"الأيام" ترصد مشاهد من استهداف الخدمات الأساسية في مدينة غزة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


مع تصاعد العدوان على مدينة غزة، بات الاحتلال يستهدف، وبشكل متعمد، الخدمات الأساسية في المدينة، وبعضها تمسّ حياة المواطنين بشكل مباشر، بهدف الضغط عليهم لمغادرتها.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان المستمر على مدينة غزة، منها مشهد يرصد استهداف مصادر المياه في غزة، ومشهد آخر يوثق تعمد الاحتلال استهداف المنظومة الصحية في المدينة، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على التدمير المتعمد لقطاع الاتصالات والإنترنت في المدينة.

 

استهداف مصادر المياه
لم يتوقف الاحتلال عن استهداف كل مقومات الحياة في مدينة غزة، لدفع المواطنين على النزوح جنوب القطاع، إذ دمرت الطائرات في الأيام الماضية المزيد من مصادر المياه، خاصة الآبار، وخطوط المياه، ومحطات تحلية، وغيرها، ما جعل مياه الشرب ومياه الاستخدام المنزلي شحيحة في المدينة، خاصة في ظل شح الوقود اللازم لتشغيل الآبار.
وقال المواطن محمد الفراني، إن الحصول على المياه في مدينة غزة بات أمراً أصعب من السابق بكثير، وأن غالبية المواطنين يعتمدون على آبار خاصة لتلبية احتياجاتهم، حيث يمتلك أصحاب بعض هذه الآبار أنظمة طاقة شمسية، تمكنهم من تشغيلها بضع ساعات يومياً.
وأكد أن خدمات المياه التي تصل من البلدية تأثرت كثيراً بسبب العدوان، كما أن شاحنات المياه التي كانت تصل إلى الأحياء لم تعد كما في السابق، وهذا كله أثر على خدمة المياه للمواطنين، وباتت الأزمة تزيد وتتعمق يوماً بعد يوم.
وأوضح أن بعض المواطنين جلبوا خزانات مياه إضافية، في محاولة لزيادة السعة التخزينية، تخوفاً من تكرار سيناريو شمال قطاع غزة في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، حين دمّر الاحتلال جميع مصادر المياه في مناطق شمال قطاع غزة، وخلق أزمة كبيرة، أجبرت المواطنين على النزوح.
وأشارت مصادر متعددة إلى أن الاحتلال ضاعف من استهداف شاحنات وعربات المياه في مدينة غزة، ويأتي استهداف عربات المياه ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى تعطيش السكان، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني، الذي يجرّم استهداف البنى التحتية المدنية، خاصة في هذا الوقت الذي يمارس فيه الاحتلال كل أنواع الضغط لإجبار السكان على مغادرة المدينة.
وحذرت بلدية غزة من خطورة تفاقم الكارثة الإنسانية في المدينة جراء تصعيد الاحتلال حرب الإبادة المستمرة منذ نحو عامين، وما نتج عنها من دمار واسع في البنية التحتية، وتكدس كبير للنفايات في الشوارع والمكبات، إضافة إلى نقص حاد في الخدمات الأساسية.
وذكرت البلدية أن الأزمة تتفاقم يومياً، وأن هناك نقصاً شديداً في المياه، إضافة إلى تسرب المياه العادمة نتيجة تدمير شبكات الصرف الصحي، وهذا كله يمس بحياة المواطنين وسلامتهم.

 

