Published On 19/11/202519/11/2025
|آخر تحديث: 19:44 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:44 (توقيت مكة)
في كل عام، وتحديدا في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، يعود اليوم العالمي للرجل ليذكّرنا بأن الصورة النمطية عن "الرجل القوي الذي لا يتأثر" ما تزال حاضرة بقوة في حياتنا اليومية.
بين توقعات المجتمع، وأدوار الأسرة، وضغوط تحمّل المسؤوليات، يصبح من الصعب على كثير من الرجال أن ينطقوا بجملة بسيطة كـ"أنا لست بخير".
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listومع ذلك، فإن القوة الحقيقية لا تتمثل في إخفاء الألم أو تجاهل المشاعر، بل في القدرة على ملاحظتها، والتعبير عنها، والتعامل معها بشكل صحي. لكن بالنسبة لرجل اعتاد طوال حياته ألا يتحدث، قد يبدو فتح هذا الباب مفاجئا أو مربكا. فكيف يمكن أن يبدأ؟
لماذا يكبت كثير من الرجال مشاعرهم؟
التنميط المجتمعي: ينشأ كثير من الرجال على رسائل ثابتة: "كن قويا… لا تبكِ… تحكّم في نفسك… لا تُظهر ضعفك". الدراسات تشير بوضوح إلى أن الالتزام بما يعرف بـ"الهيمنة الذكورية" (Hegemonic Masculinity) يقلل بشكل واضح من لجوء الرجال لطلب مساعدة نفسية، حتى عند وجود معاناة كبيرة. الخوف من الظهور بمظهر ضعيف: يعتقد بعض الرجال أن التعبير عن الألم قد يُفهم على أنه "نقص في الرجولة"، بغض النظر عن الخلفيات الاجتماعية والثقافات. وتشير أبحاث عدة إلى أن الرجال الذين يؤمنون بأن عليهم الاعتماد على أنفسهم بالكامل يكونون أكثر ميلا لتجاهل مشاعرهم أو إخفائها، حتى لو كلفهم ذلك صحتهم. الاعتقاد بأن كتم المشاعر سيخفيها: كبت المشاعر لا يلغي وجودها. بل يعيد تشكيلها في هيئة غضب زائد، أو انفعالات غير محسوبة، أو إدمان عمل أو رياضة أو ألعاب، أو سلوكيات انسحابية أو إدمانية. لهذا يصبح التعامل مع العاطفة أكثر تعقيدا من مجرد "التجاهل". غياب ثقافة الحديث عن المشاعر: كثير من الرجال نشؤوا في بيئات لم تسمح بحديث عاطفي صريح، ولم تتعامل مع المشاعر كموضوع يمكن مناقشته. ومع غياب نماذج تربوية واضحة، يصبح البالغ حاملا لهذا الميراث من الصمت. الخوف من فقدان السيطرة: قد يؤدي التعبير إلى البكاء، أو الانهيار، أو الشعور بالضعف… وهذه بالنسبة لكثير من الرجال أمور غير مقبولة أو غير مألوفة. لذا يصبح الصمت خيارا "آمنا"، حتى لو كان مؤلما. نقص المفردات العاطفية: لم يتربَّ الجميع على قول: "أنا قلق"، أو "أنا مرهق"، أو "أنا بحاجة لدعم"؛ لذلك تبدو الكلمات ركيكة عندما يحاول الرجل البالغ استخدامها لأول مرة، ما يزيد الإحراج ويعزز الميل للصمت.كيف يمكن كسر هذا النمط؟
اسأل نفسك: لماذا أريد أن أعبر عن مشاعري؟ ينصح الطبيب النفسي الأميركي برنارد غولدن بأن يبدأ الرجل بتحديد الدافع: هل الهدف التنفيس؟ أم طلب نصيحة؟ أم فهم الذات بشكل أعمق؟ تحديد السبب يجعل الحديث أكثر وضوحا وأمانا. ابدأ بأمور صغيرة، ولا تبدأ بقصص مؤلمة أو ملفات ثقيلة. حاول التمرّن على مشاركة مشاعر بسيطة مع شخص تثق به كأخ، أو صديق، أو شريك الحياة، أو حتى معالج نفسي. المهم أن تبدأ بكسر الجدار. لاحظ شعورك بعد الحديث، هل شعرت بالارتياح؟ ما الجزء الذي كان صعبا؟ هل تريد تكرار التجربة؟ أم تحتاج إلى مساحة أكثر أمانا؟ هذه الأسئلة تساعدك على تطوير القدرة على البوح تدريجيا. عامل نفسك بلطف، فالانفتاح ليس ضعفا بل شجاعة. تذكّر أن التعامل مع الذات بتعاطف واحترام هو ما يمنحك القدرة على مواجهة مشاعرك من دون خوف.متى تطلب مساعدة المتخصصين؟
ربما يجد بعض الرجال في الرياضة أو العمل مهربا مؤقتا من الضغوط، لكن المشاعر المخبّأة لا تختفي.
وإذا لم تُعالج أسبابها، فقد تتحول إلى ألم دائم أو توتر مُنهك أو اكتئاب. طلب المساعدة من مختص نفسي ليس علامة ضعف، بل خطوة ناضجة يتخذها شخص يريد أن يعيش بصحة أفضل في حال فشل في تجاوز المشاعر السلبية بمفرده.

0 تعليق