أميركا يديرها تلفزيون.. كيف أغرق ترامب إدارته بنجوم فوكس؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب معروفا بقربه من قناة فوكس نيوز ذات التوجه اليميني المحافظ، إلى درجة أنها أصبحت بالنسبة له منصة فعالة للوصول إلى قاعدة انتخابية واسعة، وآلة فعالة في خدمة أجندته السياسية قبل أن يستعين بنجومها ليس للتأثير في مؤيديه فحسب، بل من أجل العمل في إدارته وتطبيق توجهاته.

وجاء ذلك تتويجا لعلاقة تحولت على مر السنين إلى ما يشبه ارتباطا عضويا، منذ أن قرر ترامب عام 2015 دخول معترك السياسة قادما من عالم المال والأعمال، وفي جعبته أيضا تجربة تلفزيونية عمرها قرابة 9 سنوات (2004-2015) قدّم خلالها برنامجين من تلفزيون الواقع على قناة "إن بي سي".

وعيّن الرئيس ترامب في ولايته الأولى (2017-2021) 20 شخصا من المنتسبين إلى قناة فوكس للعمل في إدارته، بعد أن كانوا من كبار المعجبين والمؤيدين لسياساته، وهي خطوة تعكس تصوره للعمل السياسي المبني على الولاء والإخلاص له وعلى أهمية التلفزيون ونجومه في التأثير على الرأي العام.

Republican U.S. presidential candidate Donald Trump shows off the size of his hands as Fox News Channel moderators Brett Baier (L) and Megyn Kelly (R) look on at the U.S. Republican presidential candidates debate in Detroit, Michigan, March 3, 2016. REUTERS/Rebecca Cook
الرئيس ترامب عيّن في ولايته الأولى 20 شخصا من قناة فوكس للعمل في إدارته (رويترز)

ووفرت قناة فوكس دعما قويا ومستميتا لإدارة ترامب حتى عندما خسر الانتخابات الرئاسية عام 2020، إذ روجت بما يكفي لأطروحته عن عدم نزاهة ذلك الاقتراع، قبل أن تدفع الثمن تحت طائلة القانون وتنهي علاقتها بواحد من أكبر نجومها وهو تاكر كارلسون.

وفي عهدته الثانية، عزز الرئيس ترامب علاقته بالقناة المملوكة لقطب الإعلام المحافظ روبرت مردوخ، وعيّن في إدارته قرابة 23 وجها من نجوم المحطة للعمل في إدارته، بعضهم تولوا مناصب وزارية رئيسية ووكالات فدرالية حساسة.

FILE - U.S. Attorney for the District of Columbia Jeanine Pirro walks outside the White House, Sept. 2, 2025, in Washington. (AP Photo/Mark Schiefelbein, File)
جانين بيرو آخر مذيعة في فوكس نيوز عيّنها ترامب في مايو/أيار الماضي لمنصب المدعي العام الفدرالي في واشنطن (أسوشيتد برس)

تلفزيون ودولة

وقد علق الكوميدي ومقدم البرامج التلفزيونية الأميركي بيل ماهر على تلك التعيينات الواسعة بنوع من السخرية وقال "سمعتُ عن تلفزيون تديره الدولة؛ لكن هذه دولة يديرها تلفزيون".

إعلان

وفي أحدث تلك التعيينات اختار الرئيس ترامب في مايو/أيار الماضي، مقدمة البرامج التلفزيونية، جانين فارس بيرو، ذات الأصول اللبنانية، لمنصب المدعي العام الفدرالي بالعاصمة واشنطن.

وقد رسخت بيرو (مواليد عام 1951) على مدى السنوات الـ15 الماضية، مكانتها كواحدة من أكثر المعلقين المحافظين تشددا على شاشة فوكس نيوز، وهو عمل عزز مكانتها لدى الرئيس ترامب.

ويرى مراقبون في تلك التعيينات بالجملة من قلعة فوكس نيوز بأنها مكافأة لمن تحدثوا بإيجابية على الشاشة عن الرئيس ترامب، الذي يقدّر الشخصيات المخلصة له والمدافعة عن سياساته وقراراته، والتي لا تتردد كذلك في التصدي لخصومه.

وبعد انتخابه مباشرة في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بدأ ترامب في الإعلان عن المرشحين للعمل في إدارته، ولوحظ في قائمة ترشيحاته حضور قوي لمن عملوا في قناة فوكس من مواقع مختلفة.

