أعلنت فرنسا و5 دول أخرى الاعتراف رسميا بدولة فلسطين بعد يوم من اعتراف مماثل صدر عن بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، في وقت تناوب فيه قادة وزعماء دول مشاركون في أعمال مؤتمر بشأن "حل الدولتين" بنيويورك على التنديد بالإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ نحو عامين.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين، وذلك في كلمة له خلال افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الرفيع المستوى من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والذي انطلق في نيويورك مساء أمس الاثنين.
وقال ماكرون إنه لم يعد بوسعنا الانتظار للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأضاف "نتحمل مسؤولية جماعية لفشلنا حتى الآن في بناء سلام عادل في الشرق الأوسط".
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن وعد إقامة دولة عربية في فلسطين لم يتحقق بعد، وعلينا واجب رسم طريق السلام في الشرق الأوسط وفعل كل ما بوسعنا للحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين.
وقال إن إسرائيل تواصل عملياتها في غزة بهدف معلن هو تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لكن حياة آلاف الغزيين لا تزال تدمر. وتابع "لا مبرر لما يحدث في غزة ويجب إنهاء الحرب لإنقاذ الأرواح".
وفي الوقت نفسه أعرب عن تعاطفه مع الإسرائيليين، وطالب بالإفراج غير المشروط عن الأسرى المحتجزين لدى حماس.

اعترافات متلاحقة
من جانبه، أعلن رئيس وزراء لوكسمبورغ لوك فريدن، اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين. وقال فريدن في كلمته خلال المؤتمر "إن حل الدولتين يظل هو الطريق الوحيد للتحرك قدما على مسار السلام الدائم".
كما أعلن رئيس وزراء مالطا روبرت أبيلا في كلمة أمام المؤتمر الدولي، اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين.
بدوره، أعلن أمير موناكو ألبير الثاني، الاعتراف رسميا بدولة فلسطين. وقال أمير موناكو في كلمة مماثلة "نود الاعتراف بدولة فلسطين بموجب القانون الدولي. يجب أن لا يبقى السلام حلما بعيد المنال، والحل القائم على دولتين يعيشان جنبا إلى جنب سيحقق الاستقرار في المنطقة".
إعلان
كما أعلنت بلجيكا أيضا الاعتراف بدولة فلسطين، وقال رئيس وزرائها بارت دي ويفر في كلمته: "الاستيطان الإسرائيلي، والعملية العسكرية للسيطرة الكاملة على قطاع غزة، وإعلان الحكومة الإسرائيلية عدم وجود دولة فلسطينية، جميعها أسباب إضافية تدفعنا لإعلان اعترافنا بدولة فلسطينية".
من جانبها، أعلنت وزيرة خارجية أندورا إيما تور فاوس من الأمم المتحدة اعتراف بلادها رسميا بدولة فلسطين.
وبقرار الدول الست يرتفع عدد المعترفين بدولة فلسطين، وفقا لوكالة الأناضول، إلى 160 من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، وذلك منذ أن أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات من الجزائر إقامتها بالعام 1988.

فرصة تاريخية
من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إن مؤتمر حل الدولتين فرصة تاريخية لتحقيق السلام.
وأضاف الوزير السعودي، في كلمته أمام المؤتمر، أن "إسرائيل تواصل ارتكاب جرائمها الوحشية في غزة وانتهاكاتها في الضفة والقدس الشريف"، داعيا بقية الدول لاتخاذ الخطوة التاريخية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وبدوره، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين يتطلب قرارات صعبة وقيادة جريئة من كل الأطراف، مؤكدا أن هذا الحل يتسق مع القانون الدولي ويحظى بتأييد المجتمع الدولي والجمعية العامة.
وشدد غوتيريش، في كلمته أمام المؤتمر، على أنه لا سلام في الشرق الأوسط دون حل الدولتين، لافتا إلى أن إقامة دولة للفلسطينيين ليس مكافأة بل هي حق، مطالبا بأن تكون مدينة القدس عاصمة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
وقال إن على من يعرقل مسار حل الدولتين الإجابة عن سؤال أساسي هو ما البديل، وطالب بتجديد الالتزام بحل الدولتين قبل فوات الأوان.
ودعا إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، ورأى أنه "لا مبرر لما وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ولا للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني". كما أكد أنه لا مبرر لما يحدث في الضفة الغربية ولا لاستمرار إقامة المستوطنات فيها من جانب إسرائيل.
