سوق العمل الأردنية .. بطالة مرتفعة وتباطؤ النمو وتراجع الاستثمار - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عمّان - وكالات: كشفت دراسة أصدرتها دائرة الإحصاء المركزية واعدت بالتعاون مع البنك الدولي، أن سوق العمل في الأردن تمر بمرحلة حرجة تتقاطع فيها معدلات عالية للبطالة مع تباطؤ في النمو وتراجع في الاستثمار.
وأظهرت الدراسة وجود فجوة واضحة بين العرض والطلب في قطاع العمل، إلى جانب تركز معظم الفرص الجديدة في العاصمة والمناطق الحضرية، مقابل غياب المشاريع والاستثمارات عن المناطق النائية.
وأوضحت الدراسة أن معدل البطالة العام 2023 بلغ 22%، مقارنة بنسبة 18.3% العام 2017.
كما أشارت إلى انخفاض معدل التشغيل العام من 56.7% العام 2017 إلى 45.0% العام 2023، مع استمرار تفوق معدلات تشغيل الذكور على الإناث بشكل ثابت.
وتواجه سوق العمل الأردنية ضغوطا وتحديات متراكمة تعيق استدامتها، في ظل التحولات السياسية والصراعات التي تشهدها المنطقة، والتي دفعت بأعداد كبيرة من اللاجئين السوريين وغيرهم إلى الانخراط في القطاع غير النظامي، ومنافسة العمالة الأردنية في الوظائف منخفضة الأجور وطويلة الساعات.
وتُقدّر مصادر حكومية عدد الأردنيين العاطلين عن العمل بنحو 430 ألف شخص، مقابل نحو 1.2 مليون عامل غير أردني، يشكلون ما نسبته 41% من إجمالي القوى العاملة في البلاد.
وفي السياق ذاته، أوضح وزير العمل خالد البكار أن عدد عقود العمل المدعومة من البرنامج الوطني للتشغيل حتى منتصف العام 2025 بلغ نحو 51 ألفا و291 عقدا، في حين استفادت منه 1651 منشأة من منشآت القطاع الخاص.
وأضاف البكار خلال لقاء بعنوان "أثر تنظيم سوق العمل على توفير فرص عمل للأردنيين" نظمه منتدى التواصل الحكومي، إن عدد الباحثين عن العمل المسجلين خلال النصف الأول من العام 2025 تجاوز 10 آلاف باحث وباحثة، في حين بلغ عدد المشتغلين عبر مديريات وأقسام التشغيل في الوزارة نحو 3673 أردنيا وأردنية في مختلف القطاعات.
وبيّن الوزير أن حجم التمويل الذي قدمه صندوق التنمية والتشغيل خلال النصف الأول من العام ذاته، بلغ نحو 9.7 مليون دينار (13.7 مليون دولار) وموّل 733 مشروعا أسهمت في توفير 1.411 فرصة عمل في جميع المحافظات.
وفي سياق متصل، كشفت مؤشرات منصة "ماكروترندز" لأبحاث الاقتصاد العالمي عن تراجع معدل المشاركة بالقوى العاملة لعام 2024 بنسبة 0.25% مقارنة بعام 2023، إذ بلغ 23.64% مقابل 23.89% العام السابق.
ويربط الخبير الاقتصادي فيصل حوامدة هذا التراجع بانخفاض التدفقات الواردة إلى الاقتصاد الأردني، خصوصا ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، نتيجة الأوضاع السياسية والاضطرابات التي تشهدها المنطقة.
وقال حوامدة، إن البطالة تعود أساسا إلى نقص فرص العمل المتاحة، فضلا عن منافسة العمالة الأجنبية، وعدم توافق الاختصاصات الجامعية مع الاحتياجات الحقيقية لقطاعات الاقتصاد.
وبحسب دائرة الإحصاءات العامة، بلغ عدد فرص العمل الجديدة العام 2023 نحو 95 ألفا و342 فرصة، بزيادة قدرها 5838 فرصة عن العام 2022، تركزت معظمها في العاصمة والمناطق الحضرية، في حين بلغ عدد طلبات التوظيف التراكمية العام نفسه نحو 486 ألفا و118 طلبا، 86.5% منها مقدمة من حملة الشهادات الجامعية.
