ليبيا – بدأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اتخاذ خطوات عملية نحو إطلاق الحوار المهيكل، من خلال توجيه الدعوات الأولى إلى الأعضاء المحتملين للمشاركة في العملية، التي تأتي ضمن جهود إعادة إحياء المسار السياسي وتحقيق تقدم ملموس نحو تسوية شاملة، في وقت تتزايد فيه المطالب الداخلية بتوسيع المشاركة وضمان شفافية اختيار الممثلين.
الافتقار إلى الوضوح في معايير الاختيار
قال المحلل السياسي الليبي حسام الدين العبدلي إن المعايير التي اعتمدتها بعثة الأمم المتحدة في اختيار المشاركين لا تزال تفتقر إلى الوضوح رغم إعلانها نشر آلية الترشح، موضحا أن البعثة طلبت ترشيحات من البلديات والأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الشبابية والنسائية والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، إلا أن عملية الفحص تكشف غموضا كبيرا في الآلية. وأكد أن جوهر الحوارات وأعضاؤها هو العنصر الأهم لإنهاء الجمود السياسي.
إشكاليات تمثيل الأحزاب والجامعات ومنظمات المجتمع المدني
وأشار العبدلي إلى أن عدد ممثلي الأحزاب وطبيعة عضويتهم غير واضحة، معتبرا أن الاعتماد على الأحزاب اختيار غير صائب لعدم امتلاكها حاضنة شعبية، وأن الجامعات مؤسسات حكومية لا تمتلك حركات طلابية فاعلة، ما يجعل الترشيحات بيد رؤساء الجامعات وأعضاء هيئة التدريس وينتج ممثلين ضعفاء مهنيا وسياسيا. وذكر أن منظمات الشباب والنساء والمجتمع المدني لا تختلف كثيرا عن واقع الأحزاب والجامعات، محذرا من أن الحوار حساس ويتعلق بمصير ليبيا.
مخاوف من ترشيحات قائمة على الولاء لا الكفاءة
ويرى العبدلي أن ترك عملية الاختيار للمؤسسات قد يؤدي إلى نتائج ضعيفة بسبب تداخل المصالح، خاصة إذا كان الحوار سيفضي إلى تشكيل حكومة موحدة، مؤكدا أن الجهات ستسعى لاختيار مرشحين تابعين لها، مما يدفع الحوار نحو المحاصصة. وأكد وجود معرقل مرتقب يتمثل في الجهات العسكرية، إذ قد يؤدي تعارض خطط الأعضاء مع الرؤية المدنية إلى صدام يهدد حياة المشاركين ويضعف الحوار في حال اختيار شخصيات بلا رؤية سياسية واضحة.
ضرورة اختيار أعضاء يمتلكون الكفاءة والشجاعة
وشدد العبدلي على ضرورة أن يكون الأعضاء شجعانا وذوي موقف، محذرا من أن ضعفهم سيؤدي إلى نتائج ضعيفة. وأوضح أن مشاركة ممثلين من مجلسي النواب والدولة قد تكون فقط لرفع الحرج عن مؤسسات منتهية الصلاحية، مع احتمال أن يفضي الحوار إلى إنهاء عمل هذه المؤسسات. وأكد أن مهنية البعثة ستكون على المحك في هذه المرحلة المصيرية.
المعايير النظرية المعتمدة لآلية المشاركة
من جهته أكد المحلل السياسي الليبي معتصم الشاعري أن البعثة تعتمد نظريا على الكفاءة والنزاهة والاستقلالية، وأن ليبيا تحتاج إلى شخصيات وطنية صادقة تضع وحدة البلاد فوق كل اعتبار. وأوضح أن الدعوة تشمل مختلف المكونات الجغرافية والثقافية والسياسية والاجتماعية بما يضمن تمثيلا متوازنا للفئات الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي.
الشفافية ونشر المعايير أمام الرأي العام
وأشار الشاعري إلى أن شخصيات مستقلة وفاعلة سيكون لها دور في تقريب وجهات النظر، مؤكدا ضرورة اتباع أعلى درجات الشفافية واستبعاد الشخصيات ذات الملاحظات الأمنية أو السياسية. ودعا إلى نشر قائمة واضحة بالمعايير وإتاحة أسماء المشاركين للرأي العام.
جدلية بعض الأسماء ورفض تكرار نماذج الحوارات السابقة
وأوضح الشاعري أن هناك شخصيات لن تقبلها البعثة لجدليتها وعدم قبولها شعبيا، مؤكدا ضرورة استبعاد المشاركين في حوارات برلين وجنيف والصخيرات، لعدم تحقيقها النتائج المأمولة. واعتبر أن الأمم المتحدة لم تقدم حلولا جوهرية خلال السنوات الماضية، وأن الأزمة الليبية تشبه تعثر ملفات أخرى مثل سوريا والعراق.
الحل يبدأ من الشارع الليبي
وختم الشاعري بالتأكيد على أن الحل الحقيقي يبدأ من الشارع الليبي عبر مطالبة المواطنين بإجراء انتخابات شاملة تنهي المرحلة الانتقالية، محذرا من أن غياب الضغط الشعبي سيجعل أي حلول أممية مجرد خطوات تؤجل الأزمة دون علاج جذورها.

0 تعليق