تلغراف: تصادم قاتل بين فكرتين يهدد أسس الديمقراطيات الغربية - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

كتبت جانيت دالي في عمودها بصحيفة تلغراف أن معظم قادة الغرب يواجهون انهيارا في ثقة شعوبهم بهم، وأن ذلك لا يعود فقط إلى مشكلات محلية، بل إلى أزمة أعمق تضرب أساس الفكرة التي تقوم عليها الديمقراطيات الغربية.

وقدمت الكاتبة مثالا بالولايات المتحدة لتوضيح هذه الأزمة، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي نفذ سياسات هجرة صارمة كانت تحظى بتقدير جزء كبير من الأميركيين، يشهد تراجعا كبيرا في شعبيته، لا بسبب سلوكه وسياساته الحدودية، بل بسبب الارتفاع المستمر في تكلفة المعيشة.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

ونبهت جانيت دالي إلى أن تكلفة المعيشة تضرب جوهر الاعتقاد الأميركي بأن الفرد قادر على تحسين حياته عبر جهده الشخصي، موضحة أن الأميركيين وكثيرا من الأوروبيين ما زالوا يؤمنون بمبدأ أساسي، يقوم على أن الفرد يجب أن يعتمد على نفسه، وأن دور الدولة هو إزالة العوائق التي تمنعه من إنجاز ذلك.

مظاهرات ضد زيارة ترامب لبريطانيا
مظاهرات ضد زيارة ترامب لبريطانيا (الجزيرة)

وبالتالي إذا وجد الأميركيون أن عوامل خارج سيطرتهم، كالتضخم أو المنافسة على الوظائف من مهاجرين غير نظاميين، تحبط طموحاتهم، فإنهم يتوقعون من الحكومة أن تتعامل بفعالية مع تلك المشكلات، لأن هذا -كما يعتقدون تقليديا- هو الدور الحقيقي للحكومة، أي إزالة العوائق أمام التقدم الفردي.

وهذا الإيمان بالفردية وتحمل المسؤولية، يعد من وجهة نظر الشعوب الغربية معيارا أخلاقيا، وليس أنانية أو قسوة، مع أنه يتصادم -حسب الكاتبة- بشكل مباشر مع نموذج آخر ترسخ في أوروبا وانتقل جزئيا إلى الولايات المتحدة، وهو نموذج دولة الرفاه التي تتحمل مسؤولية حماية من لا يستطيعون النجاح وحدهم.

وقد أصبح النموذج الأوروبي للتدخل الحكومي وبناء دولة الرفاه جزءًا من النقاش الانتخابي الأميركي، يروج له ليبراليون يساريون مثل بيرني ساندرز وعمدة نيويورك الجديد زهران ممداني، ممن وجدوا آذانا مصغية -كما تقول الكاتبة- ولكن أفكارهم لا تزال غريبة ومتعارضة جذريًا مع الخطاب السائد.

المجتمعات الغربية تعيش تناقضا مستحيلا بين فكرتين متعارضتين، تؤمن أولاهما بأن من ينجح يجب أن يكافأ، والثانية تطالب بأن يتحمل الناجحون عبء من لم ينجحوا

وخلصت الكاتبة إلى أن هذا النموذج يفترض أن الفشل ليس ذنب الفرد، بل نتيجة ظروف خارجة عن إرادته، وأن النجاح نفسه قد يكون "امتيازا غير عادل" يجب إعادة توزيعه لتحقيق ما يسمى بالعدالة الاجتماعية.

إعلان

ورأت الكاتبة أن المجتمعات الغربية اليوم تعيش تناقضا مستحيلا بين فكرتين متعارضتين، تؤمن أولاهما بأن من ينجح يجب أن يكافأ، والثانية تطالب بأن يتحمل الناجحون عبء دعم من لم ينجحوا.

وانتهى مقال جانيت ديلي إلى أن هذا التناقض أصبح غير قابل للاستمرار، وهو ما يفسر تراجع الثقة في الحكومات الغربية وعجزها عن إرضاء مجتمعات تحمل مطالب متصادمة في الأساس.

0 تعليق