President Donald Trump appears on Fox & Friends before a Wounded Warrior Project Soldier Ride event in the East Room of the White House in Washington, Thursday, April 6, 2017. (AP Photo/Andrew Harnik)
بيت هيغسيث وزير الحرب الحالي ومذيع فوكس نيوز سابقا يجري لقاء صحفيا مع ترامب في 2017 (أسوشيتد برس)

البنتاغون وإدارات أخرى

واتجهت الأنظار خصوصا إلى مرشحه لتولي حقيبة الدفاع (البنتاغونبيت هيغسيث، الذي كان أحد أشهر مُقدّمي البرامج في عطلة نهاية الأسبوع على قناة فوكس نيوز، وكان محط جدل كبير أثناء إجراءات الكونغرس لتثبيته في المنصب.

وانتقى الرئيس ترامب لتولي وزارة النقل شون دافي الذي راكم خبرة واسعة في مجال الإعلام والترفيه، إذ عمل في أكثر من محطة تلفزيونية قبل أن تتعاقد معه شبكة فوكس عام 2022 لتقديم برنامج اقتصادي لفت انتباه الرئيس ترامب.

ومن الأسماء البارزة أيضا في إدارة الرئيس ترامب الحالية، تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، التي كانت عضوا بمجلس النواب عن الحزب الديمقراطي قبل أن تغير بوصلتها نحو اليمين وتنضم إلى قناة فوكس وتحظى بفرصة تقديم برامج في أوقات الذروة قبل انتخابات 2024.

رئيسة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد تزور إسرائيل
رئيسة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد خلال زيارتها مركز التنسيق الأميركي في كريات غات بإسرائيل (الصحافة الأميركية)

واستغلت غابارد موقعها في قناة فوكس للدفاع عن ترامب ورؤيته للحكم، وانخرطت بشكل مباشر في حملته الانتخابية، وألقت خطابات داعمة له في التجمعات الانتخابية، قبل اختيارها لرئاسة الاستخبارات في إدارته الثانية.

وفي موقع أمني حساس آخر لتفعيل سياسته في مكافحة الهجرة غير النظامية، وقع اختيار الرئيس ترامب على توم هومان، الذي سبق له العمل في فوكس نيوز عام 2019 وتصفه وسائل إعلام كثيرة بقيصر الحدود، بالنظر إلى تشدده في موضوع الهجرة الذي راهن عليه ترامب كثيرا في حملته الانتخابية.

ويُعتبر هومان مدافعا قويا عن سياسات ترامب المتعلقة بالهجرة، ويظهر بانتظام على شاشة تلفزيون فوكس ووسائل الإعلام الأخرى للدفاع عن مساعي الرئيس لتعزيز أمن الحدود.

وعلى الجبهة الدبلوماسية عيّن الرئيس ترامب، مورغان أورتاغوس -التي عملت لفترة وجيزة معلقة على شؤون الأمن القومي في فوكس نيوز- نائبة لمبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بعد أن أصبحت مسؤولة في وزارة الخارجية خلال ولايته الأولى.

وترى غريتشن كارلسون، وهي مقدمة برامج سابقة في فوكس نيوز أن سر توظيف ترامب لذلك العدد الكبير من العاملين في قناة مردوخ يؤكد أنه لا يزال مفتونا بالأضواء الساطعة وبنجومية العديد من مذيعي تلك المحطة التلفزيونية، حتى لو كان ينتقدها ويسخر منها في بعض الأحيان.

مراقبون يرون أن تعيينات موظفي فوكس نيوز مكافأة لمن تحدثوا بإيجابية عن ترامب ودافعوا عنه (لقطة شاشة-فوكس نيوز)

الدور والمهمة

ولا يرى ريتشارد ستينغل، مدير التحرير السابق لمجلة تايم، أي عيب في توظيف شخصيات إعلامية بارزة لشغل مناصب إدارية، لكنه يعتبر أن تركيز الرئيس ترامب على ذلك الأمر يعكس اهتماما بالشكل أكثر من المضمون.

إعلان

وفي تصريح للإذاعة الوطنية العامة، قال ستينغل -الذي كان مسؤولا رفيع المستوى في وزارة الخارجية في عهد الرئيس باراك أوباما– إن ترامب يهتم أساسا بالتواصل، وليس بالسياسة، وبالتالي فهو يريد أشخاصا متخصصين في التواصل، وتلك هي مهارته الفائقة مقابل تواضع خبرته السياسية أو الحكومية.

ويخلص ستينغل إلى أن ترامب يتصرف أثناء اختيار أعضاء إدارته وكأنه بصدد "اختيار الممثلين الرئيسيين" (كاستينغ)، وهذا هو جوهر التلفزيون، لأن الأمر لا يتعلق بالقدرة على أداء المهمة، بل بالقدرة على لعب الدور، وكل من انتقاهم ترامب من فوكس بارعون في لعب الدور المطلوب منهم.

0 تعليق