قد تصل الاعترافات إلى 149 دولة مع نهاية الدورة الـ80 للأمم المتحدة.. تصاعد الاعتراف الدولي بدولة #فلسطين وسط رفض إسرائيلي ودعوات حكومية لضم الضفة الغربية بالكامل | تقرير: نسيبة موسى #حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/Eek1bTzgwW
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 22, 2025
كلمة عبر الفيديو
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فدعا، في كلمته أمام المؤتمر عبر تقنية الفيديو، الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية إلى القيام بذلك، وقال "اعترفنا بحق إسرائيل في الوجود وما زلنا نعترف بذلك".
وأكد عباس الاستعداد للعمل مع الشركاء لتنفيذ خطة السلام ضمن جدول محدد، ودعا إسرائيل للجلوس إلى طاولة المفاوضات لوقف شلال الدم، وخاطب الإسرائيليين "مستقبلنا ومستقبلكم يكمن في السلام. نرفض الخلط بين التضامن مع القضية الفلسطينية والعداء للسامية الذي نرفضه انطلاقا من مبادئنا".
إعلان
كما أكد الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام من انتهاء الحرب في قطاع غزة، ووضع قانون انتخاب يرفض مشاركة أي طرف لا يلتزم بالشرعية الدولية.
وقال عباس، الذي حرمته الولايات المتحدة من الحصول على تأشيرة لحضور المؤتمر، "نريد دولة غير مسلحة قائمة على التعددية والتداول السلمي للسلطة".
وشدد على أنه "لن يكون لحماس دور في الحكم، وعليها وغيرها من الفصائل تسليم السلاح للسلطة الفلسطينية".
وأشاد الرئيس الفلسطيني بالوساطة المصرية القطرية الأميركية، وثمّن مواقف مصر والأردن الرافضة للتهجير، كما دان الاعتداء الغاشم على سيادة دولة قطر ودول عربية أخرى.
وقال إن الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين يجب أن تتوقف فورا، معتبرا أن جرائم الحصار والتجويع ليست وسيلة لتحقيق الأمن، وطالب بإدخال المساعدات لغزة وانسحاب الاحتلال منها والإفراج عن الأسرى.
مصر والأردن وقطر وتركيا
من جانبه، قال ملك الأردن عبد الله الثاني إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.
وأضاف الملك عبد الله أنه يجب وقف الحرب الإسرائيلية على غزة وضمان تدفق المساعدات لها دون عوائق ويجب وقف عنف المستوطنين بالضفة.
أما رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي فقال إن الأمن لن يتحقق لإسرائيل عبر القوة العسكرية ومحاولة فرض الأمر الواقع. وأضاف في كلمته خلال المؤتمر أن مصر ترفض أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني، وستعمل على ضمان بقائه على أرضه وإعادة إعمار قطاع غزة.
بدوره، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن إسرائيل تسعى لقتل حل الدولتين. وأضاف أن حكومة نتنياهو تسعى إلى إجبار الفلسطينيين على الهجرة. وأوضح أن حكومة نتنياهو تهدف لجعل إقامة دولة فلسطينية أمرا مستحيلا.
كما دعا رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا كل دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين والتضامن مع شعبها. وخلال كلمته طالب رامافوزا إسرائيل بإنهاء الإبادة الجماعية في غزة واحترام قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها ووقف الاستيطان وإزالة جدار الفصل من أجل حل الدولتين.
وقال وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية سلطان بن سعد المريخي إن قطاع غزة مدمر بالكامل، بينما تتعرض الضفة الغربية لعنف وحشي. وعبر المريخي في كلمته عن إدانة دولة قطر للحملة العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت العديد من بلدان المنطقة بما فيها قطر.
رئيس وزراء #إسبانيا: #فلسطين يجب أن تحصل على عضوية كاملة في الأمم المتحدة pic.twitter.com/IAS4JAKGqo
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 22, 2025
مطالبة بالعضوية الكاملة
من جانبه، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في خطاب ألقاه في مقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس الاثنين خلال مؤتمر حول حل الدولتين إلى منح دولة فلسطين عضوية كاملة في المنظمة الدولية.
وقال سانشيز الذي ينتقد بشراسة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، إن "هذا المؤتمر يمثّل نقطة تحول لكنه ليس نهاية الطريق. هذه مجرد البداية. دولة فلسطين يجب أن تكون عضوا" كامل العضوية في الأمم المتحدة.
وانطلق مساء الاثنين بنيويورك المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالسبل السلمية وتنفيذ حل الدولتين تحت رئاسة مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا، وسط موجة من الاعترافات بدولة فلسطين، اعتبرتها أسكتلندا خطوة مهمة لكنها غير كافية، وسط رفض أميركي لها وتوعد إسرائيلي بالرد.
0 تعليق