026، إيذانا بإطلاق حركة نقل تجاري سلسة تمتد من المعابر والموانئ التركية مرورا بسوريا وصولا إلى الأسواق الأردنية والخليجية.وتقدّر الجهات المختصة في أنقرة أن الطريق بعد اكتماله سيكون قادرا على استيعاب مئات الشاحنات يوميا، مما يخفف الضغط عن مسارات الشحن البحري والجوي، ويمنح المصدرين الأتراك بديلا أسرع وأقل كلفة للربط مع عمقهم العربي.
فرصة وتحد
ويرى المحلل الاقتصادي عمر أكوتش أن ممر "طريق الشرق الأوسط" سيحدث نقلة جوهرية في الصادرات التركية نحو الخليج والدول العربية، من خلال خفض كلفة الشحن وتسريع زمن النقل وتعزيز تنافسية المنتجات التركية.
وأوضح للجزيرة نت أن الطريق الجديد سيمكن الشاحنات التركية من الوصول إلى الأسواق الخليجية خلال أقل من أسبوع بدلا من نحو شهر عبر البحر، وبكلفة أقل بنحو 40%، مما يمنح السلع التركية، خصوصا الغذائية والاستهلاكية، أفضلية مباشرة في المنافسة الإقليمية.
إعلان
وأضاف أكوتش أن المشروع سيتيح لتركيا تنويع مسارات التصدير وتقليل اعتمادها على الطرق البحرية المعرضة للأزمات، كما يعزز موقعها كمركز عبور رئيسي يربط أوروبا بالخليج وآسيا. واعتبر أن الطريق يشكل خطوة إستراتيجية لترسيخ دور أنقرة كمحور لوجستي وتجاري إقليمي ورافعة لتوسيع تجارتها مع الدول العربية.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي محمد أبو عليان إن المشروع يحمل أبعادا مزدوجة، إذ يمثل في الوقت نفسه فرصة إستراتيجية وتحديا مباشرا للموانئ العربية التي تعتمد على النقل البحري كركيزة أساسية للتجارة الإقليمية.
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الممر الجديد قد يسهم في إعادة توزيع أدوار الموانئ العربية بدل تقويضها، عبر خلق شبكة تكامل تربط بين الموانئ الخليجية والممرات البرية المتجهة إلى أوروبا عبر تركيا، وهو ما يعزز من حركة إعادة التصدير والخدمات اللوجستية في المنطقة.
وأضاف أبو عليان أن المشروع يشكل تحديا تنافسيا للموانئ الكبرى مثل جدة والشارقة وصُحار والعقبة، نظرا لقدرته على تقليص مدة نقل البضائع من تركيا إلى الخليج مع خفض ملحوظ في تكاليف الشحن مقارنة بالمسارات البحرية التقليدية. لكنه شدد على أن الموانئ التي تنجح في تطوير خدمات النقل المتعدد الوسائط والربط البري ستتحول إلى مراكز لوجستية متخصصة قادرة على التكيف مع الخريطة التجارية الجديدة التي يعيد هذا الممر رسمها في الشرق الأوسط.

0 تعليق