عاجل

وزيرة داخلية بريطانيا.. باكستانية حائرة بين اليمين المتطرف وأنصار فلسطين - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تُجسد اليوم، الوجه الرمزي للتنوع البريطاني، حيث يتولى سياسيون من أصول آسيوية مناصب رفيعة في حكومات "10 دواننغ ستريت" في وستمنستر بلندن.

تواجه عدة تحديات من المؤيدين لفلسطين ومعارضي الهجرة من أتباع اليمين المتطرف، وكلاهما ينظر إليها بعين الشك، وترقب لكل كلمة تقولها.

من نقاد سياسات الهند في منطقة كشمير، ومنددة شرسة بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب هناك، مؤكدة دعمها حق الشعب الكشميري في تقرير مصيره.

تعود جذور عائلة، شبانة محمود، المولودة في عام 1980 بمدينة برمنغهام ثاني أكبر مدن إنجلترا، إلى إقليم آزاد في كشمير بباكستان.

 من الطائف إلى دواننغ ستريت

أمضت شبانة نحو خمس سنوات من طفولتها في مدينة الطائف بالسعودية بين عامي 1981 و1986 بعد انتقال والدها إليها ليعمل مهندسا مدنيا في مجال تحلية المياه.

بعد ذلك، نشأت في برمنغهام، حيث عملت والدتها في متجر بقالة صغير اشترته العائلة بعد عودتها إلى إنجلترا، وأصبح والدها رئيسا لحزب "العمال" في منطقته، وساعدته شبانة في حملته الانتخابية في الانتخابات المحلية.

حصلت محمود على شهادة البكالوريوس في القانون من كلية "لينكولن" بجامعة "أوكسفورد" في عام 2002، ثم أكملت في العام التالي دورة التدريب المهني للمحاماة في مدرسة "إنز أوف كورت" للقانون، وتخصصت في مجال التعويضات المهنية.

انتخبت شبانة عضوا في مجلس العموم البريطاني عام 2010 لتصبح بذلك، إلى جانب روشانارا علي وياسمين قريشي، واحدة من أوائل النائبات المسلمات في المملكة المتحدة، وأعيد انتخاب شبانة في مجلس العموم لثلاث دورات متتالية.

احتلت مواقع رفيعة في حزب "العمال" وشغلت عدة مناصب في حكومة ظل الحزب عندما كان في صفوف المعارضة، وفي فترة زعامة إد ميلباند لحزب "العمال" عملت سكرتيرة ظل وزارة المالية بين عامي 2013 و2015، وسكرتيرة الخزانة الرئيسية بالوكالة في حكومة الظل المؤقتة التي شكلتها هارييت هارمان السياسية والمحامية المخضرمة .

إعلان

استقالت شبانة من حكومة الظل بعد انتخاب جيرمي كوربن زعيما لحزب "العمال"، ورفضت المشاركة في حكومة الظل التي شكلها، ودعمت أوين سميث في انتخابات قيادة الحزب في عام 2016.

لكنها ما لبثت أن عادت إلى حكومة الظل العمالية برئاسة كير ستارمر عام 2021 حين تولت منصب المنسقة الوطنية للحملة الانتخابية، ونظرا لموقفها المؤثر في الحملة الانتخابية عينها ستارمر في عام 2023 وزيرة العدل في حكومة الظل.

موسم الصعود

وصعدت إلى المراكز الأولى في صفوف حزب "العمال"، خلال الانتخابات الأخيرة، حين أدارت الحملة الوطنية، وينسب إليها الفضل في الفوز الصعب بانتخابات "باتلي آند سبن" الفرعية عام 2021، وهو الانتصار الذي أنقذ زعامة ستارمر من تحد داخلي.

وعقب فوز حزب "العمال" في الانتخابات العامة عام 2024، تولت محمود منصب السيد المستشار ووزيرة العدل في حكومة ستارمر التي ورثت حكومة ريشي سوناك المحافظة التي خرجت من "10 دواننغ ستريت" وهي تجر أذيال الخيبة والهزيمة الكبرى.

