من عمره الخضراء إلى حرب 2027 العالمية: طلال أبو غزالة يرسم خارطة طريق لمستقبل محفوف بالمخاطر والفرص.. فيديو - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أبو غزالة: أي عطلة يوم واحد تكلف الدولة 2 مليون أبو غزالة: الحرب العالمية الثالثة قادمة ولا مهرب منها أبو غزالة: التعليم في مدارسنا وجامعاتنا قائم على الحفظ أبو غزالة: الحكومات ترشي المواطنين بالإجازات

في توقيت حساس يمر به العالم، حيث تتلاحق الأزمات الاقتصادية وتتشابك الخيوط الجيوسياسية في مشهد إقليمي وعالمي يفتقر إلى الاستقرار، أطل الدكتور طلال أبو غزالة، المفكر الاقتصادي ومؤسس مجموعة طلال أبو غزالة العالمية، عبر برنامج "نبض البلد" ليفكك شيفرة الأحداث الراهنة.

وقدم "أبو غزالة" قراءة استشرافية للمستقبل، تراوحت بين التفاؤل الحذر بشأن المشاريع الوطنية المحلية، والتحذيرات شديدة اللهجة من سيناريوهات عالمية قاتمة قد تغير وجه التاريخ البشري في غضون سنوات قليلة.

لم يكن الحوار مجرد استعراض للأحداث، بل كان "جردة حساب" للواقع الإداري والاقتصادي، ومحاولة لربط النقاط المتباعدة بين غزة، وتايوان، وواشنطن، وبكين، وصولا إلى النظام التعليمي الذي يحتاجه الجيل القادم لمواجهة عالم جديد كليا.

"عمرة".. حلم المدينة الفاضلة وسط الصحراء الأردنية

استهل "أبو غزالة" حديثه بلمسة من التفاؤل الواقعي عند التطرق للشأن المحلي الأردني، وتحديدا مشروع المدينة الجديدة "عمرة".

فقد أعرب عن تأييده المطلق للفكرة، واضعا إياها في سياق الضرورة الحتمية لا الرفاهية. وبرأيه، إذا كانت الفلسفة القائمة خلف "عمرة" هي إنشاء مساحة حضرية خضراء متطورة، فإن المشروع قد جاء في مكانه وزمانه الصحيحين.


ويرى "أبو غزالة" أن الأردن بحاجة ماسة لنموذج "مدينة المستقبل"، حيث لا يجوز في العرف التخطيطي الحديث أن تظل هناك بقع جغرافية محرومة من مظاهر التحضر والخدمات الأساسية المتطورة.

وقد رسم في مخيلته صورة لهذه المدينة تعتمد كليا على "الطاقة الأبدية" – كما وصفها – والمتمثلة في الطاقة الشمسية والطاقة الخضراء، بعيدا عن مصادر الطاقة التقليدية الملوثة والمكلفة.

وهو يطمح لأن تكون "عمرة" ليست مجرد حل للاكتظاظ السكاني، بل نموذجا أردنيا يصدر للعالم ويحتذى به في الخارج كقصة نجاح في التخطيط الحضري المستدام.

مشرط الجراح في جسد الإدارة العامة: "نحن الدولة الأكثر تعطيلا"

انتقل الحوار إلى الملف الأكثر سخونة وتماسا مع حياة المواطن والاقتصاد، وهو ملف التحديث الإداري.

هنا، لم يجامل "أبو غزالة"، بل استخدم لغة الأرقام والمكاشفة الصريحة.

فقد طالب بضرورة إنشاء إدارة متخصصة هدفها الأوحد هو "التحديث والتطوير الإداري"، ووضع إطار زمني وتنفيذي محدد لتطبيق هذا التحديث، مستشهدا بتجربة إمارة دبي في التحول الرقمي الشامل، خاصة في قطاعات حيوية كالكهرباء والتعليم، كنموذج يمكن الاستفادة منه.