وتُبرز هذه الأرقام وجود فجوة كبيرة بين العرض والطلب، وضعف قدرة القطاع الحكومي على استيعاب المؤهلات الجامعية التي غالبا ما لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل.
ويصنف البنك الدولي الاقتصاد الأردني بأنه قادر على الصمود رغم الضغوط الداخلية والإقليمية، إلا أنه يعاني من بطء في النمو نتيجة تراكم مشكلات بنيوية عبر السنوات، أهمها: ارتفاع المديونية العامة، وجود عجز مالي مزمن، ومحدودية الموارد الطبيعية، وضعف الإنتاجية، وارتفاع معدلات البطالة.
ويضاف إلى ذلك عوامل خارجية أبرزها تأثير اللجوء السوري وتكلفته الاقتصادية، والاعتماد على المساعدات الخارجية، والتأثر المستمر بالظروف الجيوسياسية الإقليمية.
وفي تقريره نصف السنوي (صيف 2024)، أوضح البنك الدولي أن نمو الاقتصاد الأردني العام 2023، والذي بلغ نحو 2.7%، كان مدفوعا بقطاعات الخدمات والتعدين والسياحة. ورغم وجود بعض الزخم في الاستثمار الأجنبي، فإن الإنفاق العام والاستهلاك الأسري ما زالا مقيدين بفعل ضيق الحيز المالي والقيود التضخمية.
وتوقع التقرير أن يتراوح معدل النمو العام 2024 والسنوات التالية بين 2.5% و2.6%، مشيرا إلى تأثيرات متعددة تشمل محدودية الصادرات، واختناقات العرض، وتراجع الطلب الخارجي، إلى جانب تقلبات السيولة الخارجية والتزامات خدمة الدين.
وفي آخر توقعات صندوق النقد الدولي يتوقع أن يسجل الاقتصاد الأردني 2.7% نموا اقتصاديا العام 2025، ليرتفع إلى 2.9% العام 2026.
أكد صندوق النقد الدولي أن مؤشرات النمو الاقتصادي في الأردن لا تزال غير كافية لرفع مستويات الدخل أو خفض البطالة، إذ يواجه القطاع الخاص تحديات متعددة تتعلق بارتفاع تكاليف الطاقة، واللوائح التنظيمية المعقدة، وضعف الوصول إلى التمويل، لا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة، وجمود سوق العمل، وضعف توافق المهارات مع متطلباته.
ولفت الصندوق، خلال مراجعته الثالثة لاتفاقياته مع الأردن حول معايير الأداء، إلى أن نتائج سوق العمل ما زالت متواضعة رغم جهود الإصلاح الأخيرة، إذ لا يواكب توليد فرص العمل النمو السكاني، وتبقى معدلات البطالة مرتفعة.
ويُعدّ القطاع غير المنظم من أبرز تحديات سوق العمل الأردني. ووفق المنتدى الإستراتيجي، فإن حجم العمالة غير الرسمية يبلغ نحو 53.2%.
وأشار المنتدى - في تقرير بعنوان "دور التعليم في الحد من العمالة غير الرسمية في الأردن" - إلى أن 61.3% من العاملين بهذا القطاع دون المستوى الثانوي بالتعليم، وتبلغ النسبة بين الإناث 78%، والذكور 59.5%.
وبيّن تقرير منتدى التواصل الحكومي أن العاملين في القطاع غير الرسمي يفتقرون عموما إلى المهارات، ويتقاضون أجورا منخفضة مقارنةً بالعاملين في القطاع الرسمي.
كما أظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة أن القطاع الخاص يشغّل نحو 61.4% من إجمالي العاملين، مقابل 37.7% بالقطاع الحكومي، مع تفضيل واضح من جانب الإناث للعمل في القطاع العام، خصوصا قطاعي التعليم والصحة، نظرا لظروف العمل الأكثر استقرارا وملاءمة.

0 تعليق