خضعت حكومة ستارمر لتعديلات وزارية كبيرة وسط انخفاض حاد في الشعبية، فعينت شبانة محمود وزيرة للداخلية بدلا من إيفيت كوبر، المعروفة بموقفها القوي المؤيد لـ"إسرائيل" والتي أصبحت وزيرة للخارجية.

واعتبر تعيين محمود بهذا المنصب، وفقا للصحافة البريطانية، محطة مفصلية في المشهد السياسي البريطاني، فهي أول امرأة مسلمة تتولى حقيبة سيادية بهذا الحجم، كما ستتولى، من بين أمور أخرى، الإشراف على الشرطة.

ولم يخل تعيينها من ردود فعل متشنجة، فقد شن الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون هجوما عبر منصة "إكس" وصفها فيه بأنها "ناشطة إسلامية متشددة"، وطالب واشنطن بوقف تبادل المعلومات الأمنية مع لندن.

ولم تقف لورا لومر، الناشطة الأميركية المثيرة للجدل والمقربة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، صامتة وهي ترى شبانة محمود تتولى وزارة رئيسية في بريطانيا، فقد ذهبت بعيدا باتهام ستارمر بـ"الخيانة"، ووصفت تعيينه شبانة في وزارة الداخلية بأنه "خطأ كارثي"، مشيرة إلى أن المنصب يمنحها إشرافا مباشرا على جهاز الاستخبارات الداخلية والأمن المعروف بالإنجليزية اختصارا (MI5) زاعمة أن وجود محمود في المنصب "يهدد الأمن القومي الغربي برمته".

وهكذا وضعت شبانة تحت دائرة الضوء، وأمام استحقاقات محرجة وبالغة الحساسية حيث ستكون أمام مراجعة لكيفية تطبيق "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، خصوصا ترحيل الأجانب أو طالبي اللجوء المرفوضين، ومسؤولية معالجة تراكم طلبات اللجوء، وإصلاح الشرطة، والتحقيقات في عصابات التجنيد.

وبحسب صحيفة "الغارديان"، فإنْ قدرت شبانة على التعامل مع مسؤولياتها الجديدة، سوف ينظر إليها باعتبارها "مفتاحا للحد من التهديد الانتخابي المتزايد الذي يشكله حزب الإصلاح في المملكة المتحدة بزعامة نايجل فاراج، ليبقى السؤال، هل ستنجح محمود في الاختبار؟!" بحسب "الغارديان".

ومن مجمل تلك التحديات، فإن شبانة محمود تتعرض لموجة من التشكيك في ولائها لبريطانيا بسبب مواقفها الداعمة لفلسطين وللاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأيضا بسبب أصولها العرقية التي قيل إنها ستدفعها للتعاطف مع المهاجرين.

حسم الموقف

لكن محمود خيبت هواجس الذين توقعوا تغيرا كبيرا في هذا الاتجاه، وبخاصة حظر الحكومة حركة "بالستاين أكشن" فكان أن حسمت موقفها مبكرا حين قالت: "دعم فلسطين ودعم جماعة محظورة ليسا شيئا واحدا".

إعلان

كما أنها أدانت سابقا بشدة عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 ، ووصفتها بـ"أفعال حماس المشينة"، كما امتنعت عن التصويت على وقف إطلاق النار في غزة.

ويشعر المعارضون للإبادة الجماعية المستمرة في غزة بأن شبانة قد "خانت" القضية بتبني الخط الذي تتبناه الحكومة من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.

ومن غير المرجح أن يصبح الناخبون اليمينيون المتطرفون من المعجبين بوزيرة من أصل مسلم وآسيوي على الرغم من خطابها القوي ضد الهجرة غير الشرعية، وهو الملف الأكثر تركيزا في خطاب اليمين البريطاني.

هل تواصل شبانة محمود مسْك العصا من المنتصف بخصوص الهجرة وموقفها من جرائم الحرب في غزة، في محاولة لعدم خسارة الانتخابات المقبلة، أم تتبنى وجهة نظر ستارمر وتواصل نزْف الأصوات في الدوائر المحلية التي تعاني من ضعف تصويت لصالح حزب "العمال"؟!

اليمني الصاعد نايجل فاراج والمتطرف تومي روبنسون متوثبان ويراقبان المشهد من مكان قريب.

0 تعليق