في قصة تشبه المعجزات وتختزل في طياتها حجم المأساة الإنسانية في قطاع غزة، عاشت الطفلة الفلسطينية رغد العصار تجربة تفوق الخيال، حين نجت من الموت بأعجوبة، وخرجت من ثلاجة الموتى بعد ثماني ساعات من التواجد فيها.
وعلى الرغم من نجاتها جسديا وتشافيها الجزئي، لا تزال رغد تعيش تحت وطأة صدمة نفسية عميقة، تلاحقها الكوابيس والمشاهد القاسية التي عايشتها، في واقع يمثل معاناة آلاف الأطفال الناجين من الحرب.
القصف.. و"الاعتقاد بالوفاة"
تعود فواصل القصة إلى ما قبل أكثر من عام، وتحديدا منتصف العام الماضي. تعرض منزل عائلة العصار لقصف خلال عملية خاصة للجيش غرب مخيم النصيرات.
كانت النتيجة كارثية؛ ارتقت شقيقات رغد، وأصيب كل أفراد أسرتها الباقين بجروح. أما رغد، فقد كانت إصابتها بالغة، حيث تعرضت لجروح خطيرة في الرأس والأرجل، بالإضافة إلى حروق.
ونتيجة لغيابها التام عن الوعي وكثافة الدماء التي كانت تغطيها، اعتقد الجميع في ذلك الوقت أنها قد ارتقت (توفيت).
ثماني ساعات في ثلاجة الموتى
في خضم الفوضى وكثرة الإصابات والضحايا، تم نقل جثمان رغد، على أنها من الشهداء، إلى ثلاجة الموتى. مكثت الطفلة داخل الثلاجة لمدة ثماني ساعات كاملة، بانتظار إجراءات التشييع والدفن.
خلال هذه الساعات، كان والدها وأقاربها يبحثون عنها بين الأنقاض وفي مكان القصف، دون أن يعلموا أنها بين الجثامين.
جاءت لحظة الانكشاف بالصدفة، حين وصل أحد جيران العائلة إلى المستشفى باحثا عن جثة ابنه في الثلاجات. وبينما هو يتفحص الجثامين، لاحظ أن رغد تحرك أصابعها.
على الفور، تم تنبيه الجميع، ونقلت الطفلة بسرعة من ثلاجة الموتى إلى قسم الاستقبال والطوارئ. بدأ علاج مكثف استمر لمدة شهرين، تمكنت بعده رغد من التشافي جزئيا، والعودة إلى كنف من نجا من أسرتها في مكان جديد بعيد عن بيتهم المدمر.
ما بعد النجاة: صدمة لا تغادر الخيال
على الرغم من أن الأوجاع الجسدية لرغد قد انتهت جزئيا، إلا أن آثار ما حدث لا تزال تطاردها.
تعيش الطفلة منذ عام تحت وطأة ظروف نفسية صعبة للغاية. تلاحقها الكوابيس في المنام، وتعود إليها المشاهد القاسية في يقظتها، أثناء مشيها وجلوسها. هي مشاهد "لا تغيب عن ناظرها وخيالها"، بسبب ما عايشته من رؤية الدماء والأهوال الصعبة.
ويشير التقرير إلى أن والديها يجتهدان لمساعدتها على تجاوز المحنة، "لكن الصدمة النفسية ما زالت تلاحقها في كل مكان".

0 تعليق