في ظل تنامي حوادث التعرض لغاز الأمونيا نتيجة الاستخدام الخاطئ، خاصة في المنشآت الصناعية والمخازن، وجه الدكتور محمد حسن الطراونة، استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية، تحذيرا بالغا من خطورة استنشاق هذا الغاز، واصفا تأثيره على الجهاز التنفسي بأنه "تدمير كيميائي فوري".
وأكد الدكتور الطراونة أن التعامل السريع والواعي مع الإصابة هو الفارق الحقيقي بين النجاة والوصول إلى مضاعفات خطيرة قد تهدد الحياة.
الأمونيا ليست مجرد مهيج.. بل مادة كاوية
أوضح الدكتور الطراونة الآلية العلمية لعمل غاز الأمونيا (NH₃)، مشددا على أن خطورته تتجاوز كونه غازا ساما بسيطا.
وقال الاستشاري: "الأمونيا مادة قلوية شديدة الكاوية. بمجرد استنشاقها، تذوب فورا في الرطوبة الطبيعية المتواجدة في الأغشية المخاطية للأنف، والحلق، والقصبات الهوائية. هذا التفاعل يولد حرارة عالية ومواد تآكلية، مما يؤدي إلى حروق كيميائية فورية وعميقة في مجرى الهواء".
وأشار إلى أن التعرض لتركيزات عالية من الغاز يتسبب في ضرر هائل يظهر على الفور في الأعراض التالية:
تهيج وحرقان فوري في العينين والأنف والحلق.
سعال عنيف ومتواصل مصحوب بضيق حاد في التنفس.
ألم حاد في الصدر نتيجة الحروق الداخلية في المجاري التنفسية.
كارثة "الوذمة الرئوية" والتهديد للحياة
لفت الاستشاري الطراونة الانتباه إلى أن المرحلة الأخطر قد لا تكون فورية، وهي ما يحدث بعد التعرض لتركيز عال أو لفترة طويلة نسبيا.
وأوضح قائلا: "الضرر الأكبر يكمن في إمكانية حدوث الوذمة الرئوية (الاستسقاء الرئوي)، حيث تتجمع السوائل بكثافة في الرئتين. هذا التجمع يمنع تبادل الأكسجين بشكل فعال".
وحذر من أن هذه الحالة قد تؤدي إلى "تدمير جزئي أو كلي للقصبات الهوائية والأسناخ"، الأمر الذي "يضع المصاب في خطر الفشل التنفسي ويهدد حياته على الفور".
إرشادات الإسعاف الأولي العاجل
قدم الدكتور الطراونة بروتوكولا محددا للإسعاف الأولي، شدد على ضرورة اتباعه فورا وقبل وصول الطواقم الطبية المتخصصة:
المغادرة الفورية: "يجب إبعاد المصاب فورا عن المنطقة الملوثة والتوجه به إلى هواء نقي وجيد التهوية". وأكد أن "كل ثانية تلامس فيها الأمونيا الأنسجة تحدث ضررا إضافيا".
الغسل بالماء الجاري: "يعد الغسل بماء جار نظيف لمدة لا تقل عن 15 دقيقة خطوة حاسمة"، سواء للعينين أو الجلد المتضرر. ونبه إلى ضرورة "عدم فرك العينين مطلقا"، مع "نزع الملابس الملوثة فورا".
الطلب الفوري للرعاية الطبية: شدد الطراونة على أنه "يجب نقل جميع المصابين، حتى أولئك الذين تبدو أعراضهم خفيفة، إلى المستشفى". وعلل ذلك بأن "الوذمة الرئوية قد تتأخر في الظهور لساعات"، ولهذا يجب وضعهم تحت المراقبة المكثفة للحصول على دعم الأكسجين وتقييم حالة الرئتين.
د. الطراونة حذر من أي محاولة لـ "محايدة" الغاز بمنتجات أخرى، أو إعطاء المصاب أي سوائل للشرب في حال كان يعاني من صعوبة في البلع. وأكد أن "العلاج هو الأكسجين، وإزالة التلوث، والرعاية التخصصية من فريق الأمراض الصدرية للحد من الأضرار طويلة الأمد".

0 تعليق