شهدت حلقة برنامج "نبض البلد" الذي يعرض على قناة "رؤيا" مناقشة محتدمة حول قضية زيادة رواتب الموظفين في الأردن، بين قاسم القباعي، نائب الأمين العام لحزب العمال، والخبير الاقتصادي مفلح عقل.
وأكد القباعي أن زيادة الرواتب مطروحة بإلحاح بعد فترة طويلة لم يطرأ فيها تغيير جوهري، مقدما دراسة تدعو لربط الموافقة على الموازنة العامة بهذه الزيادة. في المقابل، حذر عقل من أن هذه الزيادة قد تكلف الدولة مبالغ طائلة تتجاوز القدرة المالية الحالية، مما يهدد بتفاقم المديونية والعجز.
تآكل القوة الشرائية وضعف الأسواق:
أشار القباعي إلى أن رواتب الموظفين لم يتم تغييرها منذ عام 2010 سوى تعديل العلاوات في عام 2019، وهي فترة زمنية طويلة جدا. ولفت إلى أن معدل التضخم السنوي يتراوح بين 4% إلى 5%، مما أدى إلى تآكل الرواتب وتراجع قدرتها الشرائية إلى نصف ما كانت عليه مقارنة بما قبل 15 عاما.
وأكد أن ضعف الرواتب أدى إلى إضعاف الأسواق، مستشهدا بأن المواطن لا يستطيع حتى زيارة أقاربه لعدم امتلاكه ثمن الحلويات، ومطالبا بأن "الاقتصاد الأردني لن يتحسن إلا بزيادة رواتب الأردنيين".
خطة العمال ومقترحات الزيادة:
أكد القباعي أن دراسة قدمت لحزب العمال والأحزاب الأوسطية أثبتت أن زيادة الرواتب لن تجعل الحكومة تلجأ للاقتراض الخارجي ولن تزيد عجز الموازنة.
وتمثلت المطالب في زيادة 10 بالمئة من المرتب لما دون راتب 700 دينار، وأن تكون الزيادة 5 بالمئة للمرتبات الأعلى من 700 دينار. وأشار إلى وجود طرق لتخفيض الإنفاق العام، مقترحا تحويل 100 مليون دينار من مخصصات الطوارئ البالغة 200 مليون دينار إلى زيادة الرواتب.
وانتقد دفع الحكومة لأبناء العاملين في السلك الدبلوماسي مبلغ 6000 دينار في مدارس عالمية في حين يعاني بعض الطلبة من عدم امتلاكه ثمن الحلويات، مؤكدا أن العائلة الأردنية تنفق 80 بالمئة من دخلها في الأسواق المحلية، وأن زيادة الرواتب تنعكس إيجابا على الإنفاق والأسواق المحلية وترفع النمو الاقتصادي.
كما ذكر القباعي بسخرية أنه إن كانت رواتب الموظفين عبئا على الموازنة "اخصموا نصفها"، وانتقد وجود 5500 كاميرا لرصد المخالفات في عمان.
رد الخبير الاقتصادي: تحذير من الكواليف الباهظة والمديونية:
بدوره، وصف الخبير الاقتصادي مفلح عقل الطريقة التي طرحت بها قضية زيادة الرواتب وربطها بالموافقة على الموازنة بأنها "طريقة ضغط" وتحمل "صفة الاستعجال"، مؤكدا ضرورة مناقشتها. إلا أنه أوضح أن الموازنة التي طرحتها الحكومة معدة "بأفضل طريقة ممكنة" وفق المقومات المتاحة.
التكاليف الباهظة: حذر عقل من أن زيادة الـ5 بالمئة على الرواتب قد تكلف الدولة أكثر من 500 مليون دينار، وأن الـ10 بالمئة قد تتجاوز المليار دينار
الأزمة المالية: شدد عقل على أن الأردن وصل إلى "مراحل خانقة من الاقتراض الخارجي"، وأن الحكومة لن تلجأ للاقتراض لأن فوائد القروض دخلت حاجز 2 مليار دينار والمديونية العامة بلغت 47 مليارا، مما يهدد الثقة بالمالية الأردنية.
الأثر السلبي: أكد عقل أن الزيادة لا مجال لها ماديا، وأنها ستزيد من الميزانية والعجز التجاري وستؤثر على الاحتياطي الأردني، معتبرا أن سلبيات الزيادة أكثر من إيجابياتها وستزيد من المديونية لا محالة.
كما حذر من أنها قد تؤثر سلبا على خدمات الدولة الأساسية مثل الصحة والتعليم. وخلص عقل إلى أن "عدم زيادة الرواتب يعني الاستقرار المالي في الأردن"، مؤكدا أن الإنفاق الرأسمالي هو الأساس في النمو الاقتصادي، وأن الحكومة تزيد الرواتب كل سنة رغم قلتها إلا أنها وفق الإمكانيات المطروحة.

0 تعليق