تقويض النظام الصحي
تعمل قوات الاحتلال على تقويض النظام الصحي في مدينة غزة بشتى الطرق والوسائل، ما يُهدد حياة المرضى والجرحى.
واستخدم جيش الاحتلال في ذلك عدة طرق، منها تكثيف المجازر، حيث يصل إلى المستشفيات عدد كبير من المصابين بشكل يومي، ما يزيد الضغط على مستشفيات مدينة غزة، ويرهقها، ويقلل من قدرتها على العمل، وكذلك منع توريد الوقود والأدوية للمستشفيات، ما يقوض قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات، إضافة إلى الاستهداف المباشر للمستشفيات والمراكز الصحية، كما حدث مؤخراً في مستشفى الرنتيسي، الذي تعرض للقصف قبل يومين.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة، إن استهداف الطوابق العلوية لمستشفى الرنتيسي، وعلى 3 مرات متتابعة يفصل بينها بضع دقائق، يعد جريمة تؤكد من جديد سياسة الاحتلال الممنهجة في ضرب وإخراج المنظومة الصحية في مدينة غزة عن الخدمة بشكل كامل.
وأكدت الوزارة أن مستشفى الرنتيسي التخصصي هو الوحيد في قطاع غزة، الذي يضم تخصصات الأورام وغسيل الكلى، وتخصصات أخرى كأمراض الجهاز التنفسي والهضمي.
من جهته، أشار مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، إلى أن أعداد الشهداء مرشحة للارتفاع بشكل كبير جراء شدة القصف الإسرائيلي، وكلما تقدم جيش الاحتلال في قلب مدينة غزة ازدادت أعداد الضحايا، وأن هذا الوضع يأتي في ظل شبه انهيار للمنظومة الصحية في المدينة، التي باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة.
بينما أكدت وزارة الصحة في غزة، أن الاحتلال يواصل عرقلة إدخال الوقود الى مستشفيات محافظة غزة، موضحة أن الاحتلال يُصرّ على منع منظمة الصحة العالمية من استخدام طُرق بديلة لإيصال الوقود لمستشفيات غزة والشمال، وأن منع توريد كميات الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات يعني توقف الخدمة الصحية بشكل كامل.
وبينت الوزارة أن هناك أزمة تُهدد بتوقف عمل مجمع الصحابة الطبي، ومستشفى الخدمة العامة، ومحطة الاكسجين المركزية، وسيارات الإسعاف، وأن مستشفيات أخرى ستتوقف خلال أيام فقط.
وأوضحت أن توقف محطة الأكسجين المركزية وسيارات الإسعاف في محافظة غزة، "يعني أننا أمام كارثة صحية وإنسانية خطيرة". وناشدت كافة الجهات المعنية التدخل العاجل لضمان الوصول الآمن للوقود اللازم لعمل المستشفيات في محافظة غزة.

 

تدمير قطاع الاتصالات
مازال قطاع الاتصالات في مدينة غزة، هدفاً للاحتلال، الذي يعمل على تدميره بشتى الطرق، بهدف قطع الخدمات عن المواطنين، ضمن سياسة الضغط عليهم بهدف تهجيرهم.
ووفق مصادر مطلعة فإن الاحتلال يستهدف قطاع الاتصالات عبر ثلاثة مسارات، الأول استهداف أبراج وبنايات مرتفعة مثبت عليها أبراج بث وتقوية لشبكات الاتصالات الخلوية والإنترنت، وهذا الأمر تكرر في الأسبوعين الماضيين على نحو واسع، ما تسبب بانقطاعات على الخدمات، وضعف في بعض المناطق.
أما المسار الثاني، فيتمثل بقيود مشددة على وصول الوقود والمعدات اللازمة لاستمرار عمل الشبكات، والمسار الثالث يتمثل في استهداف مسارات وخطوط تحت أرضية للاتصالات، كما حدث مؤخراً، ما تسبب بانقطاع الخدمات عن مناطق واسعة من المحافظة.
ووفق ما أكدته شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتل"، فقد حدث انقطاع في خدمات الإنترنت الثابت والاتصالات الأرضية في محافظتي غزة وشمال غزة، وهذا الانقطاع يأتي نتيجة استهداف عدة مسارات رئيسية مغذية للمنطقة في ظل العدوان المستمر، مبينة أن طواقم الشركة تعمل على مدار الساعة لإصلاح الأعطال في ظل الوضع الميداني الخطير.
وأثر الانقطاع المذكور على قدرة المواطنين على التواصل مع أقربائهم وذويهم، سواء داخل القطاع أو خارجه، إذ أكد العديد من سكان مدينة غزة، أن الاتصالات باتت صعبة، وخدمة الإنترنت مقطوعة عن غالبية المناطق، والتواصل مع الآخرين بات أمراً صعباً بسبب ضعف الخدمة.
وأعرب مواطنون من سكان مدينة غزة عن اعتقادهم بأن انقطاع الخدمات هو حلقة من حلقات الضغط على السكان، بهدف إجبارهم على النزوح القسري من المدينة.
كما أعرب مواطنون من سكان المدينة عن خشيتهم من أن يقوم الاحتلال بقطع جميع أشكال الاتصالات الأرضية والخلوية وشبكات الإنترنت عن المدينة، ما يتسبب بخلق عزلة تامة عن العالم.
وحذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من خطر وشيك لانقطاع كامل في شبكات الاتصالات والإنترنت في القطاع، خاصة مدينة غزة، بفعل الاستهداف المتعمد والمتكرر من جيش الاحتلال للأبراج السكنية والبنايات المرتفعة في مدينة غزة، في إطار العدوان العسكري الشامل الذي أعلنت عنه إسرائيل، والذي يهدف، صراحةً، إلى تدمير البنية التحتية المدنية، وتهجير السكان قسراً، بما يشكّل صورة صارخة من صور الاقتلاع القسري للفلسطينيين من أرضهم، وتغيير واقعهم الديموغرافي قسراً، وذلك في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 23 شهراً.

 

0 تعليق