وفي نقد لاذع لواقع الإنتاجية، أشار "أبو غزالة" إلى معضلة "الترهل الإداري" والفساد المقنع بغياب الإنتاجية، مفجرا قنبلة من العيار الثقيل بوصفه الأردن بـ "أكثر دولة تعطل في العالم".

وأوضح أن مجموع العطل الرسمية يصل إلى 40 يوما في السنة، وهذا الرقم لا يشمل الإجازات السنوية الشخصية، والإجازات المرضية، وإجازات الزواج وغيرها.

ولم يتوقف عند تشخيص المشكلة، بل اقترح حلا غير تقليدي يتمثل في تعيين "وزير لتنظيم أيام العطل"، داعيا إلى النظر في هذا الملف من زاوية اقتصادية بحتة.

فبحسب تقديراته، يكلف تعطيل الدوام ليوم واحد خزينة الدولة خسارة تقدر بـ 2 مليون دينار، وهو رقم ضخم لدولة تسعى للنهوض الاقتصادي.

وربط "أبو غزالة" بين الإنتاجية والناتج القومي، مؤكدا أن إتاحة الفرصة لكل راغب في العمل والإنتاج هو السبيل الوحيد لزيادة الدخل القومي.

وفي سياق متصل، هاجم "أبو غزالة" بشدة الدعوات الغربية التي تقترح تقليص الدوام إلى 4 أيام أسبوعيا، معتبرا أن هذا النموذج "لا يحتذى به"، وتنبأ بأن الدول التي ستطبقه ستعاني مستقبلا. ورأى أن "القارة العجوز" (أوروبا) ارتاحت طويلا لأنها عاشت على مقدرات وأرزاق الدول الأخرى وتسويق منتجاتها فيها، لكن المستقبل الآن لمناطق ودول أخرى تؤمن بقيمة العمل.

وصاغ "أبو غزالة" معادلة جديدة للإنتاج، معتبرا إياه الطاقة الكامنة التي يجب محاسبة الفرد عليها.

وفي جملة جريئة، قال: "الحكومات ترشي المواطنين بالإجازات"، في إشارة إلى استخدام العطل كأداة لتخدير الشعوب ونسيان الضغوط المعيشية، وغلاء الأسعار، وأزمات السير، والتلوث، وترهل المعاملات الحكومية، بدلا من حل هذه المشاكل جذريا.

غزة 2027: اتفاقية "وقف النار" أم إعادة هندسة المنطقة

في الشق السياسي والإقليمي، قدم الدكتور طلال أبو غزالة قراءة مغايرة تماما للسائد حول الحرب في غزة والاتفاقيات المطروحة. عاد بذاكرته إلى تصريحات الرئيس الأمريكي السابق (والمرشح القوي) دونالد ترامب، الذي تحدث سابقا عن تحويل غزة إلى "منطقة سياحية".

شكك "أبو غزالة" في جوهر الاتفاقية المطروحة لوقف إطلاق النار، واصفا إياها بأنها لم تكن يوما اتفاقية وقف نار بالمفهوم التقليدي.

وأبدى استغرابه من صياغة اتفاقية مكونة من 20 بندا لمجرد وقف قتال، مؤكدا أنه لم يسمع في تاريخ البشرية باتفاقية بهذا التعقيد لهذا الغرض.

وخلص إلى أن هذه الوثيقة هي جزء لا يتجزأ من مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، وتهدف في عمقها إلى نزع سلاح المقاومة.

ما يثير الريبة في تحليل "أبو غزالة" هو التزامن الرقمي والزمني؛ حيث أشار إلى أن فترة رئاسة ترامب (في حال فوزه) تنتهي في عام 2027، وهي السنة نفسها التي تنتهي فيها مدة الاتفاقية المقترحة لغزة.

ولفت إلى بند خطير ينص على إنشاء "مجلس إدارة لغزة" يرأسه الرئيس الأمريكي، وإنشاء قاعدة عسكرية على الحدود.

