في وقت تتسع فيه رقعة الاشتباكات في ولايات كردفان، وعقب إعلان "التعبئة العامة" في البلاد، أرسل قائد الجيش السوداني في مدينة بابنوسة المحاصرة بولاية غرب كردفان، رسالة متشددة، متعهدا "بعدم الاستسلام لقوات الدعم السريع" ومؤكدا أن الجيش "سيقاتل حتى النصر".
جاء ذلك في بيان صادر، عن اللواء الركن معاوية حمد عبدالله، قائد الفرقة 22 مشاة في بابنوسة. وقال عبدالله في البيان: "نطمئن الشعب السوداني بأن بابنوسة بخير، وأن فرقتنا ثابتة وستظل صامدة وعصية على الأعداء".
وأضاف بلهجة حاسمة: "ليعلم الجميع أن فرقتنا (22 مشاة)، لن تفاوض أو تستسلم أو تنسحب، بل ستقاتل حتى النصر". وتابع: "لن نخذل السودان ولا الشعب السوداني"، مشددا على أن "كل من يحاول الاقتراب من بابنوسة سيكون مصيره الموت".
حصار مستمر وتعبئة شاملة
تأتي هذه التصريحات النارية في ظل وضع ميداني معقد؛ فمدينة بابنوسة تقع تحت حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ يناير/كانون الثاني 2024. وخلال الأيام الماضية، تصدى الجيش السوداني لعدد من الهجمات الواسعة على المدينة، مستخدما القصف المدفعي والطائرات المسيرة والمركبات القتالية. كما يعمد الجيش في الآونة الأخيرة إلى إسقاط إمدادات جوية لدعم قواته المحاصرة بالداخل.
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت في الثامن من نوفمبر الجاري استعدادها لمواجهة الجيش بهدف السيطرة على المدينة.
ويتزامن هذا التصعيد المحلي مع تحركات وطنية أكبر. فقد أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، يوم أمس الجمعة، "التعبئة العامة" في القوات المسلحة، داعيا جميع السودانيين القادرين على حمل السلاح إلى التقدم والمشاركة في القتال الدائر ضد قوات الدعم السريع.
تحذيرات أممية وكارثة إنسانية
يجري هذا الحشد العسكري في وقت تتجه فيه الأنظار الدولية نحو "الفظائع" المرتكبة. فقد اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس أيضا، قرارا بالإجماع يقضي بتشكيل بعثة للتحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور المجاورة، والتي سيطرت عليها "الدعم السريع" مؤخرا.
وأمر المجلس المحققين بـ "السعي لتحديد هويات جميع المتورطين" في تلك الانتهاكات، بهدف المساعدة في "جلبهم أمام العدالة".
وعلى الصعيد الإنساني، دقت المنظمات الدولية ناقوس الخطر. وحذرت الأمينة العامة للمجلس الدانمركي للاجئين، شارلوت سلينتي، من أن "نصف عدد سكان السودان" (أي أكثر من 30 مليون شخص) قد باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية بعد أكثر من عامين من الحرب.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الحرب المندلعة منذ أبريل 2023، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح 12 مليون شخص داخليا وخارجيا، واضعة البلاد في قلب "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

0 تعليق