وتساءل مستنكرا: "لماذا نضع رئيس أكبر دولة في العالم رئيسا لمجلس إدارة منطقة جغرافية صغيرة؟"، ليجيب بأن التحليل المنطقي يشير إلى تنسيق عميق لترتيب الأوضاع في المنطقة لتتزامن مع نهاية حقبة رئاسية وبداية نظام عالمي جديد بحلول عام 2027.

مثلث الرعب: واشنطن، بكين، وتايوان.. وساعة الصفر 2027

وسع "أبو غزالة" دائرة تحليله لتشمل الصراع الأكبر في العالم: الولايات المتحدة والصين.

وأوضح أن "عقدة تايوان" تمثل الكابوس الدائم لكل الرؤساء الأمريكيين، حيث كانت التصريحات تتوالى بعدم السماح بضم الجزيرة للصين. لكنه توقف عند التهديد الصريح بأن أمريكا ستدخل الحرب في حال قررت الصين الضم بحلول عام 2027، وهو ما ردت عليه الصين بجاهزيتها للحرب.

ووصف "أبو غزالة" عام 2027 بـ "التاريخ العجيب" والمفصلي في تاريخ البشرية؛ فهو يجمع ثلاثية خطيرة: انتهاء رئاسة ترامب المحتملة، انتهاء اتفاقية غزة، والموعد المتوقع لاستعادة الصين لتايوان.

وبنبرة تحذيرية، أكد "أبو غزالة": "نحن متجهون إلى حرب عالمية ثالثة". ورسم مسار هذه الحرب التي بدأت شرارتها في أوكرانيا، ووصلت لهيبها إلى الشرق الأوسط، وتتجه بوصلتها النهائية نحو "بحيرة جنوب الصين"، التي ستكون المنطقة الحاسمة لمستقبل البشرية.

وحذر من أن أي "احتكاك عسكري مباشر" بين العملاقين (أمريكا والصين) سيضع العالم في مأزق وجودي لا فائدة منه لأحد. لكنه استدرك بأن هذا الصدام، ومهما كانت قسوته، سيكون الممر الإجباري للجلوس على طاولة المفاوضات لصياغة "عالم جديد".

وأوضح أن هذه الحرب لن تكون تقليدية بجيوش جرارة تزحف على الأرض، بل ستكون "حربا إلكترونية" (Online War)، تشل فيها الأنظمة وتعطل الحياة بضغطة زر.

النظام العالمي الجديد: نهاية الأحادية وصعود الأربعة الكبار

يرى "أبو غزالة" أن النظام العالمي الحالي قد "انتهى" فعليا، وأن العالم يعيش الآن "مرحلة فراغ" وفوضى انتقالية فريدة من نوعها. وتنبأ بأن الهيمنة في مرحلة ما بعد 2027 ستكون مشتركة، ولن تنفرد بها دولة واحدة.

وقسم العالم القادم إلى معسكرين رئيسيين سيحددان شكل النظام الجديد: المعسكر الأول تقوده الصين ومعها روسيا، والمعسكر الثاني تقوده الولايات المتحدة ومعها بريطانيا. هؤلاء "الأربعة الكبار" هم من سيرسمون القواعد الجديدة للعبة الأمم.

وفي هذا السياق، تطرق إلى وضع إسرائيل، مشيرا إلى تصريحات نتنياهو وترامب حول "الشرق الأوسط الجديد". لكنه قدم رؤية صادمة لمستقبل الكيان، مؤكدا أن هيمنة إسرائيل الحالية في المنطقة ليست نابعة من قوتها الذاتية التي لا تقهر، بل لأنها "أداة" لمصلحة المشروع الأمريكي.

وبناء على تحليله لتغير المصالح الأمريكية والنظام العالمي الجديد، توقع "أبو غزالة" أن أمريكا لن تكون بحاجة لإسرائيل في المستقبل، وذهب لأبعد من ذلك بتوقعه أن "إسرائيل لن تستمر بعد عام 2030".

وعرج في حديثه على جذوره، معبرا عن فخره بجنسيته الأردنية، ومستذكرا مولده في مدينة يافا بفلسطين عام 1938، ليؤكد على حقيقة تاريخية عاشها بنفسه: "كنا نعيش في بلد لم يكن فيه إسرائيل، بل كانت فلسطين".

أفغانستان: مسمار جحا الأمريكي في خاصرة الصين

لم يغفل "أبو غزالة" عن التفاصيل الاستراتيجية الدقيقة، حيث أشار إلى التحولات في الموقف الأمريكي تجاه أفغانستان.

فبعد الانسحاب الفوضوي، عادت الأصوات في واشنطن تطالب باستعادة السيطرة على المطار العسكري هناك بدعوى أنه "تحت السيادة الأمريكية".

وفسر "أبو غزالة" هذا التحول بأن المطار يمثل "أقرب نقطة جغرافية لتايوان" يمكن لأمريكا من خلالها إدارة عملياتها أو حربها ضد الصين، مما يكشف عن النوايا المبيتة للتصعيد.

حرب العملات: الدولار في مواجهة التنين

اقتصاديا، أشار إلى أن العالم يقف على صفيح ساخن بسبب "العملة الموحدة".

ولفت إلى أن العالم بأسره يدور في فلك الدولار الأمريكي، باستثناء الصين التي رفضت ربط عملتها به.

وأشاد بالخطوات الصينية لتطوير "اليوان" ليصبح عملة دولية بصيغتيها الرقمية والورقية، معتبرا ذلك دليلا على قدرة الصين على منافسة الدولار وكسر هيمنته المالية، وهو ما يشكل بؤرة صراع أخرى قد تشعل الحروب.

ثورة التعليم: وداعا للمدارس والجامعات.. أهلا بعصر البرمجةفي ختام حواره

فجر الدكتور طلال أبو غزالة ثورة في مفاهيم التعليم، قائلا بعبارة صريحة: "ما في داعي للجامعات ولا للمدارس" بصيغتها التقليدية الحالية.

وأوضح أننا نعيش "ثورة معرفية" طالت كل شيء من الغذاء إلى التعليم.

ودعا إلى نسف المناهج التقليدية التي تركز على الحفظ وتلقين مواد مثل التاريخ والجغرافيا واللغات، مطالبا باستبدالها بـ "البرمجة" كلغة العصر والمستقبل.

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي، الذي يخشاه البعض، هو في أساسه "برمجة متفاعلة" صنعها العقل البشري، وهي الأداة التي تسهل الوصول لكل العلوم الأخرى.

وقال: "لو كنت صاحب قرار، لاتخذت قرارا بأن تكون مادة البرمجة هي المادة الرئيسية والأساسية للطلاب".

وانتقد النظام التعليمي الحالي الذي يخرج "حفظة" لا "مبدعين"، مؤكدا أن العالم مفتوح للابتكار والاختراع.

ودعا إلى التحول نحو "العلوم التقنية" التي تنتج معرفة ذات قيمة سوقية هائلة، مستشهدا بشركات التكنولوجيا الكبرى (مثل جوجل وأخواتها) التي باتت أقوى من دول بفضل اقتصاد المعرفة.

قدم الدكتور طلال أبو غزالة في هذا الحوار وثيقة فكرية دسمة، جمعت بين التحذير من كارثة عالمية وشيكة في 2027، وبين الدعوة لثورة إدارية وتعليمية شاملة في الداخل الأردني والعربي. ورغم سوداوية المشهد الجيوسياسي الذي رسمه، إلا أنه ترك الباب مواربا أمام الفرص التي يمكن اقتناصها من خلال التخطيط السليم (كمدينة عمرة)، والتحول نحو الإنتاجية، وتبني لغة المستقبل الرقمية، والاستعداد لنظام عالمي جديد قد يعيد توزيع مراكز القوى بطريقة تخدم من يمتلك المعرفة والأدوات الحديثة.

